«المباحث الأميركي» طلبت 200 متحدث بالعربية وفوجئت باستفسارات من 20 ألفا

TT

بعد اسبوع من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 الارهابية عقد مسؤولون استخباريون من اجهزة حكومية اميركية مختلفة اجتماعا لمطاردة تنظيم «القاعدة»، واصدر مدير مكتب المباحث الفيدرالي (اف.بي.اي) روبرت مولر دعوة عامة للمتحدثين بالعربية للانضمام لمكتب المباحث. وهو ما فعلته وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه)، والبنتاغون (وزارة الدفاع) ووكالة الامن القومي، التي تحتاج الى لغويين للتنصت على المحادثات حول العالم.

وتدفقت على مولر الذي كان يأمل في استخدام 200 متحدث بالعربية فورا، استفسارات من اكثر من 20 ألف متحدث بالعربية. وبدأت وكالة الامن القومي التي تعرضت لانتقادات، لفشلها في ترجمة محادثات هاتفية تلمح للهجمات، في فحص 73 ألف سيرة مهنية.

وتحول ما كان قبل 15 شهرا سيلا من «مساعدين لغويين» الى مجرى صغير من الوظائف، طبقا لما ذكره المسؤولون. وقد احتاج تشغيل مترجمين وقتا طويلا، ولاسيما في وظائف تحتاج الى تصريحات امنية وتحقيقات مكثفة حول خلفيات الاشخاص.

وقد استخدمت وكالة الامن القومي 800 شخص هذا العام، ولكنها في حاجة الى اخرين وتأمل في مضاعفة العدد في العام القادم. بينما استخدم مكتب المباحث الفيدرالي 300 شخص تقريبا، كمترجمي لغات ولكن 100 منهم فقط من المتحدثين بالعربية. وذكر المسؤولون ان المكتب لا يستخدم الا مجموعة قليلة تتحدث العربية، ربما اقل من 25 شخصا.

واوضحت مارغريت غولوتا رئيسة خدمات اللغة في مكتب المباحث الفيدرالي «من بين كل عشرة اشخاص نستخدم واحدا فقط».

واوضحت غولوتا ان 65% من مقدمي الطلبات يفشلون في اختبار اللغة الذي يجريه المكتب، بينما يفشل 20% في اختبار كشف الكذب و10% يتم استبعادهم لاسباب امنية. وقد استخدم المكتب 286 مترجما ولغويا منذ 11 سبتمبر 2001 في كل اللغات سواء كموظفين دائمين او تعاقدات.

تجدر الاشارة الى ان الموظفين الجدد الذين يتعاملون في مواد سرية يجب اجراء تحقيقات عن خلفياتهم يمكن ان تستمر لمدة 6 اشهر، مما يؤدي الى تعطيل استخدامهم.

وافاد كفين هندزل من جمعية المترجمين الاميركيين «ان هذا الاختناق خلق مشاكل ضخمة لهم، ولكن مكتب المباحث يعتبر انه من الافضل خلق عقبات ضخمة لمنع استخدام الجواسيس. اما وكالة الاستخبارات المركزية فهي اسوأ من ذلك، فليس لديهم معلومات علنية حول هذا الموضوع. ومن المعروف ان جمعية المترجمين تساعد الحكومة على استخدام متحدثين بالعربية والاوردية والباشتو والفارسية وغيرها من اللغات.

وفي بعض المؤسسات الحكومية مثل وزارة الدفاع، توجد مدارس خاصة لتعليم اللغات الاجنبية، وقد كثفت جهودها بالنسبة للغات الشرق الاوسط. وذكر غلن نوردين مدير سياسة الاستخبارات المسؤولة عن معهد لغات الدفاع، ان 500 متحدث بالعربية سيتخرجون من مركز اللغات الاجنبية بعد دورة دراسية استغرقت 63 اسبوعا، وهي زيادة تمثل 20% عن العام الماضي.

بينما تنظم القوات الخاصة الاميركية، التي تتعامل عادة مع السكان المحليين في الخارج، دورات دراسية اقصر في فورت براغ بولاية نورث كارولينا. واضاف نوردين «يفضلون اختيار اشخاص يتحدثون تلك اللغات اصلا».

الا ان المتحدثين الاصليين لا يملكون المهارات التي تتطلبها وكالات الاستخبارات، كما ذكر هندزل، الذي عمل مترجما في البيت الابيض على جهاز الاتصال بالكرملين خلال الحرب الباردة.

واوضح ان «قيمة المتحدثين الاصليين محدودة. فلغة الحديث اليومية بالاوردية ليست هي نفسها المستخدمة في صناعة قنبلة. ان افضل الذين يتم استخدامهم للعمل في الاستخبارات هم المدربون اكاديميا وعاشوا في الخارج».

وكشف استطلاع ان 614 طالبا فقط يدرسون الباشتونية والدارية والفارسية والاوزبكية، في الولايات المتحدة.

وفي منطقة ديترويت حيث يعيش اكبر تجمعات الاشخاص القادمين من الشرق الاوسط، وظف مكتب المباحث اول متحدث بالعربية في العام الماضي وينوي توظ:1cلمزيد.

وافاد جون بل الذي كان يرأس فرع مكتب المباحث في ديترويت حتى العام الماضي، ثم اصبح مديرا لفرع وكالة امن الوطن في ديترويت «كلما اجرى عميل من المكتب تحقيقاته عبر مترجم يضيع شيء ما». وقال انه يود تعيين اكثر من عشرين منهم.

وفي المهرجان العربي الدولي الذي نظم اوائل هذا العام. اقترب العديد من الناس من عملاء المكتب الذين كانوا يقفون في جناح التوظيف وسألوا «لماذا انتم هنا؟».

وقالت ميلني كرسي «كنت اقول لهم، نحن هنا للبحث عن موظفين، غير انهم كانوا يقولون: لماذا انتم هنا حقا؟، هل انتم هنا للتجسس علينا؟» واضافت «سمعت هذا السؤال طوال الوقت. يمكنني القول انني سمعته خلال عطلة نهاية الاسبوع اكثر من 100 مرة».

واوضح عماد حماد المدير الاقليمي للجنة العربية ـ الاميركية لمناهضة التمييز في ديترويت ان البعض يتردد في الثقة بمكتب المباحث. ولكنه قال انه يرحب باستخدام عملاء للمكتب من العرب الاميركيين. واوضح «انه يجب اعتبار استخدام عربي اضافة لجعل الوكالة اكثر حساسية ووعيا وفهما للتحديات التي نواجهها». وقال ان جهود الاستخدام تشير «الى اننا نسير في الاتجاه السليم».

وقالت غولوتا انها لم تر اية عداوات ضد المكتب. «لم نعثر على اي عراقيل للاستخدام. وقد ذكر الناس نريد القيام بشيء لبلادي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»