السفير الأميركي في القاهرة: الخلافات مع مصر صحية ولا تدعو للقلق.. وقطع المساعدات غير مطروح إطلاقا

قال إن مبادئ باول تستهدف بناء مشاركة وواشنطن لا تسعى لفرض إرادتها على الدول العربية

TT

اعترف السفير الاميركي في مصر ديفيد وولش بوجود خلافات بين بلاده والادارة المصرية خاصة حيال قضايا الشرق الأوسط والأزمة العراقية، لكنه عاد ووصف هذه الخلافات بأنها «صحية» ولا تدعو للقلق لأنها لا تؤدي الى القطيعة أو التهديدات المتبادلة.

وقال وولش ان الخلافات بين البلدين خلافات «في وجهات النظر وليس في الأهداف الاستراتيجية الأساسية التي تسعى الدولتان لتحقيقها، وهي اقرار السلام بين الدول العربية واسرائيل كأولوية، والتزام العراق بقرارات الأمم المتحدة وعدم تهديد المواطنين في الداخل أو في الدول المجاورة».

واشار الى انه تجري حاليا مباحثات مكثفة بين مصر والولايات المتحدة لاعادة هيكلة المعونة الأميركية لمصر لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها بسرعة وفاعلية. وأضاف أن هناك مقترحات مصرية تجري مناقشتها حاليا لتوجيه المعونة الاميركية لتحسين الفرص الاقتصادية لمصر، وزيادة التجارة وتوفير المزيد من فرص العمل.

وقال: «تم الاتفاق بشكل مبدئي بين الجانبين على التركيز على إعادة هيكلة المعونة، واعطاء الأولية للتعليم وتحسين أداء منظمات المجتمع المدني ووضع المرأة، اذ اننا نرغب في تحقيق نتائج أفضل للمعونة الاميركية في مصر لتحصل على تأييد أكبر من جانب الرأي العام والسياسيين في البلدين».

ونفى وولش وجود تهديدات بقطع المعونة الاميركية عن مصر قائلا: «قطع المعونة ليس مطروحا على الاطلاق.. هذه المعونة ستستمر لأنها تحقق مصلحة الطرفين».

وتابع: «إن أميركا لا تهدد مصر كما أن مصر لا تهدد أميركا، ومن الاهمية بمكان بناء جسور التفاهم والثقة والمصداقية بين الشعبين في المقام الاول». وأوضح أن ما ينشر في بعض وسائل الاعلام الأميركية من حين لآخر يمكن تفسيره على انه نوع من القلق لدى الرأي العام الأميركي، مثلما يكون أحيانا عند الرأي العام المصري، بشأن الأوضاع في المنطقة وكيفية النظر الى الولايات المتحدة، حيث يكون هناك انزعاج من طريقة رؤية الولايات المتحدة وتغيير مواقفها حيال الاوضاع السائدة». وأكد وولش أن مصر بلد آمن تماما وانه يشعر بالأمان التام اثناء اقامته في مصر. وقال انه فضل قضاء أعياد الميلاد في مصر بصحبة بعض الأصدقاء الذين دعاهم للحضور لتنشيط السياحة الاميركية. لكنه اعترف بانه يشعر «احيانا ببعض المشاعر العدائية ومشاعر الغضب تجاه بعض السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة».

وقال ان الاختلاف في وجهات النظر بين الاصدقاء لا ينبغي ان يؤدي للغضب أو اللجوء للعنف. وشدد وولش على اهتمام بلاده بالكيفية التي ينظر اليها الشعب المصري للولايات المتحدة، ومدى رضائه عن السياسات التي تنتهجها.

واوضح انه بدأ يندمج في المجتمع المصري، بل وأصبح من مشجعي كرة القدم حيث شعر بسعادة غامرة لحضورة مباراة كرة القدم بين فريقي الزمالك والرجاء المغربي في نهائي بطولة أفريقيا. وأضاف: «إنها كانت المباراة الأولى التي اشاهدها منذ مجيئي الى مصر منذ حوالي عام ونصف حيث شجعت مع ابنتي فريق الزمالك بحرارة وأعجبت بأدائه في المباراة». وأعرب عن رغبته في حضور العديد من الأنشطة الرياضية في مصر في الفترة القادمة، وخاصة مباريات كرة القدم حيث تلعب ابنتاه كرة القدم النسائية في الولايات المتحدة.

* مبادرة باول

* من ناحية اخرى وصف وولش في تصريحات لوكالة الشرق الاوسط المصرية امس المبادرة التي أعلنها مؤخرا وزير خارجية بلاده كولين باول حول الشراكة والديمقراطية بانها جيدة وجادة على خلاف ما استقبلت به. وأوضح أن المبادرة محل بحث بين واشنطن والدول العربية في الوقت الراهن. وقال ان الحكومة المصرية تقوم حاليا بدراسة محتوى المبادرة الاميركية لاقتراح سبل التعاون والمشاركة بين البلدين في مختلف المجالات. واشار الى وجود «اختلافات بين الدول العربية في مراحل التنمية السياسية والاقتصادية، وبالتالي لا يوجد توجه واحد يصلح للتطبيق على الجميع». وقال إن هذه المبادرة «تستهدف بناء مشاركة بين العرب والولايات المتحدة، لان الطرفين في حاجة للعمل معا لتحسين الاوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، وهي أشياء حددها العرب بأنفسهم وفقا لما جاء بشكل خاص في تقرير التنمية البشرية الصادر بشكل مشترك من الجامعة العربية والامم المتحدة».

وقال وولش ان الولايات المتحدة ليس لديها اي «حل سحري» ولا تسعى لفرض ارادتها على الدول العربية كما ان واشنطن ترغب في المساعدة وليس اي شي اخر. واعرب كذلك عن احترامه الكامل للاسلام، وللثقافة والحضارة المصرية والعربية. ولكنه اشار الى «ان هناك العديد من القضايا الصعبة التي تحتاج الى التغيير الى الافضل».

وقال ان المبادرة التي اعلنتها واشنطن موجهة للدول العربية الاسلامية وانه يمكن تطبيقها على ايران، ولكنها لا تصلح لا لتركيا ولا لاسرائيل لان الظروف مختلفة في هاتين الدولتين عنها في بقية الدول العربية والاسلامية. واضاف أنه من السابق لاوانه الحكم على ردود الفعل العربية حتى الان على المبادرة، لان الامر يستغرق وقتا لدراستها ومعرفة سبل تطبيقها. وبالنسبة للعراق أكد ان رئيس بلاده جورج بوش لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بتوجيه ضربة عسكرية للعراق. لكنه حذر من ان الرئيس العراقي صدام حسين «ليس أمامه أي خيار سوى تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي، والاستجابة لمطالب المفتشين الدوليين او الاستعداد للعمل العسكري ومواجهة المجتمع الدولي باسره».

وحول قرار واشنطن تأجيل تنفيذ خطة «خريطة الطريق» الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، وهو ما يترك الفرصة لاسرائيل لتصعيد عدوانها ضد الشعب الفلسطيني أوضح: «أن واشنطن انتهت من الصياغة النهائية للخطة، وبدأت عرضها على العواصم العربية لمعرفة موقفها منها».

وقال انه عرض هذه الخطة على مصر خلال لقائه الاسبوع الماضي مع أحمد ماهر وزير الخارجية. ووصف ردود الفعل العربية المبدئية من الخطة حتى الان بانها «ايجابية». وقال انه سيجري ادخال تعديلات جديدة اذا دعت الضرورة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة في ضوء المناقشات التي ستجري حاليا. وأشاد وولش بالمبادرة التي تقوم بها مصر حاليا لانهاء العنف والتقريب بين مختلف الفصائل الفلسطينية وأعرب عن امله في نجاحها في أقرب وقت. ونفى ما تردد عن قيام دانيال كيرتزر السفير الأميركي السابق في مصر وسفيرها الحالي في اسرائيل بنقل مقترحات جديدة للسلام الى مصر خلال زيارته الاخيرة وقال: «ان كيرتزر صديق لمصر، وقدم خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين المصريين الذين التقى بهم رؤيته للوضع في اسرائيل وفرص السلام المتاحة».

وأشار إلى ان أربعة من السفراء الأميركيين السابقين في مصر قاموا بزيارتها خلال الأشهر القليلة الماضية بعد انتهاء خدمتهم نتيجة لحبهم لمصر، ونجاحهم في اقامة علاقات طيبة طيلة فترة وجودهم فيها.