الليكود يسعى لتخويف الناخبين الإسرائيليين من الفلسطينيين ومن حلفائهم في اليسار

مرشحو حزب العمل يتعهدون بالامتناع عن الدخول في حكومة وحدة مع شارون

TT

قرر الحزبان الاساسيان في اسرائيل، الليكود الحاكم والعمل المعارض امس تغيير خطابيهما للناخبين بسبب النتائج التي اشارت اليها استطلاعات الرأي الجديدة. واختار الليكود ان يعتمد سياسة «تخويف الناخبين» اليهود من الفلسطينيين «الذين ينتظرون فوز حزب العمل صاحب سياسة الاستسلام». فيما اختار العمل ان يتعهد بالامتناع عن الانضمام الى حكومة وحدة قومية تحت قيادة آرييل شارون.

وكانت استطلاعات الرأي الجديدة قد اشارت الى ان التدهور في شعبية الليكود قد توقف، وبدأ يسترد قوته (من 28 مقعدا في نهاية الاسبوع الماضي الى 32 او 33 مقعدا في مطلع هذا الاسبوع)، رغم ان الجمهور لا يصدق تفسيرات شارون في قضية اتهامه بالفساد، وما زال مقتنعا بانه متورط في قضايا الفساد. واشارت الى هبوط جديد في شعبية حزب العمل (من 22 الى 20 مقعدا).

وعزا الليكود تحسن وضعه الى خطاب شارون، بأن «الحرب التي تخوضها اسرائيل ضد الارهاب الفلسطيني اهم من المعارك الداخلية» وبأن ما يقال عن الفساد هو «محاولة من حزب العمل لكسب السلطة عن طريق الدماء اليهودية»، ودعوته للناخبين ان يصوتوا له «حتى يكمل مشروع السلام والامن الذي بدأ يؤتي ثماره بواسطة الحرب الهادئة ضد رؤوس الارهاب» (الاغتيالات والاعتقالات الواسعة). ولهذا، اعتمدت دعايته الانتخابية في اليومين الاخيرين على اظهار رئيس حزب العمل، عمرام متسناع، مستسلما امام الفلسطينيين: «متسناع يسير على طريق ايهود باراك في تقسيم القدس» و«متسناع سيعانق عرفات» وغير ذلك. وراح يخيف الناخبين من «الفلسطينيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر فوز قائد ضعيف وغير مجرب مثل متسناع» و«سيقيم لهم دولة ارهاب ممأسسة».

وطرح شارون نفسه بديلا بالتضليل: «انتخبوا قائد مجربا في ادارة مفاوضات السلام» و«انا اعرف كيف تدار المفاوضات»، و«انا استطيع تجنيد زعماء العالم الى جانب اسرائيل ضد الفلسطينيين». وحرص شارون على ان يظهر صور استقباله في البيت الابيض (اميركا) والكرملين (روسيا) وداوننغ ستريت في بريطانيا ولقاءاته الحارة هناك مع الرئيس الاميركي جورج بوش، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وذلك مع العلم بان شارون، لم يلتق خلال فترة حكمه طيلة سنتين، الا مع ثلاثة شخصيات فلسطينية لمرة واحدة ولم يسفر اللقاء عن شيء.

* هلع العمل

* اما حزب العمل، فقد اصيب بالهلع من نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة. واعتبرها نتيجة حتمية لنجاح حملة حزب شينوي الليبرالي، المتمثل في الكنيست اليوم بستة مقاعد، وتمنحه استطلاعات الرأي حوالي 17 مقعدا. وبدا ان العمل يقلد «شينوي» في طروحاته حول ضرورة فصل الدين عن الدولة، ومحاربة فساد الاحزاب الدينية ونهبها لميزانية الدولة.

ويعتقد حزب العمل ان احد اسباب تصاعد قوة «شينوي» يعود الى امتناعه، خلال السنوات الاربع الماضية، عن الدخول الى حكومة الوحدة، وبقائه نظيفا من موبقاتها. ولهذا، قرر الاعلان عن موقف مبدئي جديد يرفض بموجبه الدخول في ائتلاف حكومي برئاسة شارون.وعقد امس مؤتمرا صحافيا باشتراك اول 35 مرشحاً في لائحته الانتخابية، اعلنوا خلاله فردا فردا (باستثناء شيمعون بيريس المتواجد في الخارج) التزامهم بهذا المبدأ حتى يبدوا موحدين في الموقف.

ومع ان هذا الاعلان يعتبر اعترافاً مسبقاً بالهزيمة، واقراراً بان شارون هو الذي سيفوز برئاسة الحكومة، فان متسناع ومساعديه دفعوا الى هذا القرار حتى يوقفوا الانهيار ولو بثمن استدرار عطف الناخبين.

واثار هذا الموقف ردود فعل حادة في الساحة السياسية. فاعتبره «شينوي» تعبيرا عن «الهلع والخوف من ان يصبح حزب العمل حزباً ثالثا»، بعد الليكود وشينوي. وهاجمه حتى حزب «ميرتس» اليساري، قائلا: «بدلا من ان يبحث حزب العمل عن الاصوات في صفوف اليمين والوسط ليقوي معسكر اليسار، يأتي الى معسكرنا لاختطاف الاصوات منا». واشار المراقبون الى ان هذا الالتزام سيكون بمثابة خطوة صورية شكلية. حيث ان متسناع لا يستطيع ضمان نوابه. فالغالبية الساحقة منهم تنتمي الى معسكر منافسه بنيامين بن اليعزر، وزير الدفاع ورئيس الحزب السابق.

وقد وافق بن اليعزر على المشاركة في هذه التمثيلية حتى لا يقال انه خالف متسناع وتآمر عليه. مع العلم ان بن اليعزر ما زال يؤيد الوحدة مع الليكود تحت قيادة شارون.

* أصوات الجنود

* من جهة ثانية، وفي ضوء فضائح الفساد والرشاوى والتزوير، في الانتخابات الداخلية في الليكود، وكذلك في حزب العمل، قررت لجنة الانتخابات المركزية الاسرائيلية وضع نظام خاص للمراقبة. وفي صلب هذا البرنامج، منع التزوير او التلاعب في اصوات الجنود ورجال الشرطة الذين لا يتاح لهم التصويت في اماكن سكنهم بسبب اوضاع خاصة تتعلق بخدمتهم.

والمعروف ان عدد الجنود الاسرائيليين يعتبر «سراً امنياً خطيراً» لا يجوز نشره. وعليه، فقد طرحت لهم سجلات ناخبين ذات اطار اوسع، اذ اشتملت ايضا على البحارة والدبلوماسيين (السفارات والممتلكات الاسرائيلية في الخارج) والمعوقين والمرضى والسجناء.

وعددهم مجتمعين يصل الى 170 الف مصوت. ويقترع هؤلاء جميعاً بواسطة مظروفين مزدوجين، احدهما خارجي يحتوي على التفاصيل الشخصية للناخب والثاني يشتمل على ورقة الاقتراع. والمفروض ان يتم فرز هذه الاصوات يومي 29 و30 الشهر الجاري (اي بعد الانتخابات العامة بيوم او يومين) ولا تعلن النتيجة الرسمية من دونها.

وخوفا من عمليات التزوير، تقرر ان يتم فرز هذه الصناديق في مقر الكنيست وسط حراسة مشددة، اذ سيمنع اي زائر الى الكنيست، اذا لم يكن مدعوا من احد مسؤوليها. ومن يدخل سيتم تفتيشه بدقة، بما في ذلك فحص الاوراق. وسيتم الفرز في قاعة ذات كاميرات داخلية، تصور وتوثق كل ما يجري وتبلغ قيمة هذا البرنامج 10 ملايين شيكل (مليونا دولار).