تشافيز يسلم بن عيسى نيابة عن العاهل المغربي مقاليد الرئاسة الدورية لمجموعة 77 والصين ويرفض الليبرالية الجديدة كنمط للتنمية

TT

سلم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز اول من امس في مقر الامم المتحدة مقاليد الرئاسة الدورية لمجموعة الـ77 والصين الى المغرب خلال حفل اكد فيه على رفض الليبرالية الجديدة كسبيل وحيد من اجل تنمية البلدان. وقال تشافيز: «هناك امل غير معقول في فرض نمط تفكير وحيد، هو الليبرالية الجديدة، التي برهنت على انها زادت من تفاقم حدة الامراض التي يشكو منها العالم». واشار الى ان مجموعة الـ77 والصين يجب عليها التركيز بشكل خاص على الوفاء بالمتفق عليه اثناء قمة الالفية وقمة هافانا. وابرز تشافيز ان «البيانين الختاميين (للقمتين) ينصان على التزام بلدان الامم المتحدة بالعمل من اجل عالم افضل»، مضيفا ان قرار تأسيس صندوق انساني للتخفيف من حدة الفقر كما تم طرحه خلال مؤتمر التمويل لاجل التنمية في مونتيري (المكسيك) ينبغي ان يكون هدفا اولويا آخر. واردف قائلا ان احد مصادر تمويل هذا الصندوق قد يكون هو المال الذي تخصصه البلدان النامية لـ«آلة الدين الخارجي الفاجرة»، واستعادة الاموال التي يهربها الاغنياء الى الفراديس المالية. واشار تشافيز الى ان «المجاعة والاستغلال وعدم المساواة آخذة في الارتفاع. المفهوم الحالي للتنمية ليس مستداما وعلينا اعادة وضع الكائن البشري في مركز الصورة». واضاف ان الصحة والتربية اهم من الشؤون المالية للاقتصاد الكلي وانتقد القمم حول التنمية لانها لم تثبت حتى الآن انها تخدم الاهداف التي تصبو اليها. وخلص تشافيز الذي يواجه في بلاده اضرابا عاما مستميتا من المعارضة دخل في يومه السابع والاربعين، الى القول انه لا سلام في العالم طالما لاتوجد هناك عدالة وانصاف. وتابع ان «الارهاب لا يمكن محاربته بالقنابل فقط. لا معنى من محاربة الاعراض دون تشخيص المرض».

من جهته، قال وزير الخارجية والتعاون المغربي محمد بن عيسى، الذي تسلم من تشافيز مفاتيح رئاسة المجموعة نيابة عن العاهل المغربي الملك محمد السادس إن «المغرب لن يدخر جهدا ليكون جديرا بالثقة التي وضعتها فيه مجموعة الـ77 والصين ولينهض بحزم وواقعية وابتكار بالمصالح المشتركة للمجموعة خلال استحقاقات سنة 2003».

وأضاف بن عيسى ان أكبر تحد يواجه مجموعة الـ77 والصين يتمثل في ضرورة التأقلم مع العولمة التي مازالت على الرغم من انها توفر فرصا حقيقية للتنمية تؤدي في الوقت الحاضر إلى تعميق الفوارق بين الأغنياء والفقراء وإلى تهميش المجتمعات الأقل مناعة مؤكدا أنه حان الوقت لمعالجة الاختلالات الوظيفية للاقتصاد العالمي وانعدام توازن وتناسق البنيات الدولية في ميادين المال والتجارة والتكنولوجياوالاستثمارات حتى تصبح العولمة مفيدة للجميع. وقال بن عيسى إنه على الرغم من أن خطة تنفيذ توصيات قمة جوهانسبوغ (القمة العالمية للتنمية المستدامة) لم تستجب كليا لتطلعات البلدان النامية إلا أنها تشكل التزاما أوليا حازما لتحقيق الأهداف المرسومة من طرف المجموعة الدولية منذ قمة ريو .2 وفي ما يتعلق بالحوار بين الشمال والجنوب شدد بن عيسى على ضرورة الاستمرار مع مجموعة الثمانية في الدفع بحوار قائم على روح الشراكة والمنافع المتبادلة بهدف التوصل الى الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض البلدان النامية. وجدد بن عيسى نداء المجموعة إلى البلدان المتقدمة من أجل أن تسفر المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف في إطار المنظمة العالمية للتجارة نتائج متوازنة تأخذ بعين الاعتبار المصالح الخصوصية للبلدان النامية. وتعهد بمواصلة الحوار مع البلدان الغنية من اجل ضمان ولوج البلدان الأقل نموا الى أسواقها بحرية ودون حصص والدعوة الى زيادة المساعدة العمومية للتنمية. وأكد أن المجموعة ستواصل أيضا حث الدول المتقدمة على تبني إجراءات تحفيزية من اجل تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين آفاق التنمية بالنسبة للبلدان النامية حتى يتسنى تحقيق النمو والتنمية المستدامة المنشودين مشيرا إلى أن الظرف الدولي الحالي يحتم التعاون من أجل شراكة جديدة للتنمية بين الشمال والجنوب ترتكز على الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة. وأشار إلى أن التحديات التي تواجهها المجموعة حاليا تفرض الحفاظ على وحدتها وتضامنها وتعزيزها مجددا بالتأكيد على أن المغرب لن يدخر جهدا خلال ولايته لتعزيز هذه الوحدة وهذا التضامن معتمدا على الدعم الثمين لجميع الأعضاء من أجل إرساء أسس موقف منسجم تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك. ودعا بن عيسى إلى متابعة المجهودات من أجل تنفيذ خطة عمل هافانا عن طريق تشجيع كل المبادرات والبرامج الكفيلة بتعزيز العلاقات جنوب ـ جنوب. وأعلن في هذا الإطار أن المغرب يأمل في استضافة المؤتمر الذي أقر برنامج عمل هافانا عقده على مستوى رفيع في غضون العام الجاري عاقدا العزم على أن يجعل منه فرصة لانعاش العلاقات جنوب ـ جنوب في أفق المؤتمر المقبل لمجموعة 77 والصين سنة .2005 وأكد أن الحكومة المغربية عازمة على أن تجعل من مؤتمر 2003 اجتماعا مثمرا وناجحا ونقطة بداية عهد جديد للتعاون جنوب ـ جنوب وتقترح أن تتمحور أشغاله حول مواضيع «تقييم برامج عمل التعاون التقني والاقتصادي المقررة في كل من بوينوس ايرس وكراكاس» و«مراجعة النظام العام للأفضليات التجارية بين الدول النامية لجعله أكثر فعالية» علاوة على «البحث عن الوسائل والسبل الكفيلة بتعزيز التعاون جنوب ـ جنوب لفائدة البلدان الأقل نموا خاصة في افريقيا وهي الأعضاء الأقل مناعة في المجموعة وذلك من أجل بلورة مبدأ التضامن بين كل مكوناتها». كما أكد بن عيسى على ضرورة استمرار المجهودات من أجل تحسين دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع أنشطتهما وإشراكهما في وضع وتنفيذ السياسات التنموية الوطنية. ومن جهته، هنأ كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة كلا من بن عيسى وسفير المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة محمد بنونة على انتقال رئاسة المجموعة إلى المغرب مشيرا إلى أن المغرب يضطلع بهذه المسؤولية في مرحلة تعتبر صعبة لتحقيق أهداف الألفية الحالية في مجال التنمية. وقال أنان «أولا يلاحظ أن الاقتصاد العالمي اخذ في الانتعاش ببطء شديد خلال عقد من الزمان ولا تزال هناك مخاطر ملموسة تشمل حالات التوتر والتشكك الجيو ـ سياسية التي يمكن أن تكون لها آثار خطيرة على اقتصاديات كل البلدان ولاسيما البلدان النامية». وأكد أن التفاؤل الذي تولد عن الاتفاق المبرم في الدوحة بحاجة إلى الاستدامة من خلال بذل جهود متجددة لانجاح المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف مشددا على ضرورة تحسين طريقة متابعة المؤتمرات داخل منظومة الأمم المتحدة. أما مالوش براون مدير برنامج الامم المتحدة للتنمية، فقال مخاطبا بن عيسى ان المغرب يتحمل منذ الآن مسؤولية الإسراع في إنجاز أهداف قمة الألفية معبرا عن كامل دعمه له. وللإشارة فإن حفل الغداء الذي أقامه وزير خارجية المغرب في مقر الأمم المتحدة على شرف الرئيس تشافيز والأمين العام للامم المتحدة حضره ممثلو البلدان الأعضاء في مجلس الأمن من بينهم ممثلو البلدان الخمسة الدائمة العضوية إضافة الى العديد من سفراء الدول الأعضاء. وكان المغرب قد انتخب بالتصفيق يوم 19 سبتمبر (ايلول) الماضي خلال الاجتماع الوزاري للمجموعة الذي انعقد بمقر الامم المتحدة لترؤس مجموعة 77 والصين خلال سنة .2003 وسيكون المغرب مدعوا بناء على ذلك للتحدث باسم المجموعة في إطار الأمم المتحدة حول جميع القضايا المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما أن المغرب مدعو خلال فترة توليه رئاسة المجموعة إلى أن يكون مدافعا عن المجموعة في الساحة الدولية وخاصة لدى مجموعة الثمانية لتحسيسها بانشغالات البلدان النامية من أجل بروز نظام اقتصادي دولي أكثر عدالة وإنصافا.