اتهامات لشركة هندية بتزويد العراق منذ سبتمبر 1998 بمواد وأجهزة تدخل في برامج تطوير أسلحة محظورة

TT

قدمت شركة هندية غير معروفة أول دليل واضح يكشف عن أن العراق حصل على مواد خلال السنوات الأربع الأخيرة لإنتاج أو إطلاق أسلحة الدمار الشامل. وتسمَّى هذه الشركة بـ«إن إي سي إنجنيرنغ برايفت»، وكانت تستعمل تصاريح جمركية زائفة ووثائق مزورة أخرى، إضافة إلى شركات في الخطوط الأمامية موجودة في ثلاثة بلدان، لتصدير 10 شحنات من المواد الخام والأجهزة للعراق يمكن استعمالها لإنتاج الأسلحة الكيماوية ومحركات الدفع للصواريخ بعيدة المدى، حسب ما جاء في سجلات محكمة هندية.

وجرت عمليات الشحن التي بلغت تكاليفها 800 ألف دولار بين سبتمبر (ايلول) 1998وفبراير (شباط) .2001 والمواد المرسلة للعراق ذات تخصص عال مثل مسحوق الألومنيوم الذري ومضخات الطرد المركزي للتيتانيوم، وهذه المواد ذهبت ظاهريا إلى الأردن ودبي. لكنها بعد ذلك أرسلت إلى مصنع «الفلوجة 2» للكلور في العراق وإلى موقع آخر ينتج وقود الصواريخ الا وهو مصنع المأمون، حسبما ذكرت تقارير استخبارية أميركية وبريطانية.

وفتحت قضية الشركة الهندية ملف عمليات الشراء غير المشروعة التي قام بها العراق منذ ديسمبر (كانون الاول) 1998 حينما أجبر مفتشو الأمم المتحدة للأسلحة على مغادرة بغداد. ولم يشر العراق إلى الشركة الهندية كمجهز للمواد الخام في تصريحه عن أسلحة الدمار الشامل الذي تضمن 12 ألف صفحة والذي سلمه لمجلس الأمن الدولي الشهر الماضي. وقد لا تقدم هذه القضية الدليل الدامغ الذي قال المجتمع الدولي إنه بحاجة إليه كي يبرر العمل العسكري ضد العراق، لكنها عززت مزاعم البيت الأبيض القائلة بأن صدام حسين قد استمر سرا في مساعيه الهادفة إلى تطوير اسلحة محظورة.

لكن المسؤولين الأميركيين لم يطرحوا قضية الشركة الهندية علنا سعيا لعدم إحراج الحكومة الهندية للنواقص الموجودة في النظام الجمركي الهندي. وكانت الولايات المتحدة قد خفضت من درجة علاقاتها الثنائية بنيودلهي بشكل كبير بعد أن قامت الهند بإجراء تجارب على أسلحتها النووية في مايو (ايار) .1998 لكن الحكومتين قامتا بتعزيز الأواصر الدبلوماسية والعسكرية والاستخبارية منذ هجمات 11 سبتمبر .2001 وكانت واشنطن قد فرضت حظرا على الشركة الهندية بعد أن أشيع قيام مديرها السابق بمساعدة فريق من الخبراء العاملين في مصنع «الفلوجة 2» في ابريل (نيسان) 1999 على نصب أجهزة تساعد على إنتاج أسلحة كيماوية. وكانت الهند من جانبها قد أوقفت إجازة التصدير الممنوحة لشركة «إن إي سي» وصادرت جوازات سفر بعض المسؤولين الكبار في هذه الشركة وفتشت مكاتب الشركة في الهند وخارجها. وكشف المدير العام للشركة الذي سُجن لأربعة أشهر في الخريف الماضي عن برنامج متقن لتصدير هذه الأجهزة والمواد للعراق. ومن المتوقع أن توجه له تهم أخرى لاحقا.

من جانبهم أكد مفتشو الأسلحة الدوليون أن العراق استعمل بعضا من هذه المواد. وفي بداية هذا الشهر قامت فرق التفتيش عن الصواريخ بزيارة رابعة لمصنع المأمون الواقع على بعد 36 ميلا جنوب بغداد، وتمكنت هذه الفرق من تشخيص محركات الدفع الصاروخي «التي انتجها العراق بين سنتي 1998 و2002» حسب تقرير الأمم المتحدة وشاهدت هذه الفرق «نشاطات لإنتاج محركات الدفع للصواريخ» مرتين خلال أسبوعين.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»