أطراف اجتماع اسطنبول تشدد عشية انعقاده على عدم البحث في تنحية صدام أو توفير ملجأ له

دمشق تؤكد أنه لـ«تطبيق» القرار 1441 وطهران تعارض تغييرا خارجيا في العراق وأنقرة تطالب بغداد بإقناع جيرانها بأنها لا تمثل تهديدا

TT

قبل يوم من بدء اعمال الاجتماع الوزاري السداسي لبحث الازمة العراقية حرصت كل الاطراف تقريبا على نفي ان تكون غاية الاجتماع الذي يعقد اليوم في اسطنبول اطاحة الرئيس العراقي صدام حسين او توفير ملجأ له لتفادي الحرب التي تهدد الولايات المتحدة وعدد من حلفائها بشنها على بغداد، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في الرياض امس بالقول ان الاجتماع مخصص للتوصل الى تصور مشترك لحل سلمي للأزمة العراقية نافيا تقديم عرض للرئيس العراقي بمنحه اللجوء السياسي.

وفي دمشق شدد الرئيس السوري بشار الأسد امس على ان الهدف الأساسي من اجتماع وزراء خارجية تركيا ومصر والسعودية وايران وسورية والاردن هو السعي لتطبيق قرار مجلس الأمن 1441، والتأكد من عدم تدخل أي جهة في عمل المفتشين والتوصل إلى حل سلمي للمسألة العراقية، ومنع وقوع الحرب.

وأكد الرئيس الأسد لدى استقباله وزيرة الخارجية الإسبانية آنا بالاثيو وقوف بلاده مع الإجماع الدولي ومع تفعيل دور الأمم المتحدة، مشيراً إلى أهمية أن تلعب إسبانيا دوراً من خلال الاتحاد الأوروبي ومن خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة لتوضيح أهمية الحل السلمي والابتعاد عن الحرب، لأن أي عمل منفرد سيضر بمصالح دول المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة ذاتها. وأبدى الرئيس الأسد ارتياح بلاده لتطور علاقات سورية مع إسبانيا.

من جانبه أكد وزير الخارجية السوري فارق الشرع بعد لقائه الرئيس اللبناني اميل لحود في بيروت امس ان اجتماع اسطنبول «هدفه الحيلولة دون وقوع حرب في العراق وفي المنطقة والانطلاق باتجاه حل سلمي للأزمة العراقية»، كاشفاً ان هذا الاجتماع سيليه اجتماع في دمشق «عندما تدعو الحاجة لذلك». كما نفى ان يكون موضوع خروج الرئيس العراقي صدام حسين من بلاده قد طرح في الاتصالات واللقاءات التي أجرتها دمشق سواء مع عواصم عربية او اسلامية او اجنبية.

وأكد الرئيس لحود من ناحيته ان لبنان «يدعم الجهود التي تبذلها سورية لمعالجة الوضع في العراق لا سيما لجهة الافساح في المجال امام المفتشين الدوليين للقيام بمهامهم من دون أي ضغوط ورفع تقريرهم الى مجلس الامن الدولي، الذي يجب ان يبقى الجهة الوحيدة التي تتولى تطبيق القرار 1441 الذي توافق عليه المجتمع الدولي، مما يبقي للأمم المتحدة دورها في معالجة النزاعات بين الدول استناداً الى القوانين والمواثيق الدولية.

ثم تحدث الوزير الشرع فقال ان الرسالة التي حملها من الرئيس الاسد الى الرئيس لحود تتعلق بمجمل الاتصالات والزيارات التي جرت بين سورية وعدد من العواصم العربية والاجنبية. واضاف: «لا شك انكم تدركون ابعادها على المنطقة، بشكل خاص ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة من عدوان مستمر يستهدف الشعب الفلسطيني الاعزل، وما يجري ايضاً من حشود كبيرة جداً في المنطقة تستهدف ضرب العراق». وقال: «لحسن الحظ اقول اننا تمكنا خلال الايام القليلة الماضية من ترتيب لقاء يجمع الدول الجارة للعراق، في اجتماع وزاري يعقد في اسطنبول غداً (اليوم) واننا في الطريق الى المشاركة في هذا الاجتماع. وربما تسألون عن مضمون هذا الاجتماع. أقول لكم باختصار شديد انه ينطلق من نية حسنة في إقامة نوع من الحوار والتشاور بين الدول الجارة للعراق، الهدف من ذلك هو الحيلولة دون وقوع حرب في العراق وفي المنطقة والانطلاق باتجاه حل سلمي للازمة العراقية، وهذا الحل يستند الى الشرعية الدولية وبشكل خاص الى القرار .1441 وكشف «بأن هذه الصيغة وهذه الآلية لاجتماع وزراء الخارجية في اسطنبول سيليه ايضاً اجتماع في دمشق عندما تدعو الحاجة لذلك، وبالتالي لا استطيع ان اقول متى سيعقد الاجتماع الآخر في دمشق، وبالتأكيد سيكون هناك تشاور عربي واسع وتشاور اسلامي واسع لذات الهدف».

وسئل الشرع عن تفسيره لموقف تركيا وهي التي استضافت وقررت استضافة الجيوش الاميركية للاستعداد لضرب العراق، وتسعى في الوقت نفسه معكم ومع دول اخرى، من اجل الحيلولة دون ضرب العرق. فأجاب: «السؤال يتضمن الجواب مسبقاً، تركيا دولة اطلسية وهذا معروف وليس أمراً جديداً، مجرد ان تفكر تركيا في الحيلولة دون الحرب وتبذل جهوداً مع جيرانها لمنع الحرب، هذا شيء ايجابي جداً ينظر اليه الشارع العربي والاسلامي بارتياح كبير».

وعن رأيه فيما يردده الاميركيون صراحة بأن الحل الوحيد لمنع الحرب هو خروج الرئيس العراقي من بلاده وما اذا كان هذا الطرح سيناقش في اجتماع اسطنبول، قال الشرع: «ان هذا الموضوع لم يطرح في كل الاتصالات واللقاءات التي أجريناها، سواء مع عواصم عربية او اسلامية او اجنبية».

وفي القاهرة أكد وزير الخارجية المصري أحمد ماهر قبيل توجهه إلى اسطنبول امس أن الهدف من الاجتماع هو دعم العمل من أجل حل المشكلة العراقية سلمياً بمنأى عن أي تصعيد عسكري، وعلى ضوء ذلك سيبحث الوزراء ما يمكن أن يتخذوه من خطوات لتحقيق هذا الهدف. وقال ان مشروع بيان تركي تم اعداده سيقدم إلى الاجتماع ويخضع للمناقشة.

وأوضح الوزير المصري ان العرب «لم يروا ضرورة في تنظيم مؤتمر والاكتفاء بالمشاورات القائمة لضمان السرية لكن أمام رغبة تركيا في تنظيم مؤتمر فإننا لم نعترض ولكن اشترطنا تنظيم المؤتمر على مستوى وزراء الخارجية وليس على مستوى القمة.

وحول الهدف الذي تبغيه تركيا من هذا المؤتمر قال ماهر ان الأتراك يريدون ان يصدر هذا المؤتمر نداء للعراقيين من أجل التعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة للخروج من هذه الأزمة بشكل يحترم الشرعية الدولية وفي إطار الأمم المتحدة.

وعما إذا كان هذا النداء سيأتي متأخراً قال ماهر أن مصر تؤيد كل جهود تبذل لقطع الطريق على ديناميكية الحرب حتى آخر دقيقة.

وحول ما إذا كان الأميركيون قرروا شن الحرب على صدام حسين أم لا قال ماهر ان هناك اختلافات كبيرة بين المسؤولين الأميركيين أنفسهم. معرباً عن اعتقاده بأن هؤلاء المسؤولين لم يتخذوا قراراً حاسماً بشن الحرب، لكنهم يشعرون في نفس الوقت بالارتياب حيال امكانية تفاديها.

واعتبر ماهر أنه في مثل هذه الظروف فانه من الممكن التأثير على القرار الأميركي بشرط أن يبدي العراق في المقابل تعاوناً حقيقياً.

وفي انقرة اعتبر وزير الخارجية التركي يشار ياكيش ان العراق يجب ان يقنع جيرانه انه لم يعد يمثل تهديدا.

وقال في حديث نشرته امس صحيفة «توركيش ديلي نيوز» التركية التي تصدر بالانجليزية ان «الاسرة الدولية يجب ان تقتنع بأن العراق لم يعد يمثل تهديدا لجيرانه وللمنطقة».

وقال الوزير التركي «ان احد الحلول يقضي بدعوة الله ليجنبنا الحرب، الا ان حلا ثانيا يقضي بان نبذل كل جهودنا لتجنب وقوع حرب، وبان نقرع كل الابواب ونبحث عن كل الاحتمالات للتوصل الى ذلك». واضاف «يمكننا ان نطلب من الحكومة العراقية اعتماد موقف اكثر فاعلية ازاء المفتشين الدوليين عن الاسلحة».

واشار الى ان الاجتماع لن يدعو الى استقالة او نفي الرئيس العراقي صدام حسين، مشيرا في الوقت ذاته الى ان الوزراء المجتمعين قد يوجهون دعوة الى العراق ليقوم باصلاحات ديمقراطية.وقال «هناك حريق يهدد منازلنا (...) وعلينا القيام بكل ما في وسعنا لاخماده».

وأظهرت ايران من ناحيتها معارضة لأي خطط لاطاحة الرئيس صدام حسين على يد قوة أجنبية، وقال وزير الخارجية الايراني كمال خرازي امام اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل امس «اذا اعطت الولايات المتحدة نفسها الحق بتغيير حكومة بلد ثالث بالقوة، فان ذلك أمر لا يمكننا ان نقبله».

وأضاف «نعتقد ان حق تغيير حكومة ما يعود الى الشعوب نفسها وليس الى آخرين من الخارج»، مشيرا الى ان بلاده «محكوم عليها بأن تكون جارة العراق».

كما دعا خرازي في تصريح نقلته وكالة الانباء الايرانية جيران العراق الى ان يمنعوا نشوب حرب وتدخل قوى خارجية في هذا البلد وقال «ينبغي على جيران العراق منع اندلاع حرب وتدخل قوى خارجية في الشؤون الداخلية العراقية».

وصرح الرئيس الايراني محمد خاتمي لصحافيين أجانب ان الاميركيين يريدون مهاجمة العراق وانهم يبحثون عن ذريعة فقط لشن حرب. وقال لدى خروجه من جلسة لمجلس الوزراء «يريدون مهاجمة العراق(...) اعتقد انهم يبحثون عن ذريعة فقط لشن حرب». وأكد معارضة إيران لمثل هذا الهجوم. وأضاف «اننا ضد هجوم أميركي على العراق ونامل في ان ينجح اعضاء مجلس الامن الدولي في تجنب» نزاع مسلح.

وأعرب خاتمي عن شكوك حول نجاح اجتماع اسطنبول. وقال ان «لا أحد يعلم ما المواضيع التي ستبحث خلال هذا الاجتماع»، مؤكدا ان إيران تؤيد مشاورات بين دول المنطقة بشأن الازمة العراقية.

وفي ما يتعلق بتصريحات مسؤولين أميركيين وبريطانيين أعربوا في الايام الماضية عن أملهم في ان يقرر الرئيس العراقي صدام حسين التخلي عن السلطة لتجنب حرب أكد ان «لا أحد يستطيع اقتراح أو إرغام مسؤول دولة ما على التنحي واختيار المنفى».