أكراد العراق يؤيدون الحرب ضد بغداد لكنهم يخشون انتقام صدام

TT

أربيل ـ أ.ف.ب: يكاد يجمع اكراد العراق على ان الضربة الاميركية الموجهة الى البلاد واقعة لا محالة الا انهم وان كانوا ينتظرون بفارغ الصبر رحيل الرئيس صدام حسين، فهم يخشون ما ستجره عليهم هذه الحرب من ويلات جديدة.

ويتساءل احد مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتقاسم السلطة مع الاتحاد الوطني الكردستاني على منطقة كردستان العراق الخارجة عن سلطة بغداد المركزية منذ عام 1991، طالبا عدم الكشف عن هويته: «هل تعتقد فعلا ان الولايات المتحدة تحشد مثل هذه القوات الكبيرة في المنطقة لكي تتركها مجمدة حتى سبتمبر (ايلول)» المقبل. فيما يرى مسوؤل اخر من الاتحاد الوطني الكردستاني، هو عدنان المفتي، ان «كل شيء يتوقف على كلمة صدام حسين الاخيرة، وهو لن يستطيع ان يقبل بكل شيء.. فالحرب واقعة اذن وفي نهاية فبراير كما اعتقد».

ويرى معظم الاكراد ان الحرب شر لا بد منه للتخلص من دكتاتورية حزب البعث الذي قتل كما يقولون نصف مليون كردي وهجر مليونين آخرين وسوى قراهم بالارض وعذب مناضليهم وانكر عليهم هويتهم. ولا يشك الاكراد في ان النصر قادم حتى ولو ان الحزبين الرئيسيين يرفضان الافصاح عما اذا كان مقاتلوهما الذين يقدر عددهم بستين الفا (وهو رقم يصعب التحقق منه) سيشاركون في القتال ام لا. وهم على يقين من ان العراقيين من جهة السلطة المركزية، بدأوا يعدون العدة للفرار.

الا ان الاكراد يخشون مع ذلك ان ينتقم صدام حسين منهم للهزيمة المقبلة من دون ان يخاطر بتحريك جيوشه الى كردستان تاركا بغداد والمدن الاخرى مكشوفة، وذلك باطلاق اخر ما لديه من قذائف كيميائية وجرثومية تماما كما جرى في حلبجة العام 1988 حيث قتل خمسة الاف شخص بالاسلحة الكيميائية. ويوضح عدنان المفتي «اننا عاجزون تماما امام اي هجوم كيميائي او جرثومي.. فليس لدينا اي اقنعة واقية في الوقت الذي قيل لنا ان اسرائيل زودت الكلاب لديها بهذه الاقنعة».

ويقول احد الاطباء ساخرا «لقد خبرنا هذا النوع من المواقف، فنحن نعرف تماما كيف يكون الموت». ويعبر ابراهيم طاهر مسؤول احد المراكز الحدودية بين كردستان وباقي انحاء العراق الخاضعة لسلطة صدام حسين، عن تخوفه من ان تتعرض المنطقة الكردية الى القصف من مدينة جمجمال القريبة.. لكنه يعبر عن خوف اكبر حين «يتدفق الاف اللاجئين على طرق الشمال وخصوصا على الطريق المؤدية الى كركوك»، التى يسيطر عليها نظام صدام حسين والتى يعتبرها الاكراد عاصمتهم المقبلة.. لان هذه الطريق «ستكون اول اهداف» صدام حسين.

ويقول المسؤولون الاكراد انهم يعملون سرا على وضع خطط للاخلاء حتى لا يصاب السكان بالذعر. وتبدو هذه الخطط امرا بالغ الاهمية لان السكان يتحركون الان فعليا على وقع الحرب. وتشاهد منذ ايام صفوف طويلة امام محطات الوقود التى اوقفت بغداد امدادها، من دون ان تنفع المخزونات المرتجلة في الحد من هذه الطوابير. ويعيش الاكراد كما تعودوا دائما في حال من الترقب، يتابعون الانباء وسوق الدينار المتأرجح تبعا لتأرجح هذه الانباء. لكن المستقبل على الرغم من كل المخاوف لا بد ان يكون افضل من الحاضر، والطلاب في جامعة السليمانية يفكرون بالانتقال الى بغداد للعمل.. اما الاستقلال فأمره مؤجل بالنسبة للحزبين الكبيرين وبالنسبة للجميع تقريبا في ضوء المعادلات الدولية الحالية. هذه المعادلات هي التى يقول عنها عالم النفس نزار محمد امينة من جامعة السليمانية، انها تعكس «التناقض بين الرغبة الجامحة (في الاستقلال) والواقع الذي لا يمكن تجاوزه».