مفتشو الأمم المتحدة يستعدون لتصعيد عملياتهم ويقتربون من أجواء الفرصة الأخيرة مع بغداد

TT

بعد 5 اسابيع من استئناف عملهم في العراق، اعاد مفتشو الاسلحة التابعون للامم المتحدة بناء عملية ظلت راكدة لاربع سنوات، قاموا خلالها طبقا للتقديرات العراقية بتفتيش 230 موقعا في حملة لم تتوقف حتى في أيام العطل. واليوم يستعد المفتشون لتصعيد عمليات التفتيش مرة اخرى باستخدام طائرات هليكوبتر للهبوط بسرعة على مواقع مشتبه فيها وفتح مكتب اقليمي لتوسيع نطاق البحث عن الاسلحة او برامج الابحاث المتعلقة بها.

الا ان المسؤولين العراقيين اكدوا ان العملية لم تؤد، حتى الآن، الى العثور على اسلحة، وهو ما يوافق عليه بعض المفتشين بطريقة غير علنية. وقال مسؤول في الامم المتحدة طلب عدم ذكر اسمه «اذا عثرنا على مخبأ به صواريخ سكود، الا تعتقد اننا سنبلغ مجلس الامن بذلك؟».

غير ان هذا لا يعني ان المفتشين لم يعثروا على ادلة، اذا تم تجميعها معا، ربما تشير الى انتهاكات، وذلك من قبيل بعض المواد الكيماوية ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها لتطوير اسلحة، او انابيب الومنيوم يمكن استخدامها لتخصيب اليورانيوم. وقد تعهدت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، التي تصر على ان العراق ما يزال يملك اسلحة دمار شامل، بتقديم معلومات استخبارية لمساعدة المفتشين على العثور عما يبحثون عنه.

ولكن اذا لم يتوصل المفتشون الى ادلة دامغة في الايام والاسابيع القادمة، فإن الولايات المتحدة ربما تجد صعوبة في اقناع الدول الاخرى بالحاجة الى الدخول في حرب ضد حكومة صدام حسين. وتجدر الاشارة الى انه لم يتبق للمفتشين سوى اسبوع قبل ان يسلم هانس بليكس رئيس المفتشين تقريرا عن الوضع الى مجلس الامن، و18 يوما قبل ان يقدم نتائج عمليات التفتيش طبقا لقرار مجلس الامن الصادر في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الذي يفرض على العراق التعاون مع المفتشين.

وذكر المسؤولون العراقيون منذ يومين ان بليكس قبل الدعوة للعودة الى بغداد في الاسبوع الثالث من الشهر الحالي لاجراء اتصالات حول «القضايا العالقة» ـ وهي فرصة اخيرة قبل ان يقدم نتائج عمليات التفتيش الى مجلس الامن في 27 الشهر الحالي.

وفي الوقت ذاته، حصل فريق التفتيش على اسطول من 6 طائرات هليكوبتر اميركية وروسية الصنع للتفتيش من الجو والوصول الى الاماكن النائية بطريقة مفاجئة. ومن المتوقع ان يبدأ المفتشون في تشغيل اول مكتب فرعي لهم في فندق بمدينة الموصل على بعد 240 كيلومترا شمال بغداد.

وتجدر الاشارة الى ان العراق رد على عمليات التفتيش بهدوء وتعاون، وفتح كل باب بلا اي تأخير ملحوظ او متاعب. ومع ذلك، وعلى الرغم من الافتقار الى أدلة جديدة، ما تزال الولايات المتحدة تبعث بمزيد من القوات الى الخليج. الا ان المسؤولين العراقيين بدأوا في الشعور بالضيق والتوتر من فرق التفتيش، وصعدوا حملة معاداة للولايات المتحدة التي كانت صامتة في بداية التفيش.

وفي الايام القليلة الماضية، اشتكى مدراء المنشآت العراقية من سلكوك المفتشين. وقال احدهم انهم اقتحموا مصنع الصواريخ الذي يديره على طريقة «العصابات». وتحدث آخر عن زيارة غير معلنة في اليوم الاول من العام الجديد، حيث كان الجميع في اجازة. بينما اشتكى آخر من ان الزيارات المتكررة تعيق العمل.

وكانت اعادة المفتشين مخاطرة محسوبة من قبل حكومة صدام حسين بإمكانية اظهار التعاون لتجنب هجوم اميركي. ولكن الحكومة العراقية خلقت وضعا صعبا لنفسها عندما اصدر المسؤولون بيانات قاطعة تنفي وجود اي عمليات لتطوير الصواريخ البالستية او الاسلحة الكيماوية والنووية والبيولوجية، وهو الامر الذي لم يترك لهم فرصة للمناورة في حال العثور على شيء منها.

وذكر مسؤول اجنبي يعمل في بغداد، انه لا يزال يتوقع من المسؤولين العراقيين العثور على طريقة للتراجع عن النفي القاطع والاعتراف بأمر بسيط هنا وآخر هناك، كطريقة استراتيجية لتخفيف الضغوط، كما فعلوا خلال السبع سنوات التي عمل فيها المفتشون في العراق قبل الانسحاب بسبب الضغوط في عام .1998 واشار دبلوماسي الى انه لا يزال في جعبة العراقيين بعض التحركات. «سيقدم العراقيون المزيد من التنازلات. من المؤكد وجود المزيد. هناك مباراة شطرنج على عشرة مستويات في ذات الوقت».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»