منع بشارة والطيبي من الترشح للكنيست يثير الشك في إمكانية أن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية ويهودية معا

TT

بدا النائب العربي في الكنيست عزمي بشارة وهو يرتشف القهوة ويردد مقولات لجون ستيوارت ميل وكأنه مفكر بعيد عن الواقع وليس متحديا يواجه دولة اسرائيل القوية. بيد ان بشارة يشكل في نظر الكثير من الاسرائيليين اليمينيين خطرا على دولتهم. فقد صدر قرار يوم الثلاثاء الماضي بمنعه من الترشيح الى الكنيست بسبب تصريحات وصفها النائب العام الاسرائيلي الياكيم روبنشتاين بأنها تؤيد العنف ضد اسرائيل.

ويطرح منع بشارة وزميله احمد الطيبي من الترشيح مجددا للكنيست سؤالا ظل يتردد باستمرار في اسرائيل منذ عام 1948 وهو: هل بوسع اسرائيل ان تصبح ديمقراطية ودولة يهودية في نفس الوقت؟ بشارة، الممثل الوحيد في الكنيست السابق لـ«حزب البلد» الذي صدر قرار بحظره ايضا، يؤكد على ان الإجابة على هذا السؤال «لا». ويقول بشارة عن منتقديه اليهود ان مشكلتهم معه تكمن في انه لا يوافق على العيش كضيف ولا يقبل شروطا كي يصبح مواطنا. ويضيف بشارة انه «لم يستمد جنسيته من المشروع الصهيوني وقانون العودة»، ويؤكد ان الفلسطينيين هم اصحاب ارض الأصليين وان الاسرائيليين لا يمنون عليه بحسنة او فضل. واضاف: «انا لست مكسيكيا مهاجرا الى الولايات المتحدة... انا صاحب الارض الاصلي كان من المفترض ان تكون المواطنة قائمة على المساواة».

في إطار المعركة القانونية ضد بشارة يؤكد روبنشتاين على ما يطلق عليه «إنكار بشارة لحقيقة هوية اسرائيل كدولة يهودية»، وقال ان بشارة وناشطي حزبه يهدفون الى تدمير دولة اسرائيل وان ترديده شعار «دولة لكل المواطنين» لا تعدو ان تكون تمويها لإخفاء خطط تهدف في النهاية الى ترحيل اليهود وإقامة دولة للأغلبية العربية. ويرد بشارة على ذلك بقوله ان روبنشتاين متورط في «كذب وتشويه وتصوير للاشياء بصورة خاطئة كوسيلة لتحقيق هدفه الحقيقي وهو القضاء على القضية الايديولوجية التي طرحها» والمتعلقة بالنظام الديمقراطي والهوية اليهودية لدولة اسرائيل. ومن المقرر ان تتخذ المحكمة العليا قرارا نهائيا بشأن ترشيح بشارة في انتخابات الكنيست المرتقبة يوم الثلاثاء المقبل.

وبالنسبة للاسرائيليين العرب واليهود الليبراليين فإن حظر بشارة والطيبي حوّل حملة انتخابات 28 يناير (كانون الثاني) الحالي الى عزل واضح بين الاغلبية اليهودية والاقلية العربية التي تمثل الفلسطينيين الذين طردت غالبيتهم عن ارضها عام 1948.

قادة العرب الاسرائيليين من جانبهم منقسمون ازاء الموقف من مقاطعة الانتخابات المقبلة اذا لم يسمح لبشارة والطيبي بخوضها. ويعترف اليمين الاسرائيلي نفسه بان عرب اسرائيل، الذين يشكلون 20 في المائة من عدد سكان اسرائيل، يواجهون تمييزا قاسيا في استخدام الارض وحقوق البناء والخدمات الاجتماعية والتعليم منذ ذلك الوقت، اذ يعتبر التصويت والترشيح في انتخابات الكنيست من المجالات القليلة التي يتمتع فيها عرب اسرائيل بالمساواة، بيد ان قرار حظر بشارة والطيبي نسف هذه المساواة، طبقا لاعتقاد العرب واليهود الليبراليين.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»