لبنان: الحريري ثبّت علاقته مع لحود وحدد شروطه لتشكيل الحكومة الجديدة

تحدث عن أموال تدفع لجعل البلاد مسرحا للصراعات العربية ـ العربية

TT

ثبت رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري علاقة الوفاق بينه وبين رئيس الجمهورية العماد اميل لحود في الحديث التلفزيوني الذي ادلى به مساء اول من امس الى محطات تلفزيون «إن بي إن» و«إم بي سي» و«المستقبل». كما ترك باب الاجتهاد واسعاً امام احتمال اجراء تغيير حكومي بعد اقرار الموازنة كما يصر على ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وفيما لفت قوله انه لم يعد متمسكاً بالحكم بعد انعقاد باريس ـ 2، الا انه حدد ما يمكن وصفه بشروط الحريري لتشكيل حكومة جديدة ابرزها «ان تؤمن الامن القومي الوطني في مواجهة التحديات الموجودة امامنا في المنطقة، وكذلك الامن الاقتصادي والا تكون مثل الحكومة الحالية، وبأن يتم التغيير بالتوافق ليس بين رئيسي الجمهورية والوزارة وانما بين القوى السياسية المشاركة».

الحريري انطلق في مستهل حديثه بعملية نقد ذاتي لما شاب علاقته مع لحود من فتور وتدهور منذ تشكيله الحكومة الحالية قبل اكثر من عامين وصولاً الى عملية «غسل القلوب» التي اعتمدت بينهما بدءاً من شهر اغسطس (آب) الماضي عملاً بالقول المعروف «ان تأتي متأخراً افضل من ان لا تأتي ابداً»، وتأكيده بأن ما من شيء سيجعله يحيد عن هذا الخط، الا انه سجل تبايناً في نظرة كل منهما الى الحوادث الامنية التي شهدها لبنان اخيراً عبر محاولة اغتيال قاض داخل قصر العدل في بيروت ومقتل مجند في الجيش اللبناني وجرح آخرين على يد رفيق لهم عرف بميوله الاصولية. فالرئيس الحريري لا يرى رابطاً بين هذه الحوادث ويعتبرها حوادث فردية تشهد مثلها واكثر كل دول العالم، بينما قال الرئيس لحود بوضوح في معرض تعليقه على حادث مقتل المجند بأنه «ليس من سبيل الصدف ان تستهدف مؤسسة القضاء والمؤسسات الامنية وفي مقدمها الجيش، لان هذه المؤسسات مجتمعة ومنفردة هي من اسس الدولة القوية التيتحمي وحدة البلاد ارضاً وشعباً».

وعملاً بمبدأ النقد الذاتي الذي استهل به الحريري حديثه لم يتردد رئيس الحكومة اللبناني في الاعتراف صراحة بأن هناك تدخلاً سياسياً في القضاء وقال ما حرفيته «صدرت احكام عديدة جداً في لبنان لا نستطيع الا ان نحترمها ونقدرها، ونعتبر ان الذين اصدروها رجال كبار نجلّهم ونحترمهم. وهل صحيح ان القضاء فعلاً منزه وليس فيه اي خطأ او اي نقاط سوداء؟ ليس صحيحاً هناك الكثير من النقاط السوداء ويجب ان تعالج، ومعالجتها يجب ان تمر من داخل القضاء بالتعاون مع وزير العدل».

ويمضي الحديث، الذي اراده الحريري بمثابة «كشف حساب» مع مطلع سنة جديدة من دون محظورات او تفاهم مسبق على اسئلة الصحافيين المشاركين في الحوار. كما بدا من خلال مداخلاتهم التي اجاب عنها رئيس الحكومة بصدر رحب، ليصل الى المحطة الاكثر تشويقاً قياساً لمجريات الاحداث التي شهدتها الساحة اللبنانية قبل ساعات على اطلالة الحريري التلفزيونية، والتي تمثلت بايعاز الاخير الى وزير الاتصالات جان لوي قرداحي بقطع البث الفضائي عن محطة «تلفزيون الجديد» للحؤول دون عرضها حلقة من برنامج «بلا رقيب» مخصص للحديث عن المملكة العربية السعودية، مما اثار موجة استنكار لدى بعض القيادات والقوى السياسية التي اتهمت رئيس الحكومة بالتعدي على الحريات وتجاوز مجلس الوزراء.

ودافع الحريري عن قراره بشكل حاسم: «لا نريد لبنان مركزاً للصراعات العربية ـ العربية ومن يريد التقاتل مع البلدان العربية فليفعل ذلك من بلده وليس من عندنا (..) واذا قامت اي مؤسسة اعلامية بعمل مماثل فسوف يتم التصرف معها بالشكل نفسه». ويذكِّر بأن الوسائل الاعلامية التي حصلت على تراخيص «كتبت تعهداً طالب به القانون، وهو واضح وصريح ولا يقبل اي تفسير، وهو عدم التعرض لاي بلد عربي. وعندما قلت ان القوانين لا تطبق فان احد جوانبها هذا الجانب. انا مع الحرية الى النهاية لكن ضمن القانون» ورفض رئيس الحكومة الخوض لدى سؤاله عن احتمال وجود دور قطري في البرنامج التلفزيوني الذي تم ايقافه بقرار من النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم وقال: «لن ادخل لكي لا اضر بعلاقتنا بدولة عربية ثانية، فهذا شأن بين المملكة وقطر ولسنا جزءاً منه ولا طرفاً فيه نحن اصدقاء لكل الناس». الا انه فاجأ المتابعين بالكشف عن معلومات لديه تفيد بأن اموالاً تدفع الى مؤسسات معينة من اجل القيام بحملات لضرب الدول العربية ببعضها البعض، مشدداً على أن «لبنان لن يدخل في هذه القصة».

وعن مصير توقيف البث الفضائي لمحطة «تلفزيون الجديد» لمح الحريري الى امكانية سحب الترخيص من المحطة المذكورة عند عرض المسألة على مجلس الوزراء في الجلسة الاولى له في العام الجديد وذلك في التاسع من الشهر الجاري.

غير ان رئيس الحكومة لم يدع الجو القاتم المسيطر على المنطقة وفي الداخل يسيطر على مجريات الحوار حيث بشر المشاهدين اللبنانيين بأن اموال باريس ـ 2 بدأت بالوصول الى لبنان آملاً الانتهاء من عجز الموازنة خلال عامين «اذا سرنا ببرنامج التخصيص والتسنيد».

وبعدما قال كلمته مشى.. الى باريس مجدداً للقاء الرئيس جاك شيراك اليوم والبحث فيما آلت اليه الامور بعد اجتماع باريس ـ .2