شيراك يحذر واشنطن من هجوم أحادي وبليكس يقلل من خطورة اكتشاف رؤوس كيماوية عراقية

TT

في ما يمكن اعتباره تحذيرا واضحا وشديد اللهجة موجها الى الولايات المتحدة الاميركية التي تعبر عن «نفاد صبرها» في العراق، اعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ان اي عمل «احادي الجانب» ضد بغداد يتم اقراره خارج اطار مجلس الامن الدولي ومن دون ضوء اخضر منه سيكون بمثابة «انتهاك للقواعد الدولية» التي تحرص فرنسا على التعلق بها.

وأكد الرئيس الفرنسي ان بلاده تعتبر ان حربا كهذه هي «اسوأ الحلول» وانها «اعتراف بالفشل» مضيفا ان فرنسا «لا يمكنها ان تساند» مثل هذا التوجه. وفي حال تحقق هذا السيناريو، فان باريس، على حد قوله، ستحتفظ «بكامل حريتها في تقويم الموقف» وتحديد الخط الذي ستسير عليه. غير ان شيراك لم يذهب الى حد التأكيد ان بلاده ستحاول، في مجلس الامن الدولي، ان تجهض النزعة الاميركية للحرب او الكشف عما سيكون عليه موقف فرنسا في حال طرح الموضوع على مجلس الامن.

وجاءت تصريحات شيراك امس في اطار مؤتمر صحافي عقده مع هانز بليكس، رئيس لجنة المفتشين الدوليين ومحمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية، عقب اجتماعهم في قصر الاليزيه. وجاءت المحطة الباريسية لبليكس والبرادعي كجزء من المشاورات التي اجرياها مع الدول الرئيسية في مجلس الامن الدولي تمهيدا لزيارتهما الى بغداد يومي الاحد والاثنين القادمين.

ورغم ان بليكس حرص في باريس على التخفيف من اصحية عثور المفتشين الدوليين، اول من امس، على رؤوس حربية كيماوية غير مجهزة للاستعمال، فانه بالمقابل دعا بغداد، بحزم، للتعاون الفعال مع المفتشين الدوليين. وفيما دعا شيراك السلطات العراقية الى «تقديم ادلة لا تدحض على تعاونها الحثيث» مع المفتشين الدوليين، قال بليكس ان هؤلاء «بحاجة الى موقف اكثر صدقا (من قبل العراق) وتعاون اكمل». وحذّر بليكس من المخاطر المترتبة عن امتناع العراق عن اقتناص «الفرصة الاخيرة» لنزع اسلحة الدمار الشامل والبرامج التي يملكها سلميا، بقوله ان «الوضع بالغ التوتر».

وقال بليكس: «لسنا متأكدين من ان عددا من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية قد دمر تماما». وشكا كبير المفتشين الدوليين من ان اللجان الدولية «لم تحصل بعد من العراق على التعاون المعمق الذي تبحث عنه».

وعدّد بليكس ما يريده من العراق ويتلخص بتوفير المستندات والوثائق حول الاسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية وامكانية استجواب العلماء العراقيين من غير حضور مندوبين عن السلطات العراقية.

غير ان كبير المفتشين، رغم لهجته الشديدة ضد بغداد، حرص على القول ان المفتشين «لا يريدون اذلال العراق»، في ما يبدو، على انه رد على اتهامات بغداد لهم بالتحيز والقيام باعمال استفزازية.

وطالب بليكس السلطات العراقية بان تمتنع عن ممارسة «لعبة القط والفأرة» وان تتعاون حقيقة لان في ذلك «نتائج ايجابية».

وفي ما يخص الرؤوس الحربية الكيماوية، التزم بليكس موقفا حذرا واشار الى ان الخبراء سيتحققون مما اذا كان العراق قد اعلن عن هذه الاسلحة كما اكد اول من امس.

الى ذلك، اعلن جورج باباندريو وزير خارجية اليونان امس، ان بليكس سيطلع ممثلي الاتحاد الاوروبي بعد غد في اليونان على نتائج زيارته مع البرادعي لبغداد غدا وبعده. وتتولى اليونان حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي. وقال باباندريو للصحافيين «الرئاسة تدعو السيد بليكس الى اثينا الاسبوع المقبل لنجتمع معه لاجراء مناقشات مستفيضة حول هذه القضايا». وكان باباندريو قد اعلن في وقت سابق عن بعثة اوروبية تتوجه الى الشرق الاوسط اواخر الشهر الحالي للسعي لتفادي حرب في العراق. من جانبه، قال الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا، امس في اثينا «ان على صدام حسين ان يبدي مزيدا من النشاط والحركة في اتصالاته مع بليكس لاقناع العالم بانه يريد حقا نزع اسلحته».

من جهتها، اعتبرت روسيا امس ان عثور المفتشين الدوليين على رؤوس صواريخ جنوب بغداد يبرهن على فاعلية اجراءات التفتيش عن الاسلحة العراقية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان «نتائج التفتيش (في تلك المنطقة) بينت مجددا فاعلية اجراءات التفتيش التي تنتهجها الامم المتحدة في العراق والتي ينبغي ان تتواصل لتغلق بصورة تامة ونهائية كافة ملفات التسلح العراقي». واضافت «ان رأي الجانب الروسي يقوم على ان نتائج تفتيش مراكز التخزين هذه تتطلب قيام الخبراء بتحليل مفصل قبل ان يتم استخلاص نتائج». وتابعت «لا بد من التأكيد على ضرورة ان يواصل العراق طبقا لالتزاماته بموجب القرار 1441 الصادر عن مجلس الامن الدولي، تأمين وصول المفتشين بدون شروط وبصورة فورية الى كافة المواقع» التي يريدون تفتيشها.

واعلن السفير الاميركي في موسكو الكسندر فيرشبو، امس امام الصحافيين ان القرارات القائمة الصادرة عن مجلس الامن تكفي لتبرير هجوم على العراق، عند الحاجة، مشيرا الى ان واشنطن ستقدم للمفتشين ادلة جديدة على ان بغداد تملك اسلحة دمار شامل. وقال خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية «نعتقد ان القرارات القائمة تتضمن ما يكفي لتبرير مختلف الاعمال ضد العراق بما يشمل العمل العسكري». واضاف ان مهمة مفتشي نزع الاسلحة في العراق تشكل «فعلا الفرصة الاخيرة للرئيس العراقي صدام حسين لكي يلتزم بمطالب المجموعة الدولية كما عبر عنها مجلس الامن» معتبرا ان «مصداقية الامم المتحدة على المحك». وقال السفير الاميركي من جهة اخرى ان الولايات المتحدة «ستقدم للمفتشين معلومات اضافية، وأدلة مهمة نملكها على ان صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل». واضاف «ان حكومتي ستقدم وقائع اضافية».