وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: لبنان ليس في عين العاصفة الأميركية ضد العراق

TT

قال وزير الثقافة اللبناني، غسان سلامة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ان لبنان ليس في عين العاصفة الاميركية ضد العراق، وان الولايات المتحدة تفضل القضاء على الرئيس العراقي صدام حسين من دون حرب، لكن الاجواء تشير الى ان الحرب لا بد منها لتحقيق هذا الهدف. وفيما يلي نص الحوار مع الوزير غسان سلامة:

* كثر الحديث عن التغيير الحكومي تأكيداً ونفياً بعد اقرار الموازنة، أي الكفتين ترجح؟

ـ العمر الطبيعي لحكومات الرئيس رفيق الحريري هو سنتان، وقد تجاوزته هذه الحكومة. ويفكر الجميع انه آن أوان التغيير. لكن مشكلتين اساسيتين تعترضان تغيير الحكومة، الاولى داخلية والثانية اقليمية. ومرد المشكلة الداخلية الى وجود منطق حكم تشكيل الحكومة الحالية. فهي حكومة التوازن بين انتخاب رئيس الجمهورية اميل لحود عام 1998، والانتخابات النيابية عام 2000، وبالتالي تمثل الحكومة الحالية مواءمة الحدثين. هي الابن الشرعي لهما. الا ان العقبة الاولى أمام تشكيل حكومة جديدة تبقى توفير المنطق الفعال والمفهوم اللازم للمواءمة بين مختلف الطلبات الشخصية للمستوزرين وهم بالمئات. أما العقبة الثانية فاقليمية، اذ ان هناك عدداً من الاحداث المتوقعة والمفاجئة قد تربك صانعي الحكومات في لبنان.

* الا تجد ان التركيز على وجوب توفر المنطق ليس شرطاً اساسياً لدى اصحاب الارادة الفعلية لاي تغيير حكومي؟

ـ الدور السوري هو المقصود، وهو ليس القوة الوحيدة، الا ان لهذا الدور حسابات ثانية، لان لدى سورية اولوياتها فهي متاخمة لتركيا، التي حصل فيها انقلاب دستوري غير مسبوق بحجمه وغير مختبر سياسياً. وتركيا مرشحة لتلعب دوراً كبيراً في المنطقة. وسورية ايضاً جارة العراق المرشحة لتلقي ضربة من نوعية لم نر مثلها. ولديها الاردن المتأثر بما يحصل. ولا ننسى اسرائيل العدوة. هذه المعطيات في صلب الاهتمامات السورية والانتباه موجه الى هذه الدول التي تشهد تطورات عميقة، وبعد ذلك يأتي دور لبنان.

الصورة من دمشق ليست كالصورة من بيروت، وبالتالي لا يعني ذلك ان سورية هي ضد حصول تغيير حكومي في لبنان. وانما سورية لن ترمي على مشروع تغيير الحكومة اللبنانية كل همومها وهواجسها، ولا نغفل ان لدى سورية في فبراير (شباط) المقبل مؤتمرا حزبيا متوقعا وانتخابات نيابية متوقعة. ولديها عملية حرب ضد الفساد، تأخذ من المسؤولين السوريين اهتماماً كبيراً.

* أي علاقة لتغيير حكومي في لبنان بالاستحقاقات الاقليمية الحالية؟

ـ نحن لسنا في عين العاصفة الاميركية ضد العراق، لسنا بلداً مجاوراً، واقتصادنا لا اعتماد كبيراً لديه على الحرب او عدمها. ولا نتوقع ضغط لاجئين مدنيين. ولسنا طرفاً متدخلاً في الشؤون العراقية. لكننا لسنا بعيدين جداً عن العاصفة.

* هل يعود خطر العاصفة الى التهديدات الاسرائيلية المستمرة بضرب «حزب الله»؟

ـ هذا موضوع آخر، مرتبط بظروف المنطقة وليس بأي وضع في لبنان من تغيير حكومي وخلافه. لدى الاسرائيليين منطق ومسلك سياسي معروف. وهو ان الاسرائيلي يمد يده الى جيب العرب عندما تنقطع «الكهرباء» في النظام العالمي. الاسرائيلي يريد ان يستفيد من اي ضربة على العراق. في المرتبة الاولى سيستفيد فلسطينياً. هناك امتداد فلسطيني يشغل رأسه. لذا اخطر ما يمكن او ما اتوقع حصوله هو عمليات تهجير داخلية للفلسطينيين في الضفة والقطاع. واذا طالت ازمة العراق ولم تكن الضربة خاطفة سيصبح التهجير خارجياً ايضاً. اليوم التهجير يهدد، ومن دون شك، بيت لحم والخليل. واسرائيل تنفذ هذه العملية حالياً على «الناعم» لتنظيف «قصبات» في هاتين المدينتين. ولكن اذا انقطعت كهرباء النظام العالمي المشغول بحرب العراق، يعرف الفلسطينيون جيداً ان اسرائيل ستسارع الى استغلال الوضع لتنفيذ عملية تهجير داخلية تطاول بين 14 الى 18 الف فلسطيني في الخليل وستدمر بيوتهم.

* هل يعني ذلك ان لبنان و«حزب الله» ليسا ايضاً في الاولويات الاسرائيلية؟

ـ الامر ليس محسوماً. ربما لدى الاسرائيليين مشاريع تتجاوز فلسطين وتمس لبنان وسورية وتمس ربما العراق. هناك كلام يتردد اكثر فاكثر مفاده ان اسرائيليين تمكنوا من الوصول الى الارض العراقية للتأكد من ان غرب الصحراء الغربية خالية من مواقع لاطلاق صواريخ «سكود» تجاه اسرائيل. اذا حصل هذا الامر فهو خطير جداً. نحن نعرف ان علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة اشبه بعلاقة سائق دراجة هوائية بشاحنة مسرعة. سائق الدراجة سيحاول التعلق بالشاحنة ليزيد سرعته. وهذا ما يفعله شارون لان سياسة اسرائيل هي محاولة الاستفادة القصوى من حرب العراق لتحقيق اهدافها، فلسطينية كانت او لبنانية. هذه الاهداف هي خاصة باسرائيل اكثر مما هي خاصة بالولايات المتحدة.

* هل تعتبر الضربة على العراق لا مفر منها؟

ـ انا اعتبر ان الاميركيين وصلوا الى مكان يصعب عليهم التراجع عنه ولن يرضوا الا بتغيير النظام العراقي. وهم يفضلون ان يتمكنوا من تحقيق ذلك من خلال الضغط والتهويل ومن دون ضربة عسكرية. الهدف ليس الحرب للحرب وانما تغيير النظام. لا شيء غير ذلك يستوجب الحرب، لا منشآت عراقية يجب تدميرها ولا جيش عراقي في الكويت يجب دحره. لا هدف عسكري من الحرب. فسلاح الدمار الشامل الوحيد الموجود في العراق اسمه صدام حسين. وامكانية ازالته بالتهويل والضغط أفضل من الحرب. لكن ربما لن تجد الولايات المتحدة إلا الحرب التي لا بد منها لتحقيق هدفها.

* هل تعتقد ان وضع «حزب الله» تحت المجهر مفتعل او مبالغ به ام ان وضعاً خطيراً يهدده ويهدد عبره لبنان؟

ـ موضوع «حزب الله» تطرحه حالياً اسرائيل بحدة تفوق حدة الولايات المتحدة... والطرح الاميركي يربط «حزب الله» بما يسمى «النشاط الكوني» وانما من دون اثباتات. ويرى الاميركيون ان الحزب يمتد الى الارجنتين وشرق آسيا وجنوب افريقيا ويجمع المال لاعمال ارهابية. لكن هذا الطرح لم يبرهن بدلائل تبرر اعتباره مصدر خطر على الامن القومي الاميركي بعد 11 سبتمبر (ايلول).

اما المنطق الاسرائيلي فله ثلاثة اضلاع: الاول هو ان «حزب الله» يدعم مباشرة الانتفاضة بكافة عناصرها. والثاني ان لديه اسلحة تهدد شمال اسرائيل. والثالث ان «حزب الله» ارغم الجيش الاسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان، وهذه سابقة تستوجب عقاب اي طرف عربي «يرتكبها» حتى لا يصبح نموذجاً لاطراف ثانية. والسؤال هو: هل يلتقي المنطق الاميركي مع المنطق الاسرائيلي؟ الجواب: نعم يلتقي. ولكن ليس لدى الاميركيين المحرك ذاته الموجود لدى الاسرائيليين. لذلك استعمل المنطق الاميركي لاقناع كندا بفتح أزمة مع «حزب الله» انطلاقاً من مفهوم النشاط الكوني للحزب، فقد حصل تحوير لترجمة ما قاله امين عام الحزب الشيخ حسن نصرالله في يوم القدس، وذلك لتأكيد نظرية النشاط الكوني. =