من رشوة لموظف حكومي ولدت «فلسطين» في تكساس

«الشرق الأوسط» بحثت في قصة «فلسطين» التي سقط فوقها المكوك * أراضي البلدة حيث سقطت بعض أشلاء المكوك «كولومبيا» أكبر بسبع مرات من مساحة مناطق الحكم الذاتي

TT

كأن اسم فلسطين مرتبط عادة بالمآسي والكوارث، فلولا انفجار المكوك «كولومبيا» لما عرف كثيرون ببلدة تحمل الاسم نفسه في الولايات المتحدة، ففي أراضيها تم العثور حتى أمس على 3 أجزاء سقطت من المركبة المنكوبة، ومنها أطل واحد من السكان، وصفوه بأول من سمع انفجار المركبة وهي تلج الغلاف الجوي للأرض على ارتفاع 65 كيلومترا، وقال إن دويا آتيا من بعيد «كأنه ارتطام قطارين» هز بيته الخشبي، فظن ما حدث زلزالا، لكنه ما ان خرج من البيت مع زوجته وولديه حتى رأى أشلاء من «كولومبيا» تهبط وخلفها ألسنة من الدخان نحو «فلسطين» بالذات، فخشي مارك أندرسون، الذي يعمل موظفا بالبلدية، توابع ما يحدث ولاذ بالفرار مع العائلة، ليعلم بعدها من راديو السيارة بحقيقة ما يحدث، لذلك تردد اسم «فلسطين» بولاية تكساس مئات المرات من اول من أمس، فاشتهرت البلدة على كل صعيد.

بلدة «فلسطين» الأميركية ولدت في العام 1846 من رشوة دفعها رجلا أعمال لموظف حكومي في دوقية أندرسون، التي تبعد 170 كيلومترا عن مدينة دالاس، عاصمة ولاية تكساس.. في ذلك العام أراد القيّمون على بلدية أندرسون أن يلحقوا ببلدتهم مشاعا من الأرض مساحته 44 ألفا و859 كيلومترا، أي تقريبا ضعف مساحة فلسطين القديمة في الشرق الأوسط ذلك الوقت، وأكبر بسبع مرات من مناطق الحكم الذاتي في الضفة وغزة حاليا، الا أن رجلي الأعمال وليام بيغلوي وجيمس فولتون، تصديا للمشروع لأنهما كانا يملكان في المشاع المستهدف 525 هكتارا، كانت ستضيع بالدمج، فعرضا منها 100 هكتار على موظف حكومي في ذلك الوقت، ليسمح لهما بعرض قضية بقاء المشاع منفصلا كما كان على لجنة اتحادية، قررت فيما بعد تخصيص المشاع نفسه لاقامة بلدة جديدة، وولدت «فلسطين» من بعدها بعامين، ثم تطورت مع مرور خط للسكك الحديد بجوارها، وأصبحت الآن موطنا لأكثر من 20 ألف نسمة يقيمون هناك.

في «فلسطين» الآن مجلة أسبوعية وصحيفتان محليتان، احداهما تصدر مرتين في الأسبوع، هي «بالاستاين هيرالد» والثانية «بالاستاين كلاريون» الصادرة منذ تأسيسها قبل 8 سنوات مرة كل أسبوع، كمتخصصة بالترويج السياحي وبيع العقارات، مع أن شعارها هو «المصدر الوحيد للحقائق المخفية» بحسب ما تصف نفسها في صفحتها الأولى.

وأشهر ما في «فلسطين» التي تعيش فيها حاليا 7 آلاف و679 عائلة، هي غابة أشجار صنوبرية تزيد مساحتها على 700 هكتار «وتجعل من هوائها الأفضل في منطقة الجنوب الشرقي لمدينة دالاس» كما كتب رئيس بلديتها، جورج فوس، الذي تنتهي مدته هذا العام في معلومات بثها عن البلدة في موقع خاص لها على الانترنت.

يقول فوس أيضا إن «فلسطين» تضم 6 حدائق ومركزين للصيد النهري ومتحف وغرفة تجارية و3 فنادق على شكل منتجعات سياحية ومركزا طبيا راقيا «يقصده المرضى حتى من دالاس نفسها» على حد تعبيره.

لكن الأشهر من غابة الصنوبر فيها، هو بحيرتها.. اسمها أيضا فلسطين، ومساحتها تزيد على 25 ألف هكتار، وفيها 4 أنواع من السمك، تجذب هواة الصيد فيقبلون للاقامة في الفنادق وممارسة الهواية «في بلدة طقسها من الأروع فعلا في تكساس» كما يصفها كتيّب سياحي آخر عن البلدة التي يكتبون ويقولون إن أحدا لا يعرف لماذا أطلق عليها رجلا الأعمال، بيغلوي وفولتون، اسم «فلسطين» وظلت لا يذكرها أحد بالشيء الكثير الا حين وقعت كارثة المكوك «كولومبيا».