سياسيون لبنانيون سمعوا في دمشق أصداء غير مشجعة على تغيير حكومة الحريري

الحسيني يطالب بقانون انتخاب يعتمد على 5 دوائر كبرى

TT

يتوقع ان يستغل المسؤولون الايام المتبقية من السنة الحالية لتقويم الاوضاع وما اتخذ طوال السنة من خطوات ومواقف على كل المستويات استعداداً لاستقبال السنة الجديدة بتوجهات عملية تركز على وجوب وضع البلاد على سكة المعالجات المطلوبة لاوضاعها الاقتصادية والمالية.

وقالت مصادر نيابية ان الكلام عن تغيير الحكومة، الذي سيزدهر لمناسبة مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لسنة 2003 خلال الشهر المقبل، لن يؤدي الى هذا التغيير لان المعنيين يدركون جيداً ان اوانه لم يحن بعد، وقد تلقوا اخيراً اصداء غير مشجعة من دمشق التي التقى فيها الرئيس السوري بشار الاسد قبل يومين نائب رئيس الحكومة اللبنانية عصام فارس الذي استبق زيارته للعاصمة السورية بموقف اعلن فيه تلقيه خبر وفاة الحكومة «بمزيد من الاسى واللوعة»، مشيراً الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري هو الذي «تولى نعي الحكومة للرأي العام اللبناني وحدد مراسم دفنها بعد اقرار موازنة الدولة في مجلس النواب».

وفيما بدا من التطورات ان بعض اركان الحكم غير مقتنع بان تغيير الحكومة هو شرط لازم ومطلوب للانطلاق في المعالجات الاقتصادية والمالية، اكدت المصادر النيابية ان اقطاباً سياسيين في البلد، تؤيد بعض اهل الحكم في عدم الاقتناع بجدوى هذا التغيير، وتذهب الى حد القول ان الذين يروجون له انما يريدون تصوير المشكلة وكأنها كامنة في الحكومة وان تغييرها هو الحل. واشارت هذه المصادر الى ان طرح البعض التغيير حالياً غايته التعمية عن المشكلة الكامنة في الاوضاع الاقتصاية والمالية، في حين ان تغيير الحكومة في المرحلة الراهنة لن يؤدي الى الاتيان بحكومة افضل منها من حيث نوعية وزرائها ومواصفاتهم. واضافت هذه المصادر ان المطلوب، اذا كان لا بد من التغيير، هو الاتيان بحكومة يتمتع اعضاؤها بصدقية لدى الرأي العام ويتمكنون من استعادة ثقته المفقودة بالدولة، وبالتالي وضع خطة انقاذية سريعة تكون مدتها سنة من اجل البدء بمعالجات عملية وجادة للمشكلات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية.

وفي هذا المجال قال الرئيس السابق لمجلس النواب اللبناني حسين الحسيني لـ«الشرق الأوسط» ان خطة الحكومة العتيدة ينبغي ان تتضمن مجموعة بنود اساسية مطلوبة لانقاذ البلاد من مشكلاتها «لان الوضع بات يفرض على الجميع تسمية الاشياء باسمائها من دون لف او دوران. فالمطلوب اولاً الغاء صناديق الهدر المنظور وغير المنظور باعتبار ان هذه الصناديق التي مولت انتقال الميليشيات من الشارع الى السلطة لم يعد ممكناً التغاضي عن الضرر الذي تلحقه بالمال العام».

واضاف الحسيني «ان المطلوب ثانياً هو وضع قانون جديد للانتخاب يؤمن صحة التمثيل السياسي والشعبي للبنانيين على اختلاف طوائفهم وفئاتهم وقواهم السياسية في مجلس النواب، والصيغة الفضلى تكمن في اعتماد المحافظة دائرة انتخابية واحدة بحيث يتكون لبنان من خمس دوائر انتخابية هي المحافظات الخمس التي يتكون منها حالياً من دون الدخول في مشاريع تقسيمه الى تسع محافظات او اقل او اكثر كما هو متداول لأن هذا التقسيم يجعلها اشبه بكانتونات في حين ان المطلوب ان يؤدي هذا الانتخاب الى تأمين مصالح اللبنانيين جميعاً عبر انخراطهم في عملية انتخابية تذوب معها كل العوامل الطائفية ويتعاون خلالها جميعاً على ايصال من يمثلهم الى الندوة النيابية».

ويعتقد الحسيني في هذا المجال ان الانتخاب يجب ان يتم من خلال اعتماد كل من المحافظات اللبنانية الخمس دائرة واحدة بعد تأهيل على اساس القضاء او اعتماد النسبية.

وفي رأي الحسيني ان الانتخاب الفرعي الذي جرى في دائرة المتن الشمالي مطلع يونيو (حزيران) الماضي بما تخلله وما ادى اليه، كشف بوضوح ان اجراء الانتخاب على اساس اعتماد القضاء دائرة واحدة، (اي الدوائر الصغرى) لم يعد صالحاً في اي انتخابات مستقبلية، حتى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب جنبلاط، لم يعد في وارد القبول بصيغة الدوائر الصغرى في رأيي حتى ولو تم دمج قضاءي الشوف وعاليه في دائرة واحدة او جُعِلا محافظة واحدة بتقسيم محافظة جبل لبنان الى ثلاث محافظات. وفي اطار مشروع جعل لبنان 9 محافظات.

ويقول الحسيني ان طرح لبنان دائرة انتخابية واحدة لا يمكن ان يكون الصيغة الفضلى لقانون الانتخاب في وقت لم يبدأ العمل على الغاء الطائفية السياسية عبر الشروع في اصدار قانون تأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية المنصوص عنها في المادة 95 من الدستور، فالقول بالغاء الطائفية من دون ايجاد هذه الهيئة امر يثير الخوف والقلق هنا وهناك لدى اللبنانيين، فيما تأليف هذه الهيئة واختيار العناصر التي تتكون منها الى جانب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وهي شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية هو ما يزيل هذين الخوف والقلق. وفي اي حال فإن كل المعطيات القائمة في اجواء بيروت ودمشق لا توحي ان التغيير الحكومة بات وشيكاً كما يظهر من خلال المواقف والتصريحات التي تصدر عن مراجع ومسؤولين ونواب وسياسيين من فئات مختلفة، صحيح ان الوضع العراقي مقلق للبنان وسورية ولكل العرب في هذه المرحلة، لكن الصحيح ايضاً ان الوضع الداخلي اللبناني ليس في السوية التي تسمح بالدخول في تغيير حكومي لم يتفق المعنيون على جدواه بعد.