الأميركي ـ المصري المعتقل ليست لديه معلومات عن انتحاريي 11 سبتمبر أكثر من بيعه هويات مزورة لآلاف الأشخاص

انتقادات لأدلة سرية رفعت كفالة عتريس إلى نصف مليون دولار

TT

مرت 5 اشهر منذ ان قاد قائد شرطة مقاطعة اميركية غارة مع جنوده الذين يحملون اسلحتهم ترافقهم كاميرات التلفزيون على مكتب سفريات صغير في باترسون، معلنا انه يلاحق رجل اعمال عربيا اميركيا باع بطاقات هوية مزورة الى اثنين من الارهابيين الذين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001.

وقد اثارت الغارة ضجة اعلامية دولية، ولكن ليس لوقت طويل. فقد تبين ان مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) حقق مع محمد عتريس وتوصل الى انه ليست لديه اي معلومات عن الخاطفين اكثر من المعلومات المتوفرة لديه عن آلاف من المهاجرين غير الشرعيين الذين يبيع لهم وثائق هوية مشابهة للوثائق الرسمية من مكتبه.

وغادرت أطقم التصوير التلفزيوني المكان بعدما سلم عتريس، وهو مصري الاصل، نفسه طوعا ووجهت اليه تهم بالجنح: 26 تهمة التأمر وتزوير وثائق هوية.

وبعد 5 اشهر، فإن صاحب مكتب السفر لا يزال في قلب ما يبدو القضية الجنائية الوحيدة من نوعها منذ احداث 11 سبتمبر وهي قضية قدمت فيها أدلة سرية ضد المتهم. ولا يزال عتريس في السجن، بكفالة نصف مليون دولار، وهي كفالة مشابهة للكفالة للمتهمين بالقتل ـ الا ان المدعين لم يذكروا اسباب اعتبار عتريس بمثل هذه الخطورة.

وقد ضاعفت قاضية مقاطعة باسايك، مرلين كلارك، الكفالة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اعتمادا على ادلة سرية قدمت اليها في جلسة مغلقة بدون وجود عتريس ولا محاميه.

واوضح مساعد المدعي العام في المقاطعة ستيفن برزك في رسالة لطلب نظر القضية ان السماح لعتريس بالاطلاع على المعلومات ـ وهو الامر الذي يتماشى مع حقه الدستوري ـ ربما يضر بالتحقيق الجنائي.

واعلن محامي عتريس الجديد مايلز فينستاين انه ينوي التقدم بطلب استئناف عاجل، قائلا ان الاجراءات السرية انتهكت حقوق عتريس في الاجراءات القانونية العادية المتبعة في مثل هذه الحالات. وفي الوقت ذاته اشار قادة الجالية الاسلامية الكبيرة في باترسون الى ان الاجراءات السرية اكثر تشددا من الاجراءات التي فرضتها ادارة بوش على قضايا احتجاز المهاجرين.

واوضح سهيل محمد وهو محام ومستشار قانوني لاتحاد المسلمين الاميركيين «على الاقل في قضايا الهجرة، يمكنني الجلوس مع موكلي والاستماع الى جوهر الادلة، ويمكنني طرح اسئلة والاستجواب. واليوم اسأل نفسي: انهم ينتقلون اليوم من المهاجرين الى المواطنين. ماذا سيحدث عقب ذلك».

والجدير بالذكر ان الادلة السرية استخدمت في اواخر التسعينات، في عدد من القضايا المتعلقة بالهجرة لاحتجاز عرب من غير الاميركيين للاشتباه في مشاركتهم في اعمال ارهابية. الا ان القضاة اصدروا احكاما بأن المعلومات غير دقيقة، وكان المصدر في واحد من هذه القضايا زوجة رجل انفصلت عنه. وتم الافراج عن المشتبه فيه، ولكن بعد فترات اعتقال طويلة، بلغت في حالة من الحالات ثلاث سنوات ونصف السنة.

الا ان محكمة الاستئناف الفيدرالية اصدرت يوم الثلاثاء الماضي حكما يسمح للحكومة بتجميد ودائع جمعية خيرية اسلامية في الولايات المتحدة بدون تقديم ادلة على الاشتباه في علاقة ارهابية، الى محامي الدفاع. وذكرت المحكمة ان قانون «الواجب الوطني» الذي بدأ تطبيقه بعد هجمات 11 سبتمبر يمنح السلطة الحق في التصرف بهذه الطريقة.

ولكن في ما عدا قضية عتريس، فإن المدافعين عن الحريات المدنية اوضحوا عدم وجود معلومات لديهم عن قضية اخرى تم السماح فيها باستخدام ادلة سرية. ويقول ديفيد كول وهو استاذ للقانون في جامعة جورج تاون «انها قضية دستورية اساسية: الحق في عدم تقييد حريتك بدون الاطلاع على الادلة».

واشار تيم ادغار المستشار التشريعي لاتحاد الحريات المدنية الاميركي، الى انه يمكن للمدعين استخدام المعلومات السرية في القضايا الجنائية فقط، اذا قدموا للمتهمين تلخيصا تفصيليا كافيا للسماح لهم بالرد على الادلة، كما يضمنه قانون اجراءات المعلومات السرية الفيدرالي.

ومن غير المعروف حتى الآن ما هي المعلومات التي قدمتها مقاطعة باسايك في جلسة الاستماع. فخلال جلسة الكفالة الاولى في شهر اغسطس (آب)، طلبت المدعية مارلين جدوبينسكي، وحصلت على كفالة قيمتها ربع مليون دولار، بعدما اشارت الى «تحقيقات جارية في ما يتعلق بعلاقة المتهم بإرهابيين معروفين». وعبر المسؤولون في هيئات تطبيق القانون الفيدرالية عن دهشتهم آنذاك، واوضحوا انهم على قناعة بأن عتريس لم يعرف مجموعة الارهابيين التي نفذت عملية 11 سبتمبر او خطتهم.

وجادلت جدوبينسكي ان لدى عتريس الكثير من الوسائل التي تمكنه من الهرب. وقالت ان سجلات الشرطة تؤكد تحويله لمبلغ 29 الف دولار الى البنك العربي الوطني في مكة المكرمة بالسعودية، كما ذكرت انه يمكنه اعداد وثائق سفر خاصة به تحت اي اسم.

وقد رفض مكتب المدعي برزك القول ما اذا كان مكتبه لا يزال يشك في علاقة عتريس بالارهاب. الا انه اوضح في ما يتعلق بهجمات 11سبتمبر «من السخف الا تربط خبرات شخص ما بتلك الاحداث مع كيفية نظرة المرء للعالم وكيف يمكن لشخص ما التعامل مع المشاكل التي ربما تؤثر على سلامتنا».

وقالت سلطات تطبيق القانون الفيدرالية في الولاية انه ليست لديهم اي فكرة عن الادلة التي تحاول سلطات مقاطعة باسايك الحفاظ عليها، ولكنها اكدت انها اذا كانت مرتبطة بالارهاب، فيجب التعاون مع مكتب المباحث الفيدرالية والمحققين في قضايا الارهاب على مستوى الولاية.

وتتهم الشكاوي عتريس، الذي لم توجه اليه تهم، انه كان يزور رخص قيادة سيارات دولية ورخصا لبطاقات هوية لولاية نيوجيرسي، ويبيعها بمائة دولار. وتجدر الاشارة الى انها وثائق غير رسمية (جمعية السيارات الاميركية تقدم رخصة قيادة دولية مقابل 10 دولارات)، ولكن عتريس كان يؤكد للمهاجرين انها وثائق رسمية.

وقال عبد الله، محامي عتريس السابق، ان مكتب موكله وهو «اول سرفيسز بلاس» كان يترجم اوراق المهاجرين للانجليزية، ويستخدمها لاعداد «بطاقات هوية دولية». وكانت تلك الوثائق تحمل تنبيها بأنها غير رسمية. وطبقا لسجلات الولاية فإن عتريس، 46 سنة، كان يملك عدة اعمال منذ عام 1995 على الاقل، من بينها مطعم لبيع الحلويات تبين انه مدين للشركة صاحبة الترخيص بعشرة آلاف دولار. وذكر المدعون انه يقدم لهم اقرارات ضريبية لمدة سبع سنوات.

وطبقا لعريضة الاتهام التي نقلت عن مكتب التحقيقات الفيدرالية، فإن عتريس قدم بطاقات هوية الى اثنين من المشاركين في احداث 11 سبتمبر، وهما عبد العزيز العمري، الذي كان في الطائرة الاولى التي ارتطمت بمركز التجارة العالمي، وخالد المحضار، الذي كان في الطائرة التي ارتطمت بالبنتاغون.

وقد ادانت السلطات الفيدرالية في الصيف الماضي الغارة على مكاتب عتريس التي قادها شريف الولاية جيري سبزيال، وقالوا انها تتدخل مع تحقيقاتهم. ورفضوا الدخول في تفاصيل. ولكن احد معارف عتريس ذكر في مقابلة صحافية ان رجل الاعمال وافق على ابلاغ مكتب المباحث الفيدرالي بطلبات الحصول على بطاقات هوية مشتبه فيها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»