بابا الفاتيكان :مواقفنا من الأزمة العراقية أفضل من دول عربية

TT

حذر البابا يوحنا بولس الثاني، زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم، الولايات المتحدة من استمرار سياستها الحالية فى منطقة الشرق الأوسط. واشار الى أن واشنطن تتعجل اللجوء الى خيار الحرب لحل قضية العراق بينما تتباطأ على نحو متعمد في تحقيق تسوية سلمية عادلة للقضية الفلسطينية، مؤكداً ان مواقف الفاتيكان من قضية العراق كانت افضل من مواقف دول عربية أيدت واشنطن بلا تردد.

جاء ذلك في كلمة ألقاها البطريرك غريغوريوس لحام بطريرك الروم الكاثوليك بالنيابة عن بابا الفاتيكان في لقاء اسلامي ـ مسيحي بعنوان «السلام التزام دائم» عقد في القاهرة مساء أول أمس وحضره علماء دين من الجانبين.

وقال البابا ان الأديان بريئة من العدوان وتسعى الى نشر قيم التآخى الانسانية ونشر ثقافة السلام، مؤكدا أنه لا توجد صراعات يمكن وصفها بالحروب الدينية، فالأديان كلها جوهرها السلام والرحمة بالبشرية بينما هناك حروب يستغل فيها الدين ستاراً لأهداف أخرى. وأضاف أن تعابير رائجة من قبيل «اليمين المسيحى المتطرف» أو «المسيحية الصهيونية» هي تعابير خاطئة فالمسيحية بريئة من الصهيونية والمقصود فئة محدودة من الموالين لاسرائيل في الولايات المتحدة لأهداف سياسية وهؤلاء لا يمثلون أي طائفة مسيحية.

وأضاف البابا يوحنا بولس الثاني في كلمته ان السلام في العالم يواجه محنة خطيرة وعلى قوى المحبة للسلام وفي طليعتها المؤسسات الدينية أن تعمل جاهدة على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي وتأكيد التعاون، خاصة بين معتنقي الديانتين الاسلامية والمسيحية. وأكد البابا ان الفاتيكان لم يقصر تجاه القضية الفلسطينية وأزمة العراق، مؤكداً أن مواقفه كانت على الدوام واضحة وربما كانت أفضل من دول عربية أعلنت بلا خجل وقوفها الى جانب الولايات المتحدة.

ومن جانبها، قالت السفيرة مي أبو الدهب، مساعدة وزير الخارجية المصري، ان الدعوة الى السلام في عالم اليوم أصبحت بعيدة عن واقع المجتمع الدولي الذي يعاني من تسلط القوة وغطرستها، خصوصاً في ظل القطبية الواحدة والهيمنة الأميركية على المقدرات العالمية. وأضافت أن شعبا عربيا يباد بالكامل بينما تقف قوى السلام عاجزة، وأيضا مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة غير قادرة على تفعيل العدالة واقرار الشرعية. وأكدت الاعلامية كريمان حمزة ضرورة تكوين جماعة دولية من المعتدلين دينيا لتشكيل حزب التسامح والسلام وهو مؤسسة تمثل جميع التيارات الدينية المعتدلة من أصحاب الديانات السماوية الثلاث، مستقلة عن الحكومات ويدعمها القادرون ويكون لها دور في نشر السلام الدولي ومعارضة القوى الساعية الى نشر الدمار والحرب.

وحذر المفكر الاسلامي المصري محمد سليم العوا من ممارسات الاعلام الغربي الذي يسعى الى ربط الاسلام بالارهاب، فضلاً عن زرع الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين العرب وزرع بذور الفتنة. وقال «ان اختلاف الاديان هو حكمة الهية لا بد أن نتقبلها ونتعامل معها وأن نسعى الى اعلاء القيم الانسانية»، مؤكدا «أن الانسان المتدين مطلوب بشكل ملح مهما كانت ديانته، فلا بد أن نتمسك بعقائدنا وبالفهم الصحيح لجوهرها ووصاياها». ودعا العوا الفاتيكان على نحو خاص الى ممارسة دور أكبر في السياسة الدولية والانحياز الى القضايا الدولية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية من دون العمل على اقامة التوازنات السياسية أو الدبلوماسية بين الأطراف لأن القضية هي قضية احتلال واغتصاب للأرض العربية وللقدس الشريف.

يُشار الى أن اللقاء عقد بمقر كاتدرائية الروم الكاثوليك في القاهرة وتمخض عن توافق الآراء على أهمية التسامح الديني والتمسك بالسلام كالتزام دائم لأنه جوهر كل الرسالات السماوية وهو الطريق الوحيد للوصول الى بشرية أحسن حالا ومن أجل مستقبل أفضل للأجيال الجديدة.