كوريا الشمالية تطرد مفتشين دوليين «لانتهاء مهمتهما» وتتهم واشنطن بالاندفاع نحو الصراع قبل الحوار

موسكو تؤكد عجز بيونغ يانغ عن إنتاج أسلحة نووية وسيدني تجمد خططها في بناء سفارة حتى انتهاء الازمة

TT

خطى النزاع الدائر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية امس خطوة جديدة تجاه مواجهة محتملة بين الدولتين بعد اخطار بيونغ يانغ وكالة الطاقة الذرية ومقرها فيينا بسحب مفتشين لديها في البلاد.. وقال المتحدث باسم الوكالة التابعة للامم المتحدة بيتر ريكوود «تلقينا رسالة من كوريا الشمالية تطلب منا سحب مفتشينا من البلاد». وأردف «اننا نعمل حاليا مع المدير العام محمد البرادعي على صياغة رد على هذه الرسالة». ونقلت وكالة يونهاب تقارير من كوريا الشمالية تحدثت عن رسالة بعثت بها بيونغ يانغ الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء فيها «من الطبيعي ان مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وصلت الى نهايتها مع انهاء قرار تجميد المنشآت النووية في البلاد».

ولم تذكر الوكالة التي تبث تقارير لوكالة الانباء المركزية التابعة لكوريا الشمالية باللغة الكورية مزيدا من التفاصيل بشأن موعد طرد الفريق المؤلف من مفتشين اثنين. واعتبر البرادعي اول من امس ان خطوات كوريا الشمالية باتجاه تشغيل منشآت نووية مغلقة منذ عام 1994 «مثيرة للقلق البالغ». وجاء تصريح البرادعي غداة اعلان بيونغ يانع انها تضرب عرض الحائط بالتهديدات الاميركية التي لا تستبعد شن حرب ضدها في حالة استمرارها في برنامجها النووي، فأقبلت على نقل الف قضيب من قضبان المحروقات النووية الى المفاعل النووي في يونغبيون الذي تخشى واشنطن ان يستخدم في انتاج قنابل نووية. وتأكيدا لمعارضة روسيا للتعامل الاميركي مع بيونغ يانغ حول هذه المسألة، كشف وزير الطاقة النووية الروسي الكسندر روميانتسيف في مؤتمر صحافي أمس ان كوريا الشمالية «لا تملك القدرات» اللازمة «لانتاج اسلحة نووية»، خلافا لما تخشاه واشنطن. وقال الوزير الروسي «ليس لكوريا الشمالية القدرة على انتاج اسلحة نووية، اذ ان مثل ذلك يتطلب صناعة متطورة وتكنولوجيا حديثة». واشار الى ان بلاده «لا تقيم اي اتصال مع كوريا الشمالية في هذا المجال منذ التسعينات».

وأضاف ان «كونسورسيوم كيدو (هيئة شبه الجزيرة الكورية للتطوير النووي) بقيادة الولايات المتحدة لم تطلب مشاركة روسيا»، مضيفا ان «كيدو لم تف بالتزاماتها في حين كان يمكن لروسيا ان تبني محطة نووية خلال الوقت الذي مر منذ اتفاق عام 1994 بين بيونغ يانغ وواشنطن والذي التزمت بموجبه كيدو والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والاتحاد الاوروبي واليابان ببناء مفاعلين مدنيين لانتاج الطاقة الكهربائية في كوريا الشمالية مقابل تجميد برنامجها النووي الذي يمكن استخدامه لاغراض عسكرية». ومن جهتها، قالت وكالة انباء كورية الشمالية الرسمية امس ان الولايات المتحدة تندفع نحو الصراع قبل حديثها عن الحوار. واشارت الى ان التصريحات التي ادلى بها دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي ومسؤولون اخرون تثبت ان واشنطن حريصة على «اسقاط» كوريا الشمالية وليس على اجراء مناقشات لنزع فتيل النزاع النووي.

واردفت قائلة «ان التأكيد الذي اعلنته الولايات المتحدة بضرورة ان تلغي كوريا الشمالية برنامجها النووي اولا، لا يعدو عن كونه فكرة غير واقعية». وصرح رامسفيلد في وقت سابق من الاسبوع الجاري ان بلاده يمكن ان تخوض حربين في وقت واحد وتنتصر، وانه يجب على كوريا الشمالية الا تظن خطأ ان مواجهة واشنطن مع بغداد ستشتت انتباهها.

وفي أقوى رد فعل له، علق الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب نوه مو هيون عما يجري عند جارته قائلا «يجب على كوريا الشمالية سحب الاجراءات النووية التي اتخذتها واعادة المنشآت والمعدات الى وضعها الاصلي»، داعيا اياها الى التخلي عن سياسة حافة الهاوية النووية وعن خططها لاعادة تشغيل مفاعل قادر على انتاج البلوتونيوم المستخدم في صناعة الاسلحة النووية. وفاز نوه في الانتخابات التي جرت في 19 ديسمبر (كانون الاول) الجاري بناء على حملة ضد العقوبات والاجراءات الصارمة الاقتصادية التي فرضت ضد بيونغ يانغ وتدفع بها الى حافة الحرب.

وأشار بيان عما قاله الرئيس امس في سيول الى ان «خطوات كوريا الشمالية تمثل تحديا لرغبات المجتمع الدولي وانهاء لانتشار اسلحة الدمار الشامل، فضلا عن تعارضه مع آمال امتنا لاحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية».

وفي غضون التصعيد الذي يشهده نزاع شبه الجزيرة الكورية، اعلنت استراليا امس انها جمدت خطط بناء سفارة في بيونغ يانغ حتى تحل الازمة. وقال الكسندر داونر وزير خارجية استراليا ان بلاده، وهي واحدة من الدول الغربية القليلة التي لها علاقات دبلوماسية مع النظام الشيوعي المنغلق، ستستمر في الضغط من اجل الحوار لمنع كوريا الشمالية من اعادة تنشيط مفاعل نووي. وقال داونر لهيئة الاذاعة الاسترالية «جمدنا كل تطوير اخر في علاقاتنا مع كوريا الشمالية، ولذا فلن نفتح سفارتنا في الوقت الراهن».

واعادت استراليا علاقاتها الدبلوماسية مع كوريا الشمالية في مايو (ايار) الماضي عندما خرجت بيونغ يانغ من عزلة الحرب الباردة. وكانت كانبيرا تخطط لبناء سفارة خلال عام.