أصوات في حزب العمل الإسرائيلي تدعو متسناع للتنحي لصالح بيريس

شارون: اليسار يتحمل مسؤولية العمليات التفجيرية الفلسطينية

TT

مع الاقتراب من موعد الانتخابات الاسرائيلية في 28 يناير (كانون الثاني) الجاري، تستعر المعركة بين الاحزاب ويتحول التنافس الى هجوم شرس، خصوصا بين حزبي العمل المعارض والليكود الحاكم وبين الاحزاب الدينية والعلمانية. فقد اتهم اليمين اليسار بالمسؤولية عن العمليات التفجيرية. واتهم العمل الليكود بقيادة اسرائيل نحو كارثة قومية. ومع تزايد الشعور بأن حزب العمل سيمنى بهزيمة نكراء في هذه الانتخابات، تعالت فيه اصوات تطالب رئيس الحزب، عمرام متسناع، بالاستقالة وتدعو شيمعون بيريس، وزير الخارجية السابق، الى الامساك بزمام القيادة.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، قد بادر الى التصعيد في الخطاب الانتخابي خلال لقائه مع القادة الميدانيين في الليكود. واعترف مساعدوه بأنه «ذو لهجة حادة بوجه خاص، لانه اراد ان يزرع الحماس في نفوسهم»، فهاجم كل حكومات حزب العمل منذ اسحق رابين سنة 1992 (الذين حافظ على صداقة حميمة مع شارون واستمع الى استشاراته ونصائحه) وحتى ايهود باراك، واعتبرها حكومات يسار فاشلة. وقال: «قد تكون دوافعهم منطلقة من السذاجة. لكن النتيجة كانت رهيبة. فقد قادت سياستهم الى هذه الهجمة الفلسطينية الارهابية علينا، بالقتل والمذابح ضد اليهود بما في ذلك القضاء على عائلة بأكملها. فقدنا الوف اليهود. لقد اخترعت حكومات اليسار نظرية الحل المطلق: تنازل عن كل شيء، بما في ذلك موضوع عودة اللاجئين واغراق بلادنا بهم. حكومة رابين اعادت تنظيمات الارهاب الى اسرائيل. وحكومة باراك ارتكبت خطأ تاريخيا في ما عرضته في كامب ديفيد. ولا يجوز لنا ان نرتكب خطأ ثالثا. نحن مستعدون لتقديم تنازلات مؤلمة في المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن ليس كما يفعل حزب العمل، وخصوصا عمرام متسناع. فهو مستعد لادارة مفاوضات في ظل اطلاق النار ولجلب تنظيمات الارهاب الى عتبات بيوتنا. وانتخاب اليسار في الحكم انما يعني انتخاب حكومة، وزراؤها يوسي سريد (زعيم ميرتس) واحمد الطيبي (رئيس الحركة العربية للتغيير) وعزمي بشارة (رئيس التجمع الوطني الديمقراطي) ويوسي بيلين (عضو الكنيست عن حزب العمل، الذي انضم الى ميرتس ليقيم معه الحزب الاشتراكي).

وردت رئيسة الطاقم الاعلامي لدى متسناع، يولي تمير، على هذا الهجوم بقولها: «الليكود لا يقوى على اعطاء اجوبة مناسبة عن برنامج حزب العمل السياسي المبني على اقامة جدار فاصل بيننا وبين الارهاب، ولا على برنامجنا لتغيير سلم الافضليات. ومن شدة احباطه يلجأ الى هذا الهجوم الفظ والمتخلف على متسناع وحزب العمل وقادته السابقين واللاحقين. والحقيقة هي ان سياسة شارون قادت اسرائيل الى كارثة قومية، امنية واجتماعية، وادخلت الاجرام المنظم الى اروقة الحكم في اسرائيل».

* صراع داخلي في العمل

* ويتعرض رئيس حزب العمل، لهجوم كاسح لا يقل فظاظة عن هجوم شارون، وذلك من زملائه المقربين في حزب العمل، بلغ حد مطالبته بالاستقالة. فقد صرح احد قادة الحزب البارزين بأن «متسناع اثبت فشله. ومن مراجعة استطلاعات الرأي يتضح انه لم يأت ولن يأتي باضافة ولو نائب جديد لحزب العمل. بل يتسبب في خسارته». واقترح هذا المسؤول ان يستقيل متسناع ويسلم زمام الامور للنائب شيمعون بيريس، الذي تشير الاستطلاعات الى انه قادر على اعادة جمهور حزب العمل الذي تركه خلال السنتين الماضيتين.

لكن بيريس رفض هذه الفكرة وقال انه يساند متسناع بلا تحفظ. وقال انه لا يفكر في قيادة حزب. ودعا حزب العمل الى الامتناع عن التصادم والشقاق لأن هذا يخدم اليمين. وأكد مجددا انه يؤيد متسناع في موقفه الرافض لاقامة حكومة وحدة قومية. وقال بيريس في هذا الشأن ان شارون ليس معنيا بدفع ثمن السلام الحقيقي، و«حتى لو كان معينا، فانه لن يبقى رئيس حكومة. اذ ان فضائح الفساد ستدفعه الى الاستقالة. وسيتسلم موقعه بنيامين نتنياهو، بسياسته المتلونة المغامرة».

اما متسناع، فقد رد على خصومه الحزبيين خلال لقاء عقده مع رؤساء البلديات من اعضاء الحزب، فتوجه الى مهاجميه متسائلا: «من هو هذا شارون الذي تريدون لنا ان ننضم الى حكومته؟ اليس هو الذي دمر الدولة حتى الآن؟ اليس هو الذي يعرقل مسيرة السلام ويدهور الاقتصاد ويسير بنا الى الهاوية بشكل اعمى؟ وهل كنا قد انسحبنا من حكومته، حتى نعود اليها زحفا على اربع كما تفعلون اليوم؟».

وقال متسناع ان نتائج استطلاعات الرأي يجب الا تحبط الحزب، بل على العكس، عليها ان تثير فيه الحمية والنشاط لكي يغيرها على ارض الواقع.

* حكومة علمانية

* من جهة ثانية يحتدم النقاش ويستعر بين المتدينين (ثلاثة احزاب) وبين العلمانيين (حزب «شنوي» بالاساس) حول مستقبل الحكم في اسرائيل. اذ خرج «شنوي» بالدعوة لتشكيل الحكومة المقبلة بدون الاحزاب الدينية. وهذا ما جاء في دعوته: «حكومة وحدة علمانية، او كل شيء يبقى كما هو: يأس، انتفاضة، ازمة اقتصادية وبالطبع اكراه ديني. فاذا قامت حكومة يمين حقيقية، ستعود علينا بالمآسي. واذا قامت حكومة مع المتدينين، فانها ستقود الى التهرب من العمل ومن الخدمة العسكرية. فقط حكومة وحدة علمانية تضم الليكود والعمل وشنوي تضمن حكما سليما وسعيا للسلام واشفاء الاقتصاد ووضع حد لابتزاز المتدينين. شارون ومتسناع سوف يرضخان حتما لارادة الجمهور. والجمهور لا يريد الاستمرار في وضعنا الحالي. يريد التغيير».

لكن شارون رفض هذا التوجه. وقال: «لن اسمح باستثناء اي يهودي من الحكم في دولة اليهود». واما حزب العمل، الذي يشعر ان «شنوي» خطف منه كل الناخبين الهاربين من الليكود، فقد واصل التشكيك في نيات «شنوي»، وقال انه حزب غير مستقر وغير جدي ولا يوجد له برنامج واضح.