لقاء لحود ـ الحريري المقترح غداً تحدد نتائجه مصير الحكومة اللبنانية تغييرا .. أو تفعيلا

TT

تتجه الانظار غداً الاحد الى قصر الرئاسة اللبنانية في بعبدا حيث سينعقد اللقاء المقرر بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، هو الاول بينهما منذ اكثر من اسبوعين والذي يأتي بعد الازمة التي حصلت اخيراً بينهما بسبب قضية البث الفضائي لتلفزيون «نيو. تي. في» وما تلاها من مضاعفات.

وقالت اوساط الحريري انه هو الذي بادر الى طلب عقد هذا اللقاء مع الرئيس لحود اثناء جلوسهما الى طاولة مجلس الوزراء اول من امس فرد لحود متجاوباً واتفقا على ان يكون الموعد قبل ظهر غد. فيما قالت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الشرق الاوسط» انه هو الذي نصح الحريري بعقد هذا اللقاء مع لحود عندما التقاه الاربعاء الماضي في السراي الحكومي اثر عودته من اجتماعه الاسبوعي مع رئيس الجمهورية.

واجمع بعض الوزراء الذين شاركوا في جلسة اول من امس على ان لقاء الغد، سيكون بما سيسفر عنه من نتائج عنوان المرحلة المقبلة سواء على مستوى العلاقة بين لحود والحريري او على مستوى التعاطي مع الملفات المطروحة وفي مقدمها ملف التغيير الحكومي.

على ان اوساط الحريري ابدت ارتياحها الى اوضاع السوق المالية كونها لم تتأثر بالخلاف مع انه لم يهدأ في الاعلام بعد، ولفتت الى ان مصرف لبنان اشترى خلال يومي الاربعاء والخميس اللذين شهدا تصاعداً في هذا الخلاف ما قيمته 55 مليون دولار.

وخرج زوار الحريري بانطباع امس مفاده انه ذاهب الى اللقاء مع لحود راغباً في ازالة الخلاف القائم بينهما عبر الاحتكام الى الدستور تماماً كما كان يفعل الرئيس الراحل فؤاد شهاب اذ عندما يحصل خلاف حول صلاحية معينة كان يدعو المختلفين معه الى «العودة الى الكتاب».

ولمس زوار الحريري في هذا المجال تمسكه بموقفه من موضوع جدول اعمال مجلس الوزراء، اذ يعتبر ان النص الدستوري واضح حيث يعطي رئيس مجلس الوزراء صلاحية واضحة في وضع هذا الجدول واطلاع رئيس الجمهورية عليه، مشيراً الى ان الفقرة السادسة من المادة 64 من الدستور التي تحدد صلاحيات مجلس الوزراء تقول انه «يدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد ويضع جدول اعماله. ويطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث».

ورأت اوساط الحريري ان حق الاطلاع على جدول الاعمال الذي تمنحه هذه الفقرة لرئيس الجمهورية لا يعني ان له صلاحية حذف هذا البند او ذاك من هذا الجدول خصوصاً انه يرأس جلسات مجلس الوزراء عندما يشاء من دون ان يشارك في التصويت، مما يعني ان الدستور لا يلزّمه بحضور كل الجلسات، ولكن يعطيه صلاحية عرض اي امر من الامور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، ودعوة مجلس الوزراء استثنائياً الى الانعقاد «كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة».

لكن الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني قال لـ«الشرق الاوسط» في هذا المجال «ان غياب النظام الداخلي لمؤسسة مجلس الوزراء هو الذي يؤدي الى حصول مثل هذه الاشكالات، فوثيقة الوفاق الوطني (المعروفة باتفاق الطائف) اناطت السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً بعدما كانت مناطة في السابق برئيس الجمهورية وحددت طريقة اتخاذ القرارات بالتوافق واذا تعذر ذلك فبالتصويت.

واكد الحسيني «ان اطلاع رئيس مجلس الوزراء رئيس الجمهورية مسبقاً على جدول اعمال المجلس حسبما تنص المادة 64 من الدستور ليس اطلاعاً شكلياً، بل بقصد تمكين الرئيس من درس المواضيع المدرجة على هذا الجدول وفي استطاعته ان يأخذ مهلة لهذه الغاية او ان يطلب تأجيل طرح هذا البند او ذاك. لانه حسبما تنص الفقرة الاولى من المادة 49 من الدستور هو «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه وفقاً لاحكام الدستور ...». ولأنه بهذه المرتبة والصفة له الحق في التدخل في اي شأن يرى فيه ما يتعارض مع مصلحة الوطن والمواطنين انطلاقاً من موقعه كَحَكَم وكراعٍ للمؤسسات.

ويضيف الحسيني «ان كل هذه المسائل تحتاج الى آلية تنظمها لان الدستور نقل السلطة التنفيذية من حكم الشخص الى حكم المؤسسة، ولذلك المطلوب وضع النظام الداخلي لمجلس الوزراء لان هذا النظام هو الذي يحدد هذه الآلية، سواء لجهة صلاحية رئيس الجمهورية والحكومة في التعاطي مع جدول اعمال مجلس الوزراء او لجهة علاقة مجلس الوزراء برئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية».

وقال احد الوزراء البارزين لـ«الشرق الأوسط» ان حكومة الحريري لن تستقيل اذا لم يحصل اتفاق مسبق بين المعنيين على التشكيلة الوزارية الجديدة، وذلك لئلا يحصل فراغ دستوري في البلد تديره حكومة مستقيلة لا صلاحية لها الا تصريف الاعمال.

ولم يستبعد هذا الوزير ان تستمر هذه الحكومة في مهماتها لان كل المعطيات المتوافرة حالياً تشير الى ان حصول الاتفاق المسبق بين المعنيين على الحكومة الجديدة ما زال امرا غير متيسّر في هذه المرحلة. فضلاً عن ان تصاعد الوضع الاقليمي المتصل بالعراق، قد يدفعهم الى خيار تعويم الحكومة الحالية وتفعيلها في انتظار توافر المعطيات التي تساعد على تغييرها.