محور فرنسي ـ ألماني في مجلس الأمن لمواجهة واشنطن حول العراق

TT

في ما يمكن اعتباره تحضيرا للمعركة الدبلوماسية القادمة في مجلس الامن الدولي بخصوص الموضوع العراقي، عقب تقديم كبير المفتشين الدوليين هانز بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي الاثنين المقبل تقريرهما عن عمل المفتشين في العراق، اعلن في باريس امس عن «ولادة» حلف فرنسي ـ الماني سياسي ودبلوماسي لمواجهة الضغوط الاميركية في مجلس الامن ومنع استخدامه مطية لتوفير غطاء دولي لضرب العراق.

جاء ذلك على لسان الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني غيرهارد شرودر، في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه في قصر الاليزيه. وفيما اكد شيراك ان لفرنسا والمانيا «الحكم نفسه» في ما خصّ الازمة العراقية، اعلن شرودر ان باريس وبرلين «متفقتان تماما على تنسيق مواقفهما بأفضل شكل بحثا عن حل سياسي للأزمة العراقية».

وشرح الرئيس الفرنسي الاسس التي تقوم عليها المقاربة المشتركة الفرنسية ـ الالمانية مشددا على نقطتين: الاولى انه يعود لمجلس الامن وحده، اي ليس للولايات المتحدة او غيرها، اتخاذ قرار خاص بالعراق وبعد الاستماع الى تقرير المفتشين الدوليين، بموجب القرارات الدولية ذات الصلة. اما النقطة الثانية فهي «ضرورة القيام بكل شيء من اجل تفادي الحرب» التي وصفها شيراك بانها «أسوأ الحلول» و«اعتراف بالفشل».

وعقب المستشار الالماني على كلام شيراك بقوله ان المانيا وفرنسا ستدافعان عن هذا «الموقف المشترك» في مجلس الامن الدولي.

ويأتي نشوء هذا التحالف المعلن في مجلس الامن ليقوي الموقف الفرنسي الذي يقترب كثيرا من الموقفين الروسي والصيني. وتحرص باريس على التنسيق مع برلين لسببين اضافيين: مواجهة بريطانيا واسبانيا اللتين لا تخفيان دعمهما لواشنطن، ودعم المانيا التي سترأس مجلس الامن الدولي الشهر القادم، بحيث تخلف باريس على رأس المجلس.

وكان المستشار الالماني قد استبعد «نهائيا» ليل اول من امس، في لقاء مع مجموعة من اعضاء حزبه، ان تصوت المانيا لصالح قرار يجيز الحرب على العراق في مجلس الامن. وترك شرودر الباب مفتوحا على احتمالين: إما التصويت ضد هذا القرار، ما من شأنه تأزيم العلاقة مع واشنطن التي هي اصلا متوترة، واما الامتناع عن التصويت.

وتنطبق هذه الصورة على فرنسا، مع فارق اساسي هو ان باريس تتمتع بحق النقض (الفيتو) فيما المانيا عضو غير دائم العضوية. وحتى الآن، امتنعت باريس عن الاعلان عن موقف واضح في هذا الشأن. واوضح ما قيل جاء على لسان وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان الذي اعلن في نيويورك اخيرا ان باريس «سوف تتحمل كافة مسؤولياتها وستبقى وفية لمبادئها»، مع التأكيد مسبقا انها «لا يمكنها ان تدعم تدخلا عسكريا (اميركيا) لم يقرره مجلس الامن».

وكما المانيا فأمام باريس حلان: إما الامتناع عن التصويت او معارضة مشروع القرار أو استخدام الفيتو وتعطيل تبنيه. لكن السؤال المطروح على الدبلوماسية الفرنسية هو: هل تستطيع فرنسا تحمل تبعات استخدام الفيتو وهي التي تعلن حرصها على اجماع المجلس ووحدة كلمته في التعاطي مع المسألة العراقية، علما بأن اللجوء الى حق النقض سيفجر مجلس الامن من الداخل وسيهمش فرنسا وسيضر بعلاقاتها مع واشنطن وبمصالحها في العراق والخليج بشكل عام.