تعديل القانون الجنائي لمواجهة الإرهاب في المغرب يثير مخاوف من حدوث تجاوزات جديدة في مجال حقوق الإنسان

TT

أثار مشروع التعديل الذي تزمع الحكومة المغربية ادخاله على قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي لمواجهة الإرهاب، المخاوف من فتح باب واسع أمام تجاوزات جديدة في مجال حقوق الإنسان.

والجرائم التي وصفها المشروع الحكومي بـ«الإرهابية» يشير إليها القانون الجنائي الحالي بشكل صريح وينص على طبيعة العقوبات التي يجب أن يحكم بها. وجرم هذا المشروع «مجموعة من الأفعال التي اعتبرها إرهابية إذا كانت على علاقة عمدية بمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى المس بحياة الأفراد أو بسلامتهم أو بحرياتهم، وتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو تزييف لأختام الدولة والدمغات أو تزوير بعض الوثائق والشهادات الإدارية، وكذا أعمال التخريب أو التعييب أو الإتلاف أو تحويل الطائرات أو السفن أو غيرها من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو تعييب أو تخريب وسائل الاتصال، والسرقة وانتزاع الأموال أو صنع أو حيازة أو استعمال أو ترويج الأسلحة والمتفجرات بطريقة غير شرعية أو جريمة مخلة بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات أو تزوير أو تزييف الشيكات وغيرها من وسائل الأداء، أو تكوين عصابة أو اتفاق لأجل ارتكاب عمل إرهابي أو إخفاء الأشياء المتحصل عليها من أعمال الإرهاب أو الترويج أو الدعاية للعمل الإرهابي أو الإشادة به بصفة علنية». وقال مراقبون إن كل هذه الجرائم ينص عليها القانون الجنائي، «لكن الجديد الذي جاء به المشروع هو التشديد في العقوبات والرفع من مدد الحراسة النظرية، كما أن المشروع جعل مضمون الإرهاب فضفاضا وأدخل فيها جرائم عادية، في الوقت الذي لا يزال هناك خلاف كبير حول تعريف موحد للجرائم الإرهابية»، على حد قول محمد الصبار رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، الذي لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قانون المسطرة الجنائية الحالية يمنح قاضي التحقيق إمكانية فرض العزلة على كل مشتبه فيه داخل السجن حفاظا على سرية البحث والتحقيق، كما يمنحه إمكانية انتداب الشرطة القضائية للاستماع الى مشتبه فيه والموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بما في ذلك إجراء مواجهات بينه وبين مشتبه فيهم آخرين. وقال الصبار «ليس هناك ضرورة ملحة لتعديل قواعد الحراسة النظرية، واعتقد أن المشكلة في المغرب لا تتعلق بنقص في القوانين، وإنما باحترام القواعد القانونية الموجودة». وأوضح الصبار أن المشروع الحكومي لا يستجيب لضرورات اجتماعية أو أمنية، «لذلك فتخوفنا أن يكون هذا المشروع يهدف إلى تقنين التجاوزات».

من جهته، قال المحامي مصطفى الرميد، رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب إن المشروع عمد إلى تعويم مفهوم الإرهاب إلى حد وصف جرائم عادية بأنها «أعمال إرهابية بمعنى أننا يمكن أن نجد أنفسنا أمام قضايا لا علاقة لها بالإرهاب يعتبر القانون أنها إرهابية». ووصف الرميد الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» الإجراءات المسطرية التي ينص عليها التعديل بأنها عشوائية ووحشية تكفي وحدها لنشر الإرهاب في أوساط أقارب وجيران كل مشتبه فيه، «لأنها تطلق يد الشرطة لتعمل ما تريد» في إشارة إلى السماح لضباط الشرطة القضائية القيام بإجراءات التفتيش والحجز والمعاينة خارج الأوقات العادية والرفع من مدة الحراسة النظرية إلى 144 ساعة قابلة للتمديد مرتين لمدة 96 ساعة كل مرة. يذكر أن قانون المسطرة الجنائية الحالي يحدد مدة الحراسة النظرية في 48 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة 24 ساعة. وأكد الرميد أن فريقه سيقف ضد كل هذه التعديلات لأنها تمس في العمق بحقوق الإنسان.

وينص مشروع التعديل الحكومي على عقوبات صارمة سالبة للحرية يمكن أن تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد، فضلا عن عقوبات مالية وعقوبات إضافية «تتمثل في حرمان المدان مؤقتا من الحق في العيش، وتدابير وقائية تتمثل في إجبار الفاعل مؤقتا على الإقامة بمكان تحدده له المحكمة ولا يمكن الابتعاد عنه بدون رخصة وفي عدم أهليته لمزاولة جميع الوظائف والخدمات العمومية». ويتمتع المشروع بعذر معف من العقاب الفاعل أو المساهم أو المشارك الذي يكشف للسلطات القضائية أو الشرطية أو الإدارية أو العسكرية عن وجود اتفاق جنائي أو عصابة لأجل ارتكاب جريمة إرهابية إذا قام بذلك قبل محاولة الجريمة التي كانت موضوع الاتفاق أو هدف العصابة وقبل إقامة الدعوى العمومية. ويشجع الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم تلقائيا للسلطات العامة قضائية كانت أم أمنية أو الذين يبلغون عن المساهمين والمشاركين في الجريمة الإرهابية ولو بعد ارتكابها بتخفيض العقوبة إلى النصف.