غموض حول وضع قادة الجماعة الإسلامية داخل السجون المصرية بعد عام من إعلان توبتهم

زهدي يتفرغ للأبحاث والدواليبي يصنع الموبيليا داخل السجن وحافظ حصل على 22 ألف جنيه تعويضا

TT

رغم مرور عام كامل على اعلان قادة الجماعة الاسلامية داخل السجون المصرية عن مراجعاتهم الفقهية التي احتوت أفكارا جديدة حملتها الكتب الأربعة التي أطلقوا عليها اسم «سلسلة تصحيح المفاهيم»، إلا أن الغموض مازال يحيط بمصير قادة الجماعة داخل السجون، او خارجها، بعد ان افرج عن بعضهم بعد قضائهم عقوبة المؤبد التي حكم بها عليهم في قضية اغتيال الرئيس السابق أنور السادات عام 1981، وتشير العديد من الشواهد عقب اعلانهم عن أفكارهم الجديدة، الى امكانية الافراج عنهم بعد قضاء بعضهم 21 عاما خلف القضبان.

ولكن لم يتم الافراج عن اغلبهم حتى الآن، مما جعل الموقف يزداد غموضاً بالنسبة لهم، وجعل التكهنات التي تشير الى تأجيل الافراج عنهم، اكثر مصداقية، في ظل الأوضاع العالمية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول) من العام قبل الماضي.

ولكن عدم الافراج عن قادة الجماعة الاسلامية لا يدل على وجود خلاف بينهم وبين النظام المصري، لأن العام الماضي شهد الافراج عن العديدين من كوادر الجماعة، وتم الاكتفاء بتمتع القادة بمعاملة خاصة داخل السجن، تتيح لهم حرية أكبر في التحرك والزيارات، بالاضافة الى الجولات التي يقومون بها داخل السجون لاقناع عناصر الجماعة بأفكار المراجعات، ومنع ظهور أي انشقاق على فكرهم الجديد الذي ينبذ العنف، ويؤيد مهادنة النظام.

وقالت مصادر أصولية لـ«الشرق الأوسط» إن قادة الجماعة الاسلامية يحصلون على عدة مميزات داخل السجن، فمثلاً يسمح لهم بارتداء زي عادي لا يلتزم بملابس السجن، بخلاف بقية السجناء، ويوجد قادة الجماعة السبعة حالياً في سجن «شديد الحراسة»، وهو أحد السجون الملحقة بمجموعة سجون مزرعة طره، وانتقل بعضهم الى سجن أسيوط للقرب من عائلاتهم، ويحصلون على امتيازات لا يحصل عليها اعضاء الجماعة الآخرون.

فكرم زهدي رئيس الجماعة، 51 عاماً، متفرغ في السجن لوضع الأبحاث، كما أنه قام بعدد من الزيارات لوالدته التي تعيش في محافظة المنيا في الصعيد ويتاح له أن يقضي بعض الوقت مع أسرته لأنه له ست بنات.

أما عصام دربالة، 49 عاماً، فمازال يدرس في كلية الآداب بجامعة المنيا التي تقع في نفس المحافظة التي ينتمي اليها، ودربالة من عائلة معروفة بالمحافظة، كما أنه شقيق سكرتير نادي القضاة المصري المستشار ناجي دربالة.

وبالنسبة لأسامة حافظ، 53 عاماً، وهو حاصل على بكالوريوس هندسة من جامعة أسيوط ويعد من أكثر قادة الجماعة المرشحين للافراج عنهم، خاصة أنه لم يصدر ضده حكم بالسجن، اذ انه معتقل اداري منذ عام 1993 حتى الآن، وأفرج عنه عام 1991 بعد أن قضى عقوبة السجن لمدة عشر سنوات في اتهامه في قضية اغتيال السادات عام 1981، وبعد الافراج عنه عمل في الادارة ا لمحلية في محافظة المنيا. حتى تم اعتقاله مرة أخرى عقب تفجر الأحداث في مطلع التسعينات، وهو حالياً رهن الاعتقال، ولذلك حصل على تعويض عن اعتقاله من محكمة القضاء الاداري تقدر قيمته بحوالي 22 ألف جنيه.

ويتمتع فؤاد الدواليبي، 50 عاما، بوضع خاص داخل سجن شديد الحراسة اذ يقوم بعمله الأصلي الذي ورثه عن عائلته التي تعيش في محافظة المنيا وهو صناعة الموبيليا، ويسمح له بصناعة الموبيليا لحسابه، ويقوم أهله بامداده بالأخشاب والرسومات المطلوبة، ويقوم هو بتنفيذها داخل السجن بعد أن يعرف الموديل المطلوب، ويحصل أقارب الدواليبي على الموبيليا التي صنعها ويقومون ببيعها في الخارج لحسابه.

اما علي الشريف، 48 عاما، فهو ينتمي الى قبيلة الاشراف في محافظة قنا، وتزوج في شهر أغسطس (آب) الماضي باحدى قريباته، ولذلك بقي بشكل مستمر في سجن أسيوط العمومي قريبا من أسرته، والشريف هو الوحيد من قادة الجماعة الاسلامية بدون أبناء حتى الآن كما أنه حاصل على بكالوريوس كلية التجارة ـ جامعة أسيوط.

ويتمتع بنفس الأوضاع ناجح ابراهيم مفكر الجماعة ومنظرها، وهو حاصل على بكالوريوس الطب من جامعة أسيوط، وعمل طبيبا في وحدة صحية بقرية فرشوط التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، وهو يعد طبيب اعضاء الجماعة داخل السجن.

وهناك ايضا عاصم عبد الماجد الذي يبلغ عمره، 51 عاما، وهو حاصل أيضاً على بكالوريوس طب من جامعة أسيوط قبل سنة عام 1981، ولكن عاصم عبد الماجد يعيش حالياً بساق واحدة بعد أن فقد احدى ساقيه أثناء المواجهات مع جهات الأمن عند مديرية أمن أسيوط في 8 أكتوبر (تشرين الاول) عام 1981 عقب اغتيال السادات مباشرة.

ويذكر ان قادة الجماعة قاموا باجراء حوارات مع مكرم محمد أحمد رئيس تحرير مجلة «المصور» المصرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، واقروا فيها بأفكارهم الجديدة أمام قواعد الجماعة من خلال شرح منهجهم الجديد بنبذ العنف والبعد عن التطرف والغلو في الدين.

وتزامن مع الاعلان عن مراجعاتهم كلام آخر أثير حول قيام قادة من جماعة الجهاد المصرية باجراء مراجعات شبيهة، لكنها لم تسفر عن نتائج حتى الآن. خاصة أن مصادر داخل السجون المصرية أكدت أن عبود الزمر الذي يعد الزعيم الروحي لجماعة الجهاد يشعر حالياً بحالة من الاحباط، لفشله في اقناع قادة جماعته بتبني استراتيجية وقف العنف على غرار الجماعة الاسلامية، خاصة بعد ضبط اقارب احد قادة الجماعة، وهو نبيل المغربي وهم يحاولون تهريب هاتف جوال له داخل السجن. وذكرت سلطات الأمن وقتها أنه حاول أن يستعمله للاتصال بعناصر للجهاد في الخارج. مما أثار الشكوك حول نيات جماعة الجهاد في تبني استراتيجية وقف العنف.