الخرطوم تنفي شن هجوم على مواقع الحركة الشعبية في الجنوب وتتهم قوات مشار بالاستيلاء على منطقة في غـرب النوير

TT

تبادلت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها جون قرنق الاتهامات بخرق الهدنة الموقعة بينهما الشهر الماضي، لكن الجانبين اكدا التزامهما بخيار السلام، والمضي الى مفاوضات الجولة المقبلة في كينيا منتصف الشهر الجاري من اجل توقيع اتفاق سلام شامل وعادل.

واتهم الفريق محمد بشير سليمان الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني الحركة بخرق الهدنة، نافيا وبشكل قاطع ان تكون القوات الحكومية شنت هجوما على مواقع خاضعة لسيطرة قوات الحركة الشعبية في مناطق انتاج البترول حسب بيان صادر من الحركة الشعبية اول من امس. وقال الفريق سليمان لـ«الشرق الأوسط» ان «بيان الحركة عار من الصحة وقصد به بلبلة الرأي العام العالمي»، واضاف ان «ما حدث في منطقة غرب النوير هو ان حركة التمرد قامت صبيحة الثلاثاء 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالاعتداء على مجموعة فنيين يعملون على طريق اللير ـ بانتيو (تحت التشييد) واشتبكت مع قوة الحراسة العاملة في الطريق وقتلت 3 منهم وجرحت آخرين». واتهم سليمان قوات تابعة للدكتور رياك مشار (أحد معاوني قرنق) وتعبان دينق باحتلال منطقة في غرب النوير بولاية الوحدة. واشار الى ان «القوات المسلحة تصدت للهجوم الغادر واجبرتهم على الفرار»، واضاف «هذه الاعتداءات تهدف الى ايقاف مسيرة التنمية والتعمير الجاري تنفيذها»، مؤكدا ان السودان قام برفع شكوى لآلية تنفيذ مذكرة التفاهم في نيروبي الثلاثاء وما زال في انتظار رد اللجنة. وقالت الحركة الشعبية أول من امس ان القوات الحكومية شنت هجوما واسع النطاق بالدبابات وطائرات الهليكوبتر على مواقع خاضعة لسيطرتها في مناطق منتجة للنفط وقصفت ايضا المدنيين. واشارت في بيان الى ان «قوات النظام تنفذ تصريحات قادتها وتشن هجوما واسعا على مواقعنا في مناطق البترول»، مشيرة الى تواصل المعارك منذ الثلاثاء وحتى لحظة كتابة بيانها. وقال ياسر عرمان الناطق باسم الحركة ان الهجوم على مواقعهم في بلدة تام والمنطقة الواقعة حول بلدة رانك على بعد حوالي 420 كيلومترا جنوب العاصمة السودانية انتهاك خطير لوقف اطلاق النار الذي اتفق عليه الجانبان. واضاف ان «طائرات الهليكوبتر قصفت السكان المدنيين في بلدة لير وحرقت عددا من القرى وان القوات المهاجمة استولت على ممتلكات المواطنين ومواشيهم». وقال ان حوالي 1500من جنود القوات الحكومية شنوا الهجوم على تام. واضاف ان قوات الحركة «تصدت للقوات المهاجمة وقتلت عشرات من الجنود الحكوميين وأسرت 125 آخرين». واوضح الناطق باسم الجيش السوداني ان «بيان الحركة يتنافى مع الاتفاق الذي يلزم الجانبين بالاحتكام الى آلية تنفيذ مذكرة التفاهم». وقال ان ما تقوم به الحركة هو خرق فاضح للاتفاقات المبرمة بين الجانبين. وان الهدف منه هو التنصل من اتفاقات السلام المبرمة بين الجانبين. واكد سليمان ان القوات السودانية متمسكة بخيار السلام وانها تعمل وفق رؤى واستراتيجيات الدولة. من جهته اعلن سامسون كواجي المتحدث باسم الجيش الشعبي (قوات الحركة) ان محادثات السلام بين الحركة والحكومة ستبدأ في 15 يناير (كانون الثاني) في كينيا في محاولة لوضع حد نهائي للحرب الاهلية التي تجتاح البلاد منذ نحو 20 عاما. واعلن كواجي ان «وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية «ايقاد» ـ المنظمة الاقليمية التي تنظم المحادثات ـ حددوا الخامس عشر من يناير موعدا لبدء المحادثات». واضاف ان هذا الموعد «تمت الموافقة عليه من قبل الجيش الشعبي والحكومة السودانية». ورأى ان مكان اجراء المحادثات لم يتحدد بعد. وكانت جولتا المحادثات السابقتان قد جرتا في ماشاكوس بالقرب من نيروبي (كينيا). واكد «هذه المرة سنذهب الى المحادثات من اجل سلام عادل ودائم رغم ان الحكومة انتهكت بروتوكول اتفاق وقف اطلاق النار».

واجرت الحكومة جولتين من المحادثات في العام الماضي مع الحركة الشعبية في محاولة لانهاء الحرب. وتوصل الجانبان الى اتفاق بشأن قضايا مهمة من بينها وقف اطلاق النار والدين وتقرير المصير لكنهما لم يتفقا حتى الآن على تقاسم السلطة والثروة. وقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير في تصريحات نشرت الأحد «السلام سيأتي بالبندقية اذا لم يتحقق بالتفاوض». وقالت الحركة الشعبية في بيانها ان الهجوم الذي يأتي بعد التهديدات التي دقت طبول الحرب في مطلع الاسبوع «يتحمل النظام وحده تبعاته وانعكاساته بالغة السلبية على عملية السلام» قبل الجولة القادمة من المحادثات بين الجانبين التي من المقرر ان تبدأ في كينيا في السادس من الشهر الحالي.

وابدى البشير لهجة اكثر تصالحية في كلمة القاها أول من امس في ملكال بمناسبة احتفالات الاستقلال بوعده العمل من اجل اتفاق سلام يضمن مشاركة واسعة في اتخاذ القرارات وتقاسم السلطة في البلاد. وقال البشير ان «السلام الذي نسعى اليه هو سلام للجميع في الشمال والجنوب وسلام يضمن مشاركة الكل في اتخاذ القرارات واقتسام السلطة والثروة».