محكمة النقض المصرية تعتبر أن «التناقض في الحكم» هو السبب المباشر لقبولها الطعن في سجن سعد الدين إبراهيم

إبراهيم يرحب ومصدر قضائي يؤكد تزايد احتمالات البراءة في القضية لسقوط سند الاتهامات

TT

اعتبرت محكمة النقض المصرية وهي اعلى مراتب التقاضي في مصر، ان التناقض في الحكم الذي صدر من محكمة امن الدولة العليا (الجنايات) بحبس عالم الاجتماع المصري بالجامعة الاميركية في القاهرة الدكتور سعد الدين ابراهيم، هو السبب الاساسي في نقض الحكم ضده.

واشارت المحكمة في أسباب حكمها الى ان الحكم المطعون فيه ذكر في موضع ان المبالغ كانت تنفيذا لعقد مدني ينشىء التزامات بينهما، كما اورد الحكم ان المبالغ التي دفعت لسعد الدين ابراهيم من الاتحاد الاوروبي وهي 271 ألف يورو، دفعت على سبيل الهبة والتبرع بالمخالفة للامر العسكري رقم 4 لسنة 1992 مما يعيب الحكم، ويستوجب نقضه، واضافت «كيف يمكن الحصول على المال بوضعين مختلفين ينفي كلاهما الاخر لانه التبرع بالمال يتناقض مع الحصول عليه بطريق الاحتيال مما يعيب الحكم بالتناقض في الاسناد وفي التسبيب ولا يعرف معه أي الامرين استقر في عقيدة المحكمة عن وسيلة حصول الطاعن على المال، وبالتالي تعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها في الحكم مما يعيبه ويوجب نقضه للطاعن وباقي الطاعنين لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة».

وحددت محكمة النقض جلسة 4 فبراير (شباط) المقبل لنظر القضية والتي حمل الطعن فيها رقم 390725 لسنة 1973 قضائية من ناحية الموضوع، واوضحت ان نظرها القضية يأتي لان النقض في الحكم صدر لمرتين متتاليتين وبالتالي لا يجوز احالته لمحكمة اخرى بل تتعدى محكمة النقض بذاتها النظر في موضوع القضية.

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» اكد مصدر قضائي ان حصول سعد الدين ابراهيم ومعاونيه على البراءة من محكمة النقض اصبحت احتمالاته متزايدة لسقوط سند الاتهامات في القضية وهو تلقي الاموال، فقد ادين سعد ومعاونيه بثلاث تهم وهي «تلقي تبرعات من الخارج بالمخالفة للامر العسكري رقم 4 لسنة 1992، واشاعة بيانات كاذبة في الخارج تسيء لسمعة مصر والنصب على الاتحاد الاوروبي بهدف الحصول على اموال» وحيث ان محكمة النقض استندت في قبولها للطعن الى اساس تعارض وصف الحصول على الاموال من الاتحاد الاوروبي وهل كانت نتيجة نصب أم عقد مدني، فمن المرجح انه عند نظرها للقضية ستراعى هذه الجزئية وتضعها في الاعتبار وتمنح البراءة لسعد ومعاونيه.

من جهته استقبل سعد الدين ابراهيم الحيثيات التي أعلنتها محكمة النقض لأسباب قبولها الطعن في الحكم الصادر ضده بحفاوة كبيرة، وقال في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» انه سعيد بفطنة محكمة النقض الى جوهر القضية ووضوح الحقيقة أمامها بأن هناك تناقضا في وصف الحصول على أموال من الاتحاد الاوروبي في أدلة الاتهام وفي أسباب الحكم، وأشار سعد الى ان الاتحاد الاوروبي أرسل ثلاثة تقارير موثقة أكد فيها انه لا توجد أية مخالفة في المعاملات المالية مع مركز ابن خلدون وهيئة دعم الناخبات وسنقدم الى محكمة النقض نسخة منها عند بدء النظر في موضوع القضية، وتوقع سعد ان تنصفه محكمة النقض وتمنحه البراءة كما أنصفته قبلا مرتين بقبول الطعن في الحكم الصادر ضده بالسجن 7 سنوات من محكمة جنايات أمن الدولة.

وكانت محكمة النقض المصرية (أعلى مراتب القضاء في مصر) قد قضت يوم 3 ديسمبر (كانون الاول) الجاري بالافراج عن عالم الاجتماع المصري بالجامعة الاميركية في القاهرة مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية الدكتور سعد الدين ابراهيم بعد قبولها الطعن ضد الحكم بحبسه 7 سنوات، كما قررت التصدي لنظر موضوع القضية أمام نفس الدائرة ونفس الهيئة يوم 7 يناير (كانون الثاني) المقبل، إلا ان قرار الرئيس المصري حسني مبارك بعد ذلك بجعل ذلك اليوم اجازة عامة لكل المصريين حيث كان قاصرا على المسيحيين فقط أدى الى تأجيل نظر القضية الى يوم 4 فبراير القادم.

وشمل حكم محكمة النقض المصرية ثلاثة متهمين آخرين هم محمد حسنين عمارة مساعد شرطة وماجدة البيه موظفة بمركز ابن خلدون والذين سبق ان عاقبتهم محكمة امن الدولة العليا بالحبس ثلاث سنوات لكل منهما ونادية عبد النور مديرة حسابات بالمركز بالحبس لمدة عامين. وكانت نيابة امن الدولة العليا قد وجهت اتهامات للدكتور سعد الدين ابراهيم بجمع تبرعات من الخارج من دون الحصول على اذن بذلك من الجهات المختصة ونشره اخبارا وبيانات كاذبة تسيء لسمعة مصر في الخارج والتزوير في محررات رسمية عبارة عن تذاكر انتخابات.

يذكر أن الدكتور سعد الدين ابراهيم قضى في السجن 16 شهرا على فترات متفاوتة الأولى 40 يوما على ذمة القضية بدأت من 30 يونيو (حزيران) 2000 واستمرت حتى 10 اغسطس (اب) من نفس العام، والثانية كانت قرابة 11 شهرا بدأت في 21 مايو (ايار) 2001 عقب صدور الحكم للمرة الأولى بسجنه 7 سنوات واستمرت في قبول الطعن واعادة المحاكمة والفترة الثالثة وهي نحو أربعة أشهر بدأت في 29 يوليو (تموز) الماضي عقب صدور الحكم للمرة الثانية بحبسه بنفس العقوبة 7 سنوات والمستمرة حتى امس قبل ان تنعقد جلسة محكمة النقض التي قبلت الطعن وقررت الافراج عنه.

وترجع وقائع قضية مركز ابن خلدون الى ليلة 30 يونيو عام 2000 حيث ألقي يومها القبض على سعد الدين ابراهيم و27 من العاملين والمتعاملين معه ومع مركز ابن خلدون وهيئة دعم الناخبات وبعد تحقيقات استمرت 40 يوما من 30 يونيو حتى 10 اغسطس 2000 افرج عن المتهمين الذين تم حبسهم على ذمة التحقيقات وفي 24 سبتمبر (ايلول) 2000 صدر قرار الاحالة الى القضاء ووجهت الى سعد الدين ابراهيم أربعة اتهامات وهي: تلقي تبرعات من الخارج من دون الحصول على ترخيص بذلك بالمخالفة للأمر العسكري رقم 4 لسنة 1992 حيث تلقى 271 ألف يورو من الاتحاد الاوروبي بغير ترخيص سابق أو اخطار لاحق للجهات المختصة، واذاعة بيانات كاذبة وشائعات مغرضة تتعلق ببعض الاوضاع الداخلية للبلاد من شأنها اضعاف هيبة الدولة بخصوص تزوير الانتخابات واضطهاد الاقباط، والنصب على الاتحاد الاوروبي بتقديم أوراق مزورة بهدف الحصول على أموال والاتفاق الجنائي على تقديم رشوة، وبعد ان تداولت محكمة جنايات أمن الدولة العليا برئاسة المستشار محمد عبد الجيد شلبي نظر القضية اصدرت في 21 مايو 2001 حكمها بمعاقبة سعد الدين بالسجن 7 سنوات ومعاقبة خمسة من معاونيه ما بين عامين وخمسة أعوام.

وعندما تقدم الدفاع بطعن في الحكم امام محكمة النقض، قبلت المحكمة الطعن وأمرت باعادة نظر القضية امام دائرة أخرى، وفي 27 ابريل (نيسان) 2002 بدأت هيئة محكمة جنايات أمن الدولة برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة في نظر القضية مجددا وبعد ثلاثة أشهر وفي 29 يوليو 2002 اصدرت حكمها بمعاقبة سعد بنفس العقوبة السابقة وهي السجن 7 سنوات ومعاقبة ثلاثة من معاونيه وهم: نادية عبدالنور وماجدة البيه ومحمد عمارة بالسجن لمدة عامين للأولى وثلاثة أعوام للثانية والثالث، وأوقفت العقوبة بالسجن لمدة عام عن باقي المتهمين، وقد تقدم الدكتور ابراهيم صالح رئيس هيئة الدفاع عن سعد الدين ابراهيم ومعاونيه بالطعن مجددا في الحكم الصادر ضد موكليه وحددت محكمة النقض جلسة 3 ديسمبر الجاري لنظر الطعن، وأصدرت حكمها السابق بقبول الطعن، وسيكون الحكم الذي تصدره هذه المرة باتاً ونهائياً سواء كان حكماً بالبراءة أو الادانة ولا يجوز مراجعته أمام أية هيئة قضائية أخرى لان محكمة النقض هي قمة الهرم القضائي حسب القانون المصري.