أجندة 2003 ـ حسن ساتي ـ 2003 سيكون عام الاختبار لعقيدة بوش ومفهوم «الحرب الوقائية»

TT

«لا يمكننا الدفاع عن اميركا وعن اصدقائنا بالاماني، والتاريخ سيحكم بقسوة على الذين رأوا خطأ قادما ولكنهم فشلوا في مواجهته والتعامل معه».

ذلك هو المفتاح الذي يستطيع به اي قارئ لعقيدة الرئيس الاميركي جورج بوش السياسية ان يتعرف على العصب الحي لتلك العقيدة التي اثرت في نسيجها وبشكل واضح احداث 11 سبتمبر 2001 وعلى مستوى محاورها الستة وهي:

* هزيمة الارهاب

* التخلص من اسلحة الدمار الشامل

* الردع والحرب الوقائية

* التحالفات

* القوة العسكرية

* الدفاع عن الحرية ومع ان جهدا مضنيا قد صاحب اعداد تلك العقيدة السياسية لعالم ما بعد 11 سبتمبر، الا ان عام 2003، وفق معظم التقديرات سيضع تلك العقيدة على المحك، وينتقل بها من خانة الخطاب الى خانة الممارسة بكل المحاذير التي سيحملها التطبيق لأي نظرية.

فهزيمة الارهاب مثلا، يجادل فيها منتقدو العقيدة، انطلقت دون ان تعنى بسياسة، مكملة، اعلامية وسياسية، تجاه الآخر المعني بالمشاركة فيها، والآخر المعني بالانتماء عرقيا او دينيا بجيوب الارهاب. والحرب الوقائية ذات صلة بثلاثة محاور اخرى (التخلص من اسلحة الدمار الشامل، والتحالفات والقوة العسكرية)، وجميعها تبدو كما لو انها جسم واحد، بمعنى ان انفراط التطبيق في اي عضو فيه يوشك ان ينسف كل الجسد، ومن هنا تجيء العقيدة محملة ومشبعة بقابلية اقصاء الآخر الذي يعارض ـ مجرد المعارضة ـ لفكرة واحدة مثل الحرب الوقائية. وفي ذلك محاولة لاكساب هذه العقيدة السياسية قدسية من نوع خاص، لا تتماشى مع روح الدستور الاميركي الرافض لأي قدسية مهما كانت.

وفي هذا الاتجاه يعلن القاضي الاميركي روبرت جاكسون: «اذا كانت هناك نجمة واحدة ثابتة في كوكبة دستورنا، فهي انه، لا يمكن لأي مسؤول، كبيرا كان او صغيرا، ان يحصر حق التوصيف لما هو راشد سواء في السياسة او الوطنية او الدين او مسائل الرأي الاخرى».

القائلون بمحورية عام 2003 في مصير عقيدة بوش يشيرون الى حرب العراق وتبعاتها، ويشيرون الى وقوعها في عام الرئاسة الثالث، نفس العام الذي خاض فيه والده حرب تحرير الكويت وسقط في العام التالي، ويشيرون الى حرب افغانستان ومهامها التي لم تكتمل. علاوة على المهددين بأن تكريس هذه العقيدة يقود الى هيمنة اميركية قد تجعل اميركا تحصد في النهاية ما حصدته بريطانيا العظمى بعد الحرب العالمية الثانية، التي لم تستمع، كما قال بول كيندي استاذ التاريخ بجامعة ييل في مقال بـ«نيوزويك»، لتحذيرات الشاعر البريطاني رديارد كيبلنج الذي حذر بلاده من التوسع والتدخل عبر العالم. والى نفس الاتجاه ذهب زميله ايمانويل وولرستين فقال بمجلة «فورين افيرز» في عددها الخاص يناير ـ (اغسطس) 2002 «ان فكرة الهيمنة الاميركية تقود البشر الى واحد من طرفين، اما ان تؤمن بأن العم سام حصن الخيرية ضد الفوضى او ان تراه قبلة الشر، ولذلك لم يكن من الغريب ان معظم البشر قد اصبحوا في الطرف الآخر في عالم ما بعد 11 سبتمبر.

وعلى اية حال، فعقيدة بوش ستكون على المحك، بين النجاح والفشل، بكل ما تحمل هذه الثنائية من اختصار للنتائج يتغاضى عن ناتج ثالث، رغم ان ذلك لا يخالف منطق بوش نفسه الذي افترض ان من ليس معه في حربه ضد الارهاب فهو ضده.