المغرب: تأجيل محاكمة الخلية النائمة لـ«القاعدة» بطلب من هيئة الدفاع والقاضي يسمح للعسيري بلقاء طفليه ووالدته في قاعة المحكمة

TT

ارجأت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء النظر في قضية تنظيم الخلية النائمة لتنظيم «القاعدة» في المغرب الى 17 يناير ( كانون الثاني) المقبل. وجاء الارجاء بعد تعرض المحامي خليل الادريسي، منسق هيئة الدفاع عن المتهمين، لأزمة صحية مفاجئة مع نهاية مرافعته، وطلبه من رئيس المحكمة تعليق الجلسة مؤقتا. وبعد استئناف الجلسة اعلن القاضي ارجاء المحاكمة بسبب «الظروف الصحية» للمحامي الادريسي. وفي ختام الجلسة سمح القاضي للمتهم السعودي هلال عوض جابر العسيري، وزوجته المغربية نعيمة هارون الالتقاء بابنتيهما عافية (سنتان) وابنهيما جابر (10 أشهر). كما تمكن العسيري من عناق والدته وأخيه اللذين قدما من السعودية لحضور المحاكمة.

واستغل أصهار المتهمين السعوديين الفرصة للسلام على بناتهم المعتقلات. وشوهد المتهم السعودي زهير هلال محمد الثبيتي، وهو يقبل رأس والدة صديقه العسيري.

ومنذ اعتقال العسيري وزوجته في 12 مايو (أيار) الماضي من قبل المخابرات المغربية، وهو يعتزم مغادرة المغرب باتجاه السعودية رفقة طفليه وزوجته، لم يتمكن من رؤية أبنائه إلا مرة واحدة بتدخل من السفارة السعودية، حيث تم وضع المعتقلين في زنازن انفرادية في حين بقي الطفلان مع أصهاره في الرباط.

وحسب محاضر التحقيق فإن العسيري، وهو من مواليد عام 1971 في نجران بالسعودية، حيث كان يشتغل إماما في مسجد السوق بتبوك، وموظفا في منظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدم إلى المغرب في المرة الأولى صيف عام 2000 بغرض الزواج بعد أن شجعه على ذلك صديق سعودي متزوج من مغربية. وفي ضيافة صديقه بالرباط تعرف على نعيمة هارون وتزوجها عرفيا لتعذر إنجاز العقد الشرعي الذي يتطلب الحصول على موافقة من السلطات السعودية. وكان العسيري متزوجا منذ عام 1995 من مواطنته السعودية مريم إبراهيم وله معها أربعة أبناء.

بعد زواجه من نعيمة هارون عاد العسيري إلى السعودية حيث قضى نحو أربعة أشهر، ولما علم أن زوجته المغربية حامل قرر نقلها إلى السعودية، فاستعمل صورة نعيمة هارون في إنجاز جواز سفر سعودي باسم زوجته السعودية مريم إبراهيم ثم جاء للمغرب لاصطحاب زوجته التي ولدت طفلتها في السعودية وسجلها هناك على أنها من زوجته الأولى مريم إبراهيم.

وتنسب المحاضر لنعيمة هارون أن زوجها تعرف، بعد نحو سنة ونصف السنة من إقامتهما بالسعودية، على شخص أردني شجعه على السفر إلى أفغانستان من أجل الجهاد. وسافر العسيري مع زوجته المغربية إلى كراتشي عبر قطر، ومنها إلى كويتا ثم قندهار حيث سجل نفسه في يوليو (تموز) 2001 بمضافة «الحادجي حبش» التابعة لـتنظيم «القاعدة». وتعرف خلال مقامه في أفغانستان على زهير هلال الثبيتي وعلى عبد الله بن مسفر الغامدي المتهمين معه حاليا في قضية الخلية النائمة لتنظيم «القاعدة» بالمغرب.

وبعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول) وانسحاب المجاهدين العرب من أفغانستان، عاد العسيري وزوجته إلى المغرب. وفي طريق العودة وضعت نعيمة هارون ابنها الثاني من العسيري في مدينة كاراتشي خلال شهر رمضان ما قبل الماضي. ووصلا إلى المغرب قبل عيد الأضحى بنحو 10 أيام برفقة المغربية فاطمة الزهراء بنموجان التي كانت بدورها في أفغانستان، وهي شقيقة زوجة الثبيتي المغربية رجاء بنموجان التي قتلت في قندهار خلال القصف الأميركي.

وحسب المحاضر، فإن العسيري التقى في المغرب بكل من زهير الثبيتي وعبد الله الغامدي، وبدأوا يفكرون في تنفيذ المهمة الاستطلاعية التي كان قد كلفهم بها الملا أحمد بلال منسق العمليات الانتحارية لـتنظيم «القاعدة»، والتي تتعلق بالقيام بمهمة استطلاعية في مدينتي سبتة ومليلية، اللتين تحتلهما إسبانيا شمال المغرب، حول حركة البواخر البريطانية والأميركية في مضيق جبل طارق في إطار التخطيط لضرب أهداف أميركية بالمنطقة.

وكانت آخر اتصالات العسيري بالملا بلال في المغرب، حسب المحاضر، عبر تلقيه رسالة الكترونية، تحثه هو وأصدقاؤه على الدخول إلى السعودية. وبعد ذلك توصلوا بمبلغ مالي عن طريق شخص يدعى «نواف» لتمويل سفرهم. وكان العسيري على وشك مغادرة المغرب عندما اعتقلته المخابرات المغربية في مطار محمد الخامس يوم 12 مايو (ايار) الماضي.

وخلال جلسة محاكمة أمس التمس المحامي الإدريسي، من القاضي استبعاد محاضر التحقيق. وقال إن الطريقة التي تم بها الاعتقال والتحقيق وتحرير المحاضر خرقت كل مقتضيات القانون الجنائي المغربي. وأضاف الإدريسي أن القانون ينطلق من التثبت من وقوع الجريمة لإسناد مهمة البحث حتى لا يتم التعامل مع المتهمين على أساس افتراءات أو جريمة محتملة، بعد ذلك يتكلف بجمع الأدلة عن مرتكبي الجريمة ويكون الاعتقال في المرحلة الأخيرة. وأشار الى أن الذي حدث في هذه القضية هو العكس تماما. فقد تم اعتقال أشخاص وانتزعت منهم الاعترافات مفادها أنهم سيقومون بجرائم، وفي ذلك قلب لطريقة العمل، حسب المحامي، حيث أصبح المتهم هو محور القضية وليس الجريمة.

وعدد المحامي خمسة خروقات، أولها أن عملية إلقاء القبض على المتهمين لم تتم بشكل قانوني من قبل ضباط الشرطة القضائية، وإنما تمت في شكل اختطاف من طرف مجهولين بثياب مدنية وبسيارة مدنية أمام مطار محمد الخامس. وأن تاريخ إلقاء القبض عليهم في 12 مايو 2002 مخالف للتاريخ المصرح به في المحاضر، وهو 10 يونيو (حزيران) الماضي على الساعة الثالثة بعد الظهر، وتم نقلهم إلى مكان مجهول حيث تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وتم استنطاقهم من قبل عناصر مخابرات ينتمون لجنسيات مختلفة.

وأشار المحامي إلى أن ما ورد في نهاية المحاضر بشأن إخبار السفير السعودي في الرباط بالاعتقال غير صحيح ، وأن السفير السعودي نفى أن يكون قد تم إخباره، وأدلى المحامي بشهادة مكتوبة من السفارة السعودية حول ذلك.

وحضر جلسة أمس 22 شاهدا طلبهم دفاع المتهمين، بينما تغيب سفير السعودية لدى المغرب عن حضور الجلسة.