شيراك يدعو القوات الفرنسية لـ«التأهب» والحزب الاشتراكي يتهمه بـ«الاصطفاف» وراء بوش

TT

غذى الكلام الذي قاله الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ظهر امس، في الكلمة التي القاها في قصر الاليزيه بحضور رئيس الوزراء جان ـ بيار رافاران ووزيرة الدفاع ميشال اليو ـ ماري وقادة القوى المسلحة والضباط الكبار من كل القطاعات العسكرية، الجدل الناشئ في العاصمة الفرنسية حول حقيقة الموقف الفرنسي من الحرب المحتملة على العراق وامكانية «انزلاق» باريس لتقترب اكثر فاكثر من الموقفين الاميركي والبريطاني.

فقد طلب شيراك من القوات المسلحة، في اشارة واضحة الى العراق «ان تكون جاهزة لكل الاحتمالات». وبعد ان توقع الرئيس الفرنسي «ان تفتح، للاسف، جبهات حرب جديدة»، اعلن انه «من الضروري ان نكون متنبهين بشكل خاص الى كيفية تطبيق العراق لقرار مجلس الامن رقم 1444».

بموازاة ذلك، اعلنت وزيرة الدفاع ان «الجيش الفرنسي جاهز لتحمل مسؤولياته (في العراق) عندما تدعو الحاجة». غير ان الوزيرة الفرنسية نفت ان تكون القوات الفرنسية «تتحضر بشكل خاص» من اجل المشاركة في حرب محتملة في العراق، معتبرة في الوقت عينه ان مثل هذه الحرب «لا يمكن ان تكون الا الخيار الاخير واذا فشلت كل الوسائل لمعرفة ما يمتلكه العراق من اسلحة الدمار الشامل او لتدميرها».

وحرصت ميشال أليور ماري على التأكيد، في حديثها لاذاعة ار. تي. إل، متمسكة بالأمم المتحدة كاطار لمعالجة الموضوع العراقي، مذكرة ان عمليات التفتيش التي تجري في العراق «تتم من غير عوائق».

ويأتي كلام شيراك ليغذي شكوك الكثيرين في فرنسا من وجود تحول تدريجي في موقف باريس من المسألة العراقية. فقد اتهم رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان جان ـ مارك ايرو شيراك بـ «الاصطفاف» وراء الرئيس الاميركي جورج بوش وبتحضير الرأي العام الفرنسي والعالمي لمشاركة عسكرية فرنسية في هذه الحرب المحتملة.

ويرى ايرو ان شيراك تخلى سلفاً عن امكانية استخدام حق النقض «الفيتو» لاجهاض قرار جديد في مجلس الامن يعطي واشنطن الحق في مهاجمة العراق، كذلك اتهم المسؤول الاشتراكي الرئيس الفرنسي بـ«التخلي عن كل الجهود الهادفة الى (فرض) احترام القانون الدولي»، واصفاً الحرب في العراق بانها «مغامرة» ستؤدي الى «صدام للحضارات» والى فرط التحالف الدولي ضد الارهاب.

وطالب ايرو بطرح موضوع السياسة الفرنسية ازاء المسألة العراقية على البرلمان الفرنسي «لانه لا يمكن للرئيس (شيراك) وحده ان يتخذ قراراً بهذه الخطورة» خصوصاً انه «لا يوجد اتحاد مقدس» للفرنسيين حولها.

ويريد الحزب الاشتراكي المعارض طرح الثقة بالحكومة بخصوص سياستها العراقية.

ولا يقتصر هذا الموقف المشكك على الحزب الاشتراكي بل يشمل كذلك الحزب الشيوعي والخضر واليسار واليمين المتطرفين وكذلك بعضاً من الاكثرية الرئاسية (اليمين المعتدل).

وامس ادلى فيليب دوفيليه رئيس «الحركة من اجل فرنسا» اليمينية الراديكالية بدلوه . فقد اعتبر دوفيليه ان كلام شيراك «تشجيع لارادة الحرب الاميركية» مطالباً الرئيس الفرنسي بـ«رفض السير الاعمى» وراء الولايات المتحدة الاميركية. ولاحظ دوفيليه ان العراق «لم ينتهك حتى الان القرار 1441 ولم يعرقل عمل المفتشين» كما ان هؤلاء «لم يجدوا شيئاً»، رغم ما يزيد على الشهر في عمليات التفتيش.

ووفق مصدر سياسي واسع الاطلاع في باريس، فان التخوف من تغير موقف فرنسا مرده الى انه سيمهد الطريق امام واشنطن للحصول على ما تريد من مجلس الامن. ويعتبر المصدر ان موسكو، رغم كلامها العلني، متفاهمة مع واشنطن حول ما ستحصل عليه في العراق لمرحلة ما بعد صدام، ونزع العقبة الفرنسية يعني ان واشنطن اصبحت طليقة اليدين داخل مجلس الامن وخارجه.