استمرار قطع البث الفضائي عن محطة «نيو. تي. في» اللبنانية وردود الفعل تتراوح بين مؤيد ومعارض لـ«القرار الاحترازي»

رئيس إدارة المؤسسة ينفي حصوله على دعم قطري ويؤكد التعاون مع قناة «الجزيرة»

TT

استمر قطع البث الفضائي عن محطة «نيو. تي. في» اللبنانية لليوم الثاني على التوالي بعدما كانت السلطات اللبنانية قد اتخذت بحقها هذا «التدبير الاحترازي» للحؤول دون بثها برنامج «بلا رقيب» مساء اول من امس المخصص للحديث عن السعودية، بعدما تبين للسلطات انه قد يكون مسيئا الى علاقات لبنان الاخوية مع السعودية.

وكانت ادارة المحطة قد امتنعت عن بث البرنامج عبر محطتها الارضية، كما سبق ان اعلنت ذلك بناء على طلب النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم الذي اوضح انه اتخذ هذا الموقف «لتجنب احتمال تعكير صلات لبنان بدولة شقيقة».

وقد دخلت عناصر من قوى الامن الداخلي الى مبنى محطة «نيو. تي. في» في بيروت قبل ساعات من موعد بث البرنامج لابلاغ ادارتها بطلب القاضي عضوم، فيما توزعت عناصر اخرى حول المبنى وفي الطرق المؤدية اليه.

واعلن القاضي عضوم، مساء امس، ان لبنان يمر بظرف «اكثر من استثنائي» يفرض على النيابة العامة منع بث مثل هذه الحلقة التي لو سمح ببثها لادى ذلك الى الحاق الاذى بلبنان، مشيرا الى ان العلاقات اللبنانية ـ السعودية كانت بدورها تعرضت للاذى، معتبرا ان الاعلانات المروجة للحلقة «تظهر ان الحلقة لن تكون حلقة حوار بل حلقة اظهار عيوب» مؤكدا ان مثل هذا الامر لا يصب في مصلحة العلاقات المتينة بين البلدين ولا في مصلحة لبنان واللبنانيين لا سيما المقيمين منهم في السعودية.

وحمل وزير الاعلام غازي العريضي على المسؤولين في المحطة لرفضهم التجاوب مع المساعي التي بذلت لوقف بث حلقة برنامج «بلا رقيب» بعدما وضعوا الجميع امام الطريق المسدود.

ورأى العريضي في تصريح ادلى به امس ان «الموضوع اعطي اكثر مما يستحق». وقال: «المسألة ليست مسألة اعتداء على محطة على الاطلاق» رافضاً وصف الاقفال بـ«القرصنة» ونافياً ان يكون مجلس وزراء مصغر اتخذ قرار الاقفال.

وافاد ان رئيس الحكومة دعا وزيري الخارجية والاعلام لاجتماع لبحث هذا الموضوع.

وقال العريضي «لا يجوز ان يكون هناك تجن على الحقائق والوقائع، وان يعتبر اي انسان في اي موقع كان انه يملك الحرية المطلقة ويتناول الناس مثلما يريد وبكثير من التجني والاخطاء. واذا فكّر احد انه ينشر خبراً كل يوم ليستدرجنا ونرد عليه ونقول انه خطأ، فانني اعتقد ان هذا ليس اعلاماً ولا حريات ولا ديمقراطية ولا مسؤوليات بقدر ما هو تشويش ومحاولة افتعال مشاكل في البلد». واكد ان «هناك تعهداً من قبل كل وسيلة حصلت على ترخيص بالبث الفضائي بعدم بث برامج تثير نعرات طائفية او تخل بالنظام العام او تسيء الى علاقات لبنان مع دول عربية او اجنبية صديقة. وبنفس القانون هناك ايضاً انه قبل بث اي برنامج فضائي عليك ان تحصل على موافقة وزير الاعلام مسبقاً». واذ اعلن العريضي ان لا تفكير اطلاقاً باقفال المحطة، قال «ليس هناك توقيف مطلق او نهائي للمحطة، بل هناك مشكلة حصلت. وكنا في غنى عن ان يصدر المدعي العام التمييزي (القاضي عدنان عضوم) القرار. وقد حاولنا ان نحل المسألة بكل تعاون واحترام لمصلحة المحطة وكل اللبنانيين الموجودين في الخارج».

من جهته، كرر رئيس مجلس ادارة محطة «نيو. تي. في» رجل الاعمال اللبناني تحسين خياظ اتهامه لرئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري بالوقوف وراء قرار قطع البث الفضائي «انتقاماً من المحطة المعروفة بمعارضتها الشديدة له» كما قال لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً انه «لو جرى عرض برنامج «بلا رقيب» على المشاهدين لتبين لهم عدم صحة اتهامه بالاساءة الى السعودية».

ورداً على سؤال حول ما يتردد عن دعم دولة قطر لمحطته والتعاون مع محطة «الجزيرة»، نفى خياط هذا الامر بشدة قائلاً انه ليس بحاجة الى اموال قطرية كما انه ليس من شيمه اللجوء الى مثل هذه الاساليب. الا انه اكد وجود تعاون بين محطته ومحطة «الجزيرة» وكذلك تلفزيوني السودان وليبيا ولكن لاعمال تلفزيونية بحت. وعن الخطوات القانونية التي تنوي المحطة اللجوء اليها لمعاودة حصولها على اذن بالبث الفضائي، قال خياط انه ينتظر «ظهور» وزير الاتصالات جان لوي قرداحي «بعدما اختفى عن الانظار وكذلك عن السمع اثر قطع البث الفضائي عن المحطة». ووصف النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم القرار الذي اتخذه مساء اول من امس بالطلب الى ادارة «نيو. تي. في» وقف بث برنامج «بلا رقيب» على المحطة الارضية بأنه «تدبير احترازي» يهدف للحؤول دون تعكير صلات لبنان بدولة شقيقة، موضحاً ان قرار وقف الحلقة استند الى الاعلان المروج لها.

وقال القاضي عضوم: «ان هذا الموضوع دقيق. ونحن شاهدنا المقدمة والاعلان عن هذا البرنامج الذي يتضمن المواضيع التي ستبحث فيه. ومن خلال مراقبتنا للاعلان وجدنا انه يتضمن مواضيع حساسة... وقد ارتأينا، نحن كنيابة عامة تمييزية، اجراء تدبير احترازي لكي نرفع الضرر عن هذا المجتمع وان لا يصار الى بث هذا البرنامج. وقد تجاوبت ادارة المؤسسة وامتنعت عن بث الحلقة».

وعما قد يترتب في حال اصرت المحطة على بث الحلقة وما اذا كان الامر يؤدي الى اقفالها التام قال عضوم: «ان النيابة العامة لا يحق لها ان تقفل محطة تلفزيونية اقفالاً تاماً او حتى اقفالاً مؤقتاً، لان قانون الاعلام المرئي والمسموع واضح وقد حدد صاحب الصلاحية في تعطيل المؤسسة او وقفها عن العمل». واوضح انه «في المخالفة الاولى يمكن لوزير الاعلام ان يقترح على المجلس الوطني للاعلام وقف المحطة لمدة ثلاثة ايام فتطبق العقوبة. واذا كررت المؤسسة المخالفة مرة ثانية عندها يعود الامر الى مجلس الوزراء الذي يستطيع ان يوقف المؤسسة لمدة شهر. اما اذا احيلت المؤسسة الى القضاء وتبين للاخير انها ارتكبت جرائم فيمكن للمحاكم عندئذ ان توقف المؤسسة بشكل نهائي».

وفيما دعا نقيب الصحافة اللبنانية محمد البعلبكي مجلس نقابة الصحافة لعقد جلسة خاصة الاثنين المقبل «لدرس الاوضاع الاعلامية» عقد المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع اجتماعاً طارئاً امس لبحث هذه القضية كما توالت ردود الفعل على القرار بين معارض ومؤيد له.

وفي هذا الاطار قال رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني: «ان تصرف رئيس الحكومة هذا ينم عن نزعة خطرة تستهدف الحريات العامة ما يوجب التصدي لها بكل الوسائل المتاحة». اما الرئيس السابق للحكومة سليم الحص فقد اعتبر ان اقفال المحطة الفضائية لتلفزيون NTV بقرار من رئىس الحكومة «سابقة خطيرة، خصوصاً ان القرار يأتي استباقاً لبرنامج لم يبث بعد». ورأى انه «كان من المفترض ان تبث المحطة البرنامج المعني، فإذا وردت فيه اي مخالفة للقانون او اي اساءة لدولة شقيقة فإن القضاء يمكن ان يتحرك للتحقيق مع الوسيلة الاعلامية واتخاذ ما ينبغي من قرار في حقها بحسب القوانين المرعية الاجراء. اما ان تقفل المحطة الفضائىة استباقاً لبرنامج لم يبث بعد وبقرار من رئىس الحكومة فهذا يشكل انتهاكاً للحريات الاعلامية».