العاهل المغربي يترأس اليوم اجتماعا للحكومة لإقرار قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب

تعيين بوستة رئيسا للجنة مراجعة الأحوال الشخصية

TT

يترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم مجلسا للوزراء في القصر الملكي بأغادير من المقرر ان يبت في قوانين جديدة لمكافحة الارهاب. وكانت الحكومة المغربية قد أقرت في وقت سابق تعديلات على بعض القوانين كما اصدرت قوانين جديدة في ما عرف بـ«مدونة مكافحة الارهاب». واذا ما تمت المصادقة على هذه القوانين في اجتماع اليوم ستتم احالتها الى البرلمان لاقرارها بصورة نهائية.

وتنص القوانين الجديدة على ابقاء المشتبه فيهم في قضايا ارهابية رهن الاعتقال لفترة قد تمتد الى ستة ايام بدلا من 48 ساعة كما تنص الاجراءات الحالية.

وطبقا للقوانين الجديدة سيتم اتخاذ اجراءات جديدة للحد من الهجرة السرية خاصة من المغرب الى اوروبا. وكانت السلطات المغربية عرضة لانتقادات متواصلة من طرف الاوروبيين خصوصا الاسبان بسبب ما يعتبره الاوروبيون اجراءات متساهلة ادت الى تحويل مضيق جبل طارق الى ممر دائم لمهاجرين يستعملون قوارب مهترئة في الانتقال عبر رحلات محفوفة بالمخاطر من الشواطئ المغربية نحو شواطئ جنوب اسبانيا.

وتنص القوانين الجديدة على سرعة ترحيل المهاجرين السريين الى بلدانهم الاصلية وزجر منظمي الهجرة السرية بتشديد العقوبات ضدهم. ومن اجل مراقبة التدفقات المالية التي ربما تستعملها الشبكات الارهابية سيتاح لبنك المغرب (البنك المركزي) مراقبة عملية تحويل الاموال حتى لا تتحول المصارف الى مؤسسات لتمويل انشطة ارهابية او يشتبه في انها ستذهب الى شبكات ارهابية.

ويتوقع ان يقر البرلمان القوانين الجديدة اذا ما تمت المصادقة عليها في المجلس الوزاري، رغم ان جمعيات تعمل في مجال حقوق الانسان عبرت عن مخاوفها من ان تؤدي القوانين الجديدة الى خروقات في مجال حقوق الانسان. وقالت مصادر في هذه الجمعيات انهم سيعملون بلا هوادة من اجل تعديل القوانين حتى لا تمس بالحقوق الاساسية للمواطنين لكن وزراء في الحكومة المغربية بادروا الى تهدئة مخاوف الجمعيات الحقوقية وقالوا انه لن يكون هناك تراجع في مجال الحريات العامة.

استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، بعد ظهر أمس في أغادير، محمد بوستة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، وعينه رئيسا للجنة الاستشارية المكلفة مراجعة مدونة (قانون) الأحوال الشخصية، خلفا لإدريس الضحاك.

وذكر بيان صادر عن القصر الملكي المغربي أن الملك محمد السادس نوه بالمناسبة «بما عهده في بوستة من نزاهة خلقية، وحنكة سياسية وقانونية، وغيرة وطنية على ثوابت الأمة ومقدساتها»، مؤكدا له مساندته للقيام بهذه «المهمة النبيلة». وذكر البيان أنه حرصا على توفير الظروف المناسبة لمواصلة اللجنة لعملها، قرر الملك الاستجابة لالتماس اللجنة قصد تمكينها من إتمام مشروع مدونة الأسرة وملحقاتها وفق التوجيهات الملكية. ولم يحدد البيان المدة الإضافية المتاحة للجنة.

وأهاب العاهل المغربي بأعضاء اللجنة المزيد من الاجتهاد، لجعل أحكام مشروع المدونة الجديدة للأسرة تجسد الحرص الملكي على تحقيق المساواة والانصاف والتكافل بين أعضاء الأسرة، في توافق وانسجام مع مقاصد الاسلام السمحة، والالتزام الدستوري للمغرب بحقوق الانسان كما هو متعارف عليها عالميا.

وأعرب الملك محمد السادس عن ثقته في أن بوستة وكافة أعضاء اللجنة سيواصلون بكل تفان ووعي بالمسؤولية مهمتهم في انفتاح على واقع المجتمع المغربي وملامسة لقضاياه والتفعيل الأمثل للاجتهاد الذي هو ضمان استمرار صلاحية أحكام الاسلام السمحة لكل زمان ومكان. ويأتي هذا التعيين غداة تسلم العاهل المغربي النسخة الأولى من المشروع، الذي لم تنشر تفاصيله، باسثناء ما تسرب من خلافات دفعت أعضاء اللجنة الستة عشر إلى صيغة ترتكز على طلب مهلة إضافية لبحث المشروع.

ففي سرية شبه تامة اشتغلت اللجنة على امتداد عشرين شهرا حول المشروع، الذي أصبح يحمل اسم «قانون الأسرة» عوض تسمية «مدونة الأحوال الشخصية» المعتمدة حاليا. وشملت هذه المرحلة الاستماع لآراء ممثلين عن المرافق الحكومية المعنية والأحزاب السياسية، إضافة إلى الجمعيات النسائية والحقوقية. وأكد أعضاء من هذه الجمعيات أن اللجنة اكتفت بالاستماع إليهم، ولم تعطهم أية ايضاحات حول سير أعمالها.

لكن ذلك لم يمنع من تسريبات يستنتج منها وجود خلاف بين طرفين، يتشبث أحدهما بالتزام أحكام الشريعة، فيما يذهب الثاني إلى رفع شعار الحداثة.

ويعول الطرفان على أن يتم الحسم في «القضايا الخلافية» بالتوافق. وهو أمر ليس بالهين، حسب كثير من الآراء، التي يرى أصحابها أن ما لا يمكن حسمه في 20 شهرا يصعب البت فيه خلال أسابيع. ويذهب هؤلاء إلى أن الحل الوحيد يتجسد في «التحكيم الملكي».

وكانت اللجنة قد التمست من العاهل المغربي أن يمنحها «مهلة من الوقت قصد الانتهاء من صياغة مشروع مدونة الأسرة وملحقاتها والحسم في بعض القضايا العالقة». فيما ذكرت مصادر نسوية أن حجم الخلافات بين أطراف اللجنة لا يسمح بتصور روزنامة زمانية محددة. وأكد أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، وعضو اللجنة، أنه لا بد من فترة معقولة حتى يمكن إجراء مراجعة للمشروع، وتحسين الصياغة وإضافة بعض الأشياء التي لم يتم الانتباه اليها في الصياغة الأولى وأشياء أخرى لا يزال الرأي حولها مختلفا.

وعلى عكس ما تحدثت عنه وسائل الإعلام من خلافات خلال الأسابيع الماضية، يسعى بعض أعضاء اللجنة إلى تبسيط الأمر. ذلك أن رحمة بورقية، رئيسة جامعة الحسن الثاني في المحمدية وعضو اللجنة، فسرت الخلافات بين مكونات اللجنة بكونها «لا تتعدى مستوى الاختلاف حول بند أو آخر، في نقاش هام من حجم مدونة الأحوال الشخصية»، مبرزة أن النقاش الدائر بين أعضاء اللجنة طبعته دوما روح اللياقة والمسؤولية.

وأكدت مصادر مقربة من اللجنة أن أبرز «القضايا الخلافية» تتعلق بمسائل تعدد الزوجات، ورفع سن الزواج، والولاية، وحقوق وواجبات الزوجين، وتوحيد إجراءات الطلاق والتطليق، والنفقة، والحضانة. إضافة إلى خلاف آخر لا يقل أهمية يرتبط بتحديد الهيئة القضائية التي سيعهد إليها بالسهر على تنفيذ مواد قانون الأسرة الجديد.

وذكر الخمليشي، في تصريح صحافي، أن القضايا التي لا تزال عالقة ذات طبيعتين; الأولى تهم القضايا التي لم تحسم الاراء بعد بشأنها، فيما تهم الثانية الأمور المصاحبة للمدونة، خصوصا ما يتعلق بالهيئة القضائية التي سيعهد اليها بالسهر على تنفيذ موادها.

وقال مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة (شرق)، وعضو اللجنة، إنه اعتبارا لكون المراجعة المطلوبة شاملة، ونظرا لكون طبيعة المشروع حضارية تهم الجميع، فإن التشاور تم بشأن كل القضايا على أوسع نطاق كما أن بعض الجزئيات كانت تتطلب تعميق الدراسة. وأوضح أنه بالرغم من أن الاجتماعات كانت تتواصل 10 ساعات أحيانا خلال دورات اللجنة، فلم يتم الانتهاء منها بشكل كامل، مشيرا إلى أنه تم حسم الكثير من القضايا، ولا يزال بعضها ينتظر الحسم، منبها إلى أنه لا ينبغي التهويل من ذلك، لأن العمل داخل اللجنة يتم على قاعدة التشاور بشأن جميع القضايا. وقال إن أعضاء اللجنة يحكمهم هاجس إخراج قانون عادل يفيد جميع مكونات الأسرة وتعميق البحث والتحري، وليس هاجس الوقت على حساب الجودة.