عام 2002 الأوروبي بدأ بتبني العملة الموحدة وانتهى بقبول انضمام 10 دول جديدة إلى الاتحاد

مد حدود الاتحاد إلى شرق القارة يثير قلق غربها من تفاقم مشكلة الهجرة

TT

عاش الاتحاد الأوروبي عاما مليئا بالأحداث أثرت بشكل مباشر ليس فقط على دول الاتحاد الـ15 بل على المجتمع الدولي ككل. وبدأت تلك الأحداث مع بداية شهر يناير (كانون الثاني) عندما بدأ تداول العملة الأوروبية الموحدة (اليورو).

وشهد نهاية العام صدور القرار أو الاتفاق التاريخي الخاص بعملية توسيع الاتحاد بضم عشر دول جديدة مع حلول صيف عام 2004.

وإذا ألقينا نظرة سريعة على تلك الأحداث التي مر بها الاتحاد الأوروبي خلال عام 2002 الذي تولت فيه الرئاسة الدورية للاتحاد دولتان من الدول الخمس عشرة التي يتألف منها الاتحاد الأوروبي، وهما إسبانيا والدنمارك، نجد أنه مع أولى ساعات عام 2002 تم طرح العملة الأوروبية الموحدة للتداول التي اعتبرها قادة دول الاتحاد وسيلة لتعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية بين دولهم. ومع مرور الوقت تمكن اليورو من منافسة الدولار إلى حد التفوق عليه حاليا، وإن كان البعض قد فسر ذلك بالمخاوف السائدة حيال معدلات الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة والشكوك حيال قوة الدولار إلا أن هذا لا يمنع من الاعتراف بأن الاتحاد الأوروبي يبدو في الوقت الراهن أقوى تجمع اقتصادي دولي مرشح لأن يزداد ازدهارا مع الزمن.

* القضايا الداخلية

* عندما صدر قرار بتشكيل «مؤتمر الإصلاحات الدستورية في الاتحاد الأوروبي» برئاسة الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان (الذي يتكون من 105 أعضاء يمثلون جميع دول الاتحاد الـ15) أوكل لهذا المجلس (المؤتمر) مهمة دراسة مستقبل أوروبا بعد عملية توسيع عضويتها على أن ينتهي المجلس من عمله مع انتهاء عام 2003، إلا أنه منذ اليوم الأول لانعقاد جلسات هذا المجلس مع بدايات عام 2002 أصبح واضحا أن مهمة المجلس صعبة للغاية وخاصة أن الخلافات تفجرت داخليا منذ أعمال الجلسة الأولى وحتى يومنا هذا. وبدأ الصدام مبكرا بين المفوضية الأوروبية، التي تعتبر بمثابة السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، من ناحية ومؤتمر الإصلاحات الدستورية من ناحية أخرى، وتفاقمت الخلافات حول العديد من النقاط التي لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق بشأنها ومنها، اختيار رئيس المفوضية الأوروبية، ودور البرلمان الأوروبي، ورئاسة الاتحاد، والسياسة المالية اللازمة لإتمام عملية التوسيع وغيرها.. وكان موضوع رئاسة الاتحاد أكثر الموضوعات الشائكة التي ناقشها أعضاء اللجنة المكلفة بدراسة مستقبل أوروبا وخاصة في ظل وجود أكثر من رأي حول هذا الأمر، فهناك رومانو برودي رئيس المفوضية الأوروبية الذي يرى ضرورة بقاء النظام المتبع حاليا بأن تتولى كل دولة من دول الاتحاد الرئاسة لمدة ستة أشهر، في حين يطالب ديستان بتولي إحدى الدول الرئاسة لفترة طويلة تصل إلى خمس سنوات تتيح لها فرصة من الوقت لتنفيذ سياساتها واستراتيجيتها، بينما يعتبر رأي آخر أن تتولى شخصية أوروبية من القيادات الحالية رئاسة الاتحاد. وكان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الحالي هو أكثر المرشحين لشغل هذا المنصب في حال الموافقة على هذا المقترح.

* توحيد القوانين والإجراءات حول الهجرة واللجوء

* يعتبر ملف الهجرة ونزوح أعداد كبيرة من المهاجرين وطالبي اللجوء إلى أوروبا من الملفات التي احتلت جزءا كبيرا من مناقشات المسؤولين داخل الاتحاد الأوروبي طوال عام 2002 وانتهى الأمر بظهور مقترح تقدمت به المفوضية الأوروبية يتضمن التوصل إلى اتفاقيات محددة بين الاتحاد الأوروبي من جهة والدول «المصدرة» للمهاجرين أو التي يعبرها المهاجرون غير الشرعيين من جهة أخرى، وتشمل القائمة عددا من دول البلقان وروسيا ودول المغرب العربي وشرق أوروبا ويتضمن المقترح أن يتم صرف مساعدات مالية لتلك الدول وتشجيعها على اقامة مشروعات تهدف الى تشغيل الاعداد الكبيرة من الاشخاص في بلادهم عوضاً عن التفكير في السفر الى اوروبا بحثاً عن مصدر رزق واملاً في تحسين مستوى معيشتهم، وفي نفس الوقت يتضمن المقترح التهديد بقطع المعونات المالية والاقتصادية عن الدول التي لا تلتزم بتنفيذ هذا الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي. وبالاضافة الى ذلك تم الاتفاق على تشديد الاجراءات الامنية في المناطق الحدودية وزيادة عمليات التفتيش لمنع وصول المزيد من المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء، ان كان البعض يشكك في جدوى هذه الاجراءات بسبب نقاط الضعف الكبيرة لطريقة المراقبة عند نقاط الحدود الخارجية. ويمثل موعد نقل هذه الحدود الى الشرق بسبب توسيع الاتحاد مصدرا للقلق العميق للدول الاعضاء في الاتحاد التي تخشى تفاقم هذا الوضع.

* اتفاق شامل مع حلف الناتو

* بعد طول انتظار توصل الاتحاد الاوروبي الى توقيع اتفاق شراكة استراتيجية مع حلف شمال الاطلسي (الناتو) من شأنه ان يؤدي الى تعزيز قدرات الاوروبيين في تنفيذ عمليات مشتركة، خصوصاً في منطقة البلقان، ويتيح الاتفاق لدول الاتحاد الخمس عشرة استخدام الوسائل التخطيطية واللوجستية للحلف بما في ذلك المتعلقة بمجال الاستخبارات، وهو الاتفاق الذي وقفت كل من اليونان وتركيا طوال الفترة الماضية بمثابة حجر عثرة امام توقيعه.

* عملية التوسيع

* جاءت قمة كوبنهاغن في منتصف ديسمبر 2002 لتمثل مسك الختام في الاحداث التي شهدها الاتحاد الاوروبي ووصفها البعض بأنها قمة تاريخية، شهدت قراراً تاريخياً يتعلق باقرار عملية توسيع الاتحاد الاوروبي، وذلك بضم عشر دول معظمها من أوروبا الشرقية وهي: بولندا، جمهورية التشيك، المجر، سلوفاكيا، سلوفينيا، استونيا، لاتفيا، ليتوانيا، مالطا، قبرص وذلك بحلول مايو (ايار) عام 2004 على ان يتم رفع الامر الى المفوضية الاوروبية للموافقة عليه ثم الى البرلمان الاوروبي قبل ان يتم عرض الامر على القمة الاوروبية لتوقيعه بصفة نهائية في 16 ابريل (نيسان) 2003 في أثينا.

وفي ما يتعلق بقبرص، أعلن الاتحاد الاوروبي انه يفضل انضمام قبرص كدولة موحدة الى الاتحاد. أما في ما يتعلق بتركيا، فقد أعلن الاتحاد الاوروبي تأكيده على ان تركيا دولة مرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي على اساس المعايير ذاتها المطبقة على الدول المرشحة الاخرى. وقال البيان الختامي لقمة كوبنهاغن انه في حال قررت القمة الاوروبية في ديسمبر 2004 مستندة الى تقرير وتوصية من المفوضية، ان تركيا تحترم المعايير السياسية لكوبنهاغن سيفتح الاتحاد الاوروبي فورا مفاوضات انضمامها اليه.

أما في ما يتعلق بانضمام كل من رومانيا وبلغاريا فقال البيان الختامي للقمة، ان انجاز مفاوضات الانضمام مع عشر دول مرشحة يعزز فرص انضمام بلغاريا ورومانيا في اطار عملية التوسيع نفسها التي لا رجوع عنها. ورحب الاتحاد بالتقدم الكبير الذي حققه هذان البلدان وظهر ذلك واضحاً من خلال مفاوضات انضمامهما والمتوقع ان تتم في عام 2007.

هذه نظرة سريعة على اهم الاحداث التي عاشها الاتحاد الاوروبي خلال عام 2002 برئاسة كل من اسبانيا والدنمارك. ومع بداية العام الجديد سوف تتولى اليونان الرئاسة الدورية لمدة ستة اشهر ثم يعقبها تولي ايطاليا الرئاسة لستة اشهر اخرى والمهمة صعبة للغاية امام كل من الدولتين لصعوبة الفترة المقبلة والمطلوب فيها تحقيق الكثير والكثير لان رسم السياسات يعد امراً سهلاً بالمقارنة مع تنفيذها على ارض الواقع. والكثير من الملفات المؤجلة من عام 2002 تنتظر اتخاذ قرارات مصيرية بشأنها خلال عام 2003... فهل سينجح الاتحاد الاوروبي برئاسة كل من اليونان وايطاليا في تحقيق ذلك؟