القضاء اللبناني «يثبّت» قراره بإقفال محطة تلفزيون «إم. تي. في» بصورة نهائية

إدارة المؤسسة اعتبرت أن «القضاة خرجوا عن كل الأصول القضائية»

TT

ردت محكمة التمييز في لبنان الناظرة في قضايا المطبوعات الطعن المقدم من محطة تلفزيون «ام. تي. في» واذاعة جبل لبنان والذي يطلب ابطال قرار محكمة المطبوعات في بيروت الذي قضى بالابقاء على المؤسستين مقفلتين لمخالفتهما المادة 68 من قانون انتخاب اعضاء المجلس النيابي، ما يعني ابقاء المؤسستين مقفلتين بشكل دائم. ووصفت ادارة محطة «ام. تي. في» قرار محكمة التمييز بـ«الحكم الجائر» واعتبرت في بيان اصدرته عقب صدور الحكم «ان القضاة الذين نظروا في هذه القضية خرجوا على كل الاصول القضائية».

وبررت المحكمة ردّها للطعن المذكور بخطأ مادي وقانوني ورد في الاستدعاء المقدم من المؤسستين، وهو عدم استئنافهما قرارمحكمة المطبوعات الصادر في الرابع من سبتمبر (ايلول) الماضي، والقاضي باقفال المحطة والاذاعة بشكل تام ونهائي لمخالفتهما المادة 68 من قانون الانتخاب، ولكون استدعاء الطعن شمل قرار الهيئة الجديدة لمحكمة المطبوعات الصادر في 21 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي الذي قررت فيه المحكمة رد الاعتراض على حكم الهيئة السابقة لمحكمة المطبوعات في الشكل، في حين خالفت الهيئة السابقة لناحية الوصف القانوني للقرار اذ اعتبرته قراراً غير رجائي وغير قابل للطعن او المراجعة. ومع صدور هذا القرار تكون جميع الطرق القانونية قد استنفدت وسدت في وجه المؤسستين، بحيث انه لم يعد ثمة مهلة قانونية امام وكلاء المؤسستين تتيح لهم او تمكنهم من تقديم طعن جديد، لان القانون يحدد المهلة الزمنية للاستئناف بـ 15 يوماً من تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وهذا يعني ان محطة «ام. تي. في» واذاعة جبل لبنان ستبقيان مقفلتين.

وفي قرار مفصل اصدرته محكمة التمييز برئاسة القاضي عفيف شمس الدين وعضوية المستشارين جورج حيدر ومحمد مكة في هذه القضية، ويقع في 18 صفحة (فولسكاب)، اعتبرت «ان حكم محكمة المطبوعات الصادر في 4/9/2002 هو حكم بكل ما للكلمة من معنى بدليل تتويجه بعبارة «باسم الشعب اللبناني» وبدليل ان المادة 68 من قانون الانتخاب حددت المخالفة اوالعقوبة او التدبير الواجب اتخاذه واعطت صلاحية النظر فيها الى محكمة المطبوعات كمرجع للنظر بها، وان قرار الاقفال هو التدبير الاول والاخير الذي يمكنها اتخاذه ولا شيء غيره. اي ان هذا التدبير ليس تمهيداً لاي تدبير آخر بل ان محكمة المطبوعات عندما تتخذه تكون استنفدت صلاحياتها وتكون حكمت بكل ما اعطي لها».

واكدت حيثيات القرار «ان تصديق محكمة المطبوعات في هيئتها الجديدة بقرارها الصادر في 21/10/2002 التي اعتبرت فيه ان الحكم الصادر عن هيئة محكمة المطبوعات الصادر في 4/9/2002 ليس قراراً رجائياً، وبعد قولها بعدم جواز الطعن به امام المحكمة التي اصدرته فإن المحكمة (محكمة التمييز) لا تستطيع ان تضع يدها على الحكم الصادر في 4/9/2002 لانه لم يطعن به امامها من قبل المستأنفتين، ولا يمكن لهذه المحكمة ان تنظر في اساس النزاع الا اذا فسخت الحكم النهائي الصادر بداية والذي تقرر تصديقه».

واشارت محكمة التمييز في معرض مناقشتها لعدم قابلية الاستدعاء المقدم من المؤسستين الى «ان نص المادة 68من قانون الانتخاب جاء مجتزأ وناقصاً وخالياً من اية تفاصيل او تحديد للاجراءات او الآلية الواجب اتباعها من اجل تطبيقه بالرغم من الاهمية التي تترتب عن هذا التطبيق وانعكاس ذلك على الرأي العام ومصالح من يطالهم، مما خلق بلبلة واختلافاً في الآراء تبدى في الحكمين الصادرين عن محكمة المطبوعات وفي التعليقات الفقهية لكل منهما».

وحسمت المحكمة موقفها من الناحية القانونية للاستدعاء بتأكيد انها «لا تستطيع ان تلبي طلب المستأنفتين للبحث في مدى قانونية وضع محكمة المطبوعات يدها على الدعوى ولا في ما اذا كانتا تعاطتا الاعلام او الاعلان الانتخابي ولا في ما اذا كان الاقفال يجب ان يكون لمدة محددة ولا في طلب تحديد مدة الاقفال طالما ان القرار الاساسي الصادر بتاريخ 4/9/2002 الذي قضى بالاقفال لم يطعن به امامها».

وخلصت المحكمة في قرار الى ما يلي:

«قبول الاستئنافات المقدمة امام هذه المحكمة شكلاً.

«رد الاستئناف المقدم من المساهمين والموظفين لعدم الصفة.

«رد الاستئناف المقدم من شركتي مر تلفزيون واذاعة جبل لبنان في الاساس وعدم البحث في الحكم الصادر في 4/9/2002 الذي قضى باقفالهما لعدم استئنافه امام هذه المحكمة من قبلهما.

«تضمين المستأنفين الرسوم».

وقد شكل هذا الحكم الذي بات مبرماً لكونه صادراً عن محكمة التمييز العليا صدمة للمساهمين والموظفين في المؤسستين، وكانت الصدمة الاقوى لوكلاء المؤسستين الذين اكدوا ان هذا الحكم غير مستند الى اي واقع قانوني، واوضحوا انهم سيدرسون امكانية تقديم اي مراجعة اخرى.

واعتبر المحامي فؤاد شبقلو وكيل محطة «أم.تي.في» أن المحكمتين تجنبتا البحث في أساس الموضوع وزادتا القضية غموضاً، مشيراً الى انه وزملاءه المحامين كانوا يتوقعون هذه النتيجة لقناعتهم أن الـ«أم.تي.في» لم تتمكن من أن تدافع عن نفسها بالتهم السياسية الموجهة اليها وبقيت القضية في إطار الشكل».

وعن امكانية الطعن في القرار الصادر عن محكمة المطبوعات قال شبقلو: «إن المحامين المتطوعين سيدرسون هذه النقاط لتحديد ما اذا كان ثمة امكانية للطعن بحكم محكمة المطبوعات برئاسة القاضي لبيب زوين أم ان المهلة انقضت وبالتالي يكونو قد كرسوا قرار الاقفال».

أما المحامي روي مدكور وكيل المحطة عينها فوصف الحكم بانه «تضليل للدفاع» وقال: «ان المحاكم اختلفت على وصف الحكم بما يعني ويؤكد ان ذلك تضليل للدفاع».

وأصدرت ادارة تلفزيون «أم. تي. في» بياناً هاجمت فيه بعنف القرار القضائي الصادر باقفالها نهائياً ووصفته بـ«الجائر». واعتبرت «ان القضاة الذين نظروا في هذه القضية خرجوا على كل الاصول القضائية» مشيرة الى ان القرار «ام يصدر باسم الشعب اللبناني، بل باسم اهل السلطة وغير مستند الى أي مادة قانونية وان خطورة اقفال «ام. تي. في» بهذا الشكل التعسفي لا تكمن في انها تشكل ضربة لهذه المؤسسة ولا في تشريدها مئات العائلات فقط، بل انها اثبتت أن العدل سقط في لبنان».

وختمت ادارة «أم. تي. في» بيانها بالقول: «ان تبقى «ام. تي. في» ام لا تبقى مسألة بسيطة ولكن ان يكون اعدام مؤسسة بمثابة اعدام وطن فتلك هي المسألة التي تحتاج الى استنفار كل الضمائر».