رئيس الأركان الأميركي في تركيا بعد غد لبحث الضربة المحتملة للعراق وسط مؤشرات على استعداد أنقرة لنشر 15 ألف جندي أميركي فقط

TT

قالت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان المشتركة سيجري محادثات مع مسؤولين عسكريين وحكوميين في تركيا ابتداء من بعد غد. واضافت الوزارة في بيان ان مايرز سيصل الى تركيا بعد ان يتوقف في بلجيكا وايطاليا. كما يصل الى انقرة الاسبوع المقبل وفد من الكونغرس الاميركي برئاسة السيناتور جون وورنر، ليؤكد للجانب التركي نية الكونغرس في المصادقة على تشريع ربما يساعد تركيا في امتصاص أية صدمات اقتصادية بتقديم ائتمانات تصل الى حوالي 14 مليار دولار. ومع مواصلة الولايات المتحدة حشد قواتها لحرب محتملة على العراق فان تركيا لم تمنح واشنطن حتى الان اذنا لشن هجوم على العراق من اراضيها مخافة ان تمتد الحرب الى حدودها وتثير اضطرابات اقتصادية واجتماعية. لكن متحدثا باسم الرئيس التركي احمد نجدت سيزر قال امس ان انقرة قد تقدم اسهامات محدودة في اية حرب تقودها الولايات المتحدة على العراق. وقال تاجان الديم المتحدث الرئاسي في تركيا للصحافيين في انقرة بدون ان يذكر مزيدا من التفاصيل، ان من الطبيعي ان بلاده تفكر في الاسهام في العمليات على نحو يتماشى والقانون الدولي، وانه سيكون اسهاما «محدودا بسبب الروابط التاريخية مع احد الجيران ووضع تركيا في المنطقة». من جهة اخرى ، اكد الناطق ان فتح القواعد العسكرية او نشر قوات اجنبية في تركيا في حاجة الى موافقة البرلمان. مضيفا «انه في غياب قرار من مجلس الامن الدولي من البديهي انه سيكون من الصعب على البرلمان الرد ايجابا» على المطالب الاميركية.

الى ذلك، صرحت مصادر مطلعة امس بأن المفاوضات بين المسؤولين الاميركيين والاتراك حول نشر قوات برية اميركية داخل الاراضي التركية تتجه صوب التوصل الى اتفاق على نشر اقل من ربع عدد القوات التي طلبت واشنطن سابقا من انقرة نشرها في تركيا. وقالت نفس المصادر ان تركيا على وشك السماح لقوات اميركية قوامها 15000 جندي وضابط سترسلها الولايات المتحدة الى جنوب شرقي تركيا حيث من المحتمل ان تفتح جبهة شمالية اذا قررت واشنطن إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. ويعتقد محللون ان هذا العدد ربما يساعد في تجنب إثارة المشاعر المناوئة للحرب في تركيا لكنه كاف لتشكيل خطر هجومي على العراق من الشمال. وفي نفس الوقت استأنف مخططون عسكريون اتراك تعاونا مفصلا مع «البنتاغون» لينهوا بذلك عدة اسابيع من ما وصفه مسؤولون اميركيون بأنه «تأخير مثير للإحباط». جدير بالذكر ان فريقا يضم 150 عسكريا اميركيا يعمل حاليا على إجراء مسح على المطارات والموانئ والقواعد العسكرية التركية، اذ تتركز مهمة هذا الفريق في تحديد التحسينات المطلوبة لاستيعاب القوات الاميركية في حال موافقة تركيا على وصول هذه القوات الى اراضيها. واشار دبلوماسيون ومسؤولون اتراك الى ان الدول الحليفة للولايات المتحدة تعمل على التوصل الى صيغة تلبي رغبة الولايات المتحدة في فتح جبهة شمالية في الحرب المرتقبة وتراعي على الاقل الحساسية التركية المفرطة. وتتركز هذه الحساسية في القوات البرية، اذ ان المسؤولين الاتراك اشاروا مسبقا الى قبولهم فتح القواعد التركية أمام الطائرات الاميركية والسماح بوجود وحدات صغيرة نسبيا لقوات العمليات الخاصة وإقامة محطات للبحث والانقاذ.

تجدر الإشارة الى ان تركيا ظلت تستضيف طائرات اميركية في قاعدة انجيرليك الجوية منذ فترة الحرب الباردة، وصوتت في الآونة الاخيرة على تجديد السماح باستمرار عملية المراقبة الجوية التي تعمل الطائرات الاميركية والبريطانية بموجبها في فرض نظام منطقة الحظر الجوي شمال العراق. بيد ان احتمال استقبال قوات برية يقدر قوامها بحوالي 80000 جندي وضابط، لا يبدو ممكنا خصوصا ان الآثار الاقتصادية الناتجة عن حرب الخليج الثانية على تركيا عام 1991 لا تزال غير بعيدة، فضلا عن ان هذا العدد الكبير من القوات الاميركية ستثير مخاوف من احتمال ان القوات الاميركية لن تغادر المنطقة. وقال مسؤول تركي انه يجب قبول قدر اقل بكثير مما تطلبه الولايات المتحدة. وأضاف انه يعتقد ان الولايات المتحدة ستبدي ارتياحها لاستقبال تركيا عددا من القوات الاميركية يتراوح بين 12000 و15000 جندي وضابط.

ومن جانبه رفض دبلوماسي غربي تأكيد عدد محدد لهذه القوات، مشيرا الى ان «البنتاغون» يرى ان هناك فرصة لخفض التقديرات المبكرة للقوات الاميركية.

وفيما جرى حشد قوات اميركية في الكويت تحسبا لشن هجوم على العراق عبر الصحراء جنوب العراق، يعتقد خبراء الاستراتيجية والتخطيط الاميركيين ان فتح جبهة شمالية امر حيوي ومهم لعدة اسباب. اذ ان شن هجوم بقيادة الولايات المتحدة من الشمال سيساعد على تأمين حقول النفط بشمال العراق وحماية الاقلية الكردية التي ارتكب ضدها صدام حسين مذابح في السابق، بالاضافة الى شغل العراق بالدفاع عن جبهة ثانية. وقال مسؤول تركي ان قوة العراق العسكرية في الشمال صورت على نحو مبالغ فيه، وأضاف ان المعلومات الاستخبارية التركية تشير الى ان وحدات الحرس الجمهوري في مدينتي الموصل وكركوك النفطيتين هي نحو ثلث القوة العراقية المفترضة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»