فرنسا تتهيأ لرئاسة مجلس الأمن ورئيس وزرائها لا يعتبر العثور على أسلحة محظورة في العراق مبررا للحرب

TT

تتأهب فرنسا تسلم رئاسة مجلس الأمن الدولي من كولومبيا، بدءا من أول الشهر المقبل، فيما عادت باريس للتأكيد مجددا على الدور الذي يتعين على المنظمة الدولية الاضطلاع به في ادارة الملف العراقي. بينما الاستعدادات العسكرية الأميركية في منطقة الخليج تتسارع وتيرتها، تمهيدا لحملة عسكرية ضد بغداد يتوقع انطلاقها عقب التقرير الذي سترفعه لجنة التفتيش الدولية عن الاسلحة والوكالة الدولية للطاقة النووية في السابع والعشرين من الشهر المقبل.

ورغم عطلة الأعياد وغياب غالبية المسؤولين الفرنسيين عن العاصمة باريس، فان فرنسا، بصوت رئيس وزرائها جان ـ بيار رافارين حرصت على اعادة تأكيد تمسكها بدور مجلس الأمن في التعاطي مع المسألة العراقية. فقد اعلن رافارين، في مقابلة صحافية نشرتها امس جريدة «لا مونتاني» ان مجلس الأمن الدولي هو «الجهة الوحيدة المؤهلة لتعبئة المجموعة الدولية» من اجل الحرب في العراق، في اشارة صريحة للولايات المتحدة الأميركية التي ما انفكت عن قرع طبول هذه الحرب.

واعتبر رافارين ان الحرب «هي الخيار الاخير بعد ان نكون قد جربنا كل الخيارات من اجل تفاديها» مما يعكس تحفظات فرنسا ازاء «الحل العسكري»، الذي تدعو اليه واشنطن.

وفضلا عن ذلك، يرى رئيس الوزراء الفرنسي ان بلاده تريد «التحقق من فرضية ان العراق قد راكم اسلحة الدمار الشامل. واذا تبين ذلك، فيجب اتخاذ الاجراءات الضرورية من اجل تدميرها». وخلص رافارين الى القول: «هذا هو هدف فرنسا» في العراق.

وينذر هذا الموقف الفرنسي بأكثر من سجال في مجلس الأمن الدولي حيث تسعى واشنطن الى حجة تبرر عملا عسكرية ضد بغداد وتسوّقها على انها «انتهاك مادي» للقرار 1441. وبحسب تصريحات رافارين، التي لا بد انه تشاور بشأنها مع رئيس الجمهورية جاك شيراك ووزير الخارجية دومينيك دو فيلبان، فان عثور المفتشين على اسلحة دمار عراقىة لا يعني بالضرورة اعلان الحرب على العراق، فيما تكرر باريس دعوة العراق الى التعاون التام والكامل مع المفتشين الدوليين.

ولخصت مصادر فرنسية الموقف الأميركي من عمليات التفتيش على الاسلحة العراقية كالتالي: اذا لم يعثر المفتشون على اسلحة دمار شامل، فان واشنطن ستتهم بغداد باخفائها وبعدم التعاون من اجل نزعها وبالتالي فانها ستسوق فكرة ان العمليات العسكرية وحدها يمكن ان تحقق هذا الهدف. اما اذا عثر المفتشون على هذا النوع من الاسلحة، فسترى واشنطن عندها تأكيدا لما تقوله باستمرار من ان العراق ما فتئ يكذب وينتهك القرارات الدولية التي تحرمه من امتلاك هذه الاسلحة وبالتالي تجب مهاجمته.

وتنتظر الاوساط الفرنسية ان تلعب باريس دورا رئيسيا، من خلال ترؤسها مجلس الأمن في «ادارة» الازمة مع العراق حيث نص القرار 1441 على «العودة» الى المجلس قبل السير بأي عمل عسكري ضد العراق. وباستطاعة باريس ان تتوكأ على دعم روسيا وحليفتها ألمانيا التي ستدخل مجلس الأمن كعضو غير دائم العضوية لمواجهة أية رغبة أميركية في عملية عسكرية منفردة. ورغم ان باريس توافق واشنطن، جزئيا، لجهة تقويمها لبيان الاسلحة العراقي حيث تعتبر ان العراق ما زال يملك عددا من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، الا انها تخالف الولايات المتحدة في كيفية التعاطي معها، اذ انها تصر على دعم عمل المفتشين وعلى الالتزام الكامل بالقرار 1441.

وبموازاة ذلك، تريد باريس ان تعمل من اجل المحافظة على وحدة مجلس الأمن الدولي، كما فعلت خلال الاسابيع التي سبقت تبني المجلس للقرار الاخير بصدد العراق. وتعتبر الدبلوماسية الفرنسية ان الحصر على الاجماع هو افضل الطرق لتكبيل واشنطن وحرمانها من مبادرات منفردة تتخوف باريس من تأثيراتها على استقرار كل منطقة الخليج والشرق الأوسط.