السفير البريطاني لدى الجزائر: لم نتلق طلبات بتسليم مشتبه فيهم وعملية فنسبري بارك طالت عددا ضئيلا رفض العيش في ظل القوانين البريطانية

TT

قال السفير البريطاني في الجزائر غراهام هاند، ان الحملة التي شنتها الشرطة البريطانية في الآونة الاخيرة استهدفت عدداً قليلاً ممن رفضوا الالتزام بالقوانين البريطانية، مشدداً على وجود جالية جزائرية متميزة في بريطانيا. واضاف هاند، في حوار مع «الشرق الأوسط»، ان بلده تأخر فعلا في التأقلم مع الظاهرة الإرهابية، لكنه أضاف أن مسؤولا جزائريا أسر له، قبل أيام، أن الوقت لم يضع بعد، وأن بريطانيا يمكنها مساعدة الجزائر في مكافحة الارهاب. وفيما يلي نص الحوار:

* بعد عامين من صدور قانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا، ما هو تقييمكم له وكيف كانت نتائج تطبيقه في الميدان؟

ـ سمحت القوانين الجديدة الصادرة في بريطانيا بتوقيف بعض مرتكبي الأعمال الإرهابية أو داعميها في بلدان أخرى، وهذا شيء هام في الحرب على الإرهاب لأننا لم نعد نهتم فقط بما يحصل في بلدي بل أيضا بالبلدان الأخرى، ومنها الجزائر بالطبع. وأشدد هنا على أننا حريصون أيضا على أن تكون هناك أدلة كافية قبل إدانة أي شخص بارتكاب جريمة ما.

* كيف تفسرون عودة اهتمام الحكومة البريطانية بمخاطر الارهاب، بعد سنوات قضتها الجزائر تشد اهتمامها، وهو ما انتهى إلى إصدار المسؤولين الجزائريين عدة انتقادات للندن؟

ـ اعترفنا بهذه الآفة منذ وقت طويل، لكننا كنا حريصين جدا على التمسك بمفهومنا لحرية التعبير، وهي تشكل لنا مظهرا هاما من تقاليدنا وتاريخنا. أما الآن، فمع الأسف اننا اضطررنا لوضع بعض الحدود أمام حرية التعبير هذه. لم يعد مقبولا لدينا السماح ببروز نشاطات تساند الإرهاب في لندن.

* وكيف تفسر ما وصف بالموقف الأناني للغرب الذي لم يتحرك لمحاربة الإرهاب إلا بعد أن اكتوى هو بناره في عقر داره؟

ـ هذا وصف قاس علينا. يمكن القول إنها مسألة سياسية. ربما لم يدفعنا مقتل ألف جزائري إلى مثل هذا التغيير في بريطانيا، لكن لهذا التأخر أسباب منها أن الطرف الآخر لم يفهم ما كان يحدث في وقته في الجزائر، أما أحداث سبتمبر فقد كانت على درجة من الصدمة وفريدة من نوعها أدت إلى تغير سريع في الوعي بالخطر الإرهابي.

* والآن مع ما تسميه تطورا في الموقف البريطاني، بخصوص الإرهاب، إثر أحداث 11 سبتمبر، هل تعتقد أن الحكومة الجزائرية صارت راضية عنكم؟

ـ قال لي مسؤول سام في الدولة الجزائرية، قبل أيام، إن الوقت لم يفت بعد لتدارك الأمر، وأعتقد أن هذا صحيح. المسؤولون الجزائريون أعربوا عن ارتياحهم لما يحدث حاليا في بريطانيا، وأعتقد أن هذا يبين للسلطات الجزائرية أن عهدا جديدا من التعاون مع بلدي قد حل.

* البريطانيون كانوا يقولون إن السلطات الجزائرية لم تكن تقدم لنا أدلة كافية تدفعنا لاعتقال بعض الجزائريين المتهمين في قضايا الإرهاب، هل أصبحتم الآن تحصلون على أدلة ومعلومات وافية؟

ـ كان الأمر مختلفا في السابق، فقد كانت الجزائر ترفض أن تتقاسم معنا معلومات خاصة بشأن أشخاص متهمين بالعمل الإرهابي في الجزائر، أتفهم ذلك، لكنه موقف يطرح مشاكل وصعوبات أمام المحاكم البريطانية الحريصة على إقامة محاكمات ذات مصداقية. مشكلة اخرى هي أن سلطات بلدي يهمها كثيرا أن تتلقى ضمانات من الطرف الجزائري تقضي باحترام حقوق الإنسان وحفظ كرامة المتهمين، وهذا يطرح مشاكل لأن الحصول على مثل هذا الضمانات من الحكومة الجزائرية صعب، لكنني أؤكد أنني أواصل عملي في هذا الاتجاه وآمل أن نقلص هذا الفارق بين بلدينا في أقرب الآجال.

* كم هو عدد الجزائريين الموجودين في بريطانيا الذين تقدمت الجزائر بطلب تسليمهم، وكم هو عدد الذين تم تسليمهم؟

ـ لا علم لي بالضبط، لأنني لم أتلق منذ وجودي هنا كسفير قبل أشهر أي طلب في هذا الشأن. أما بخصوص الفترة السابقة، فلم أحضر نفسي لهذا السؤال، لكن أعلم جيدا أن هناك طلبات أجهل عدد المعنيين بها.

* تركت عملية مداهمة مسجد فنسبري بارك الأخيرة نوعا من القلق لدى عائلات الجزائريين، خاصة بعد أن نشرت بعض الصحف المحلية في الجزائر تعاليق مفادها أن حملة اصطياد الجزائريين في بريطانيا بدأت. ما هو تعليقكم؟

ـ ليس الأمر كذلك، وأنا نفسي صُدمت وأنا أقرأ بعض تعاليق الصحف الجزائرية، لأن عملية مسجد فنسبري طالت أقلية قليلة جدا من الجزائريين الذين رفضوا الخضوع لقوانين البلد والعيش فيه. أما بالنسبة للجزائريين الآخرين، فنعلم جيدا أن هناك من يشغلون مواقع هامة جدا في المجتمع البريطاني، وأذكر منهم كمثال أولئك الموجودين في جامعاتنا، وهم من ذوي الكفاءات العليا وتمكنوا من التلاؤم مع نمط العيش وفق القوانين البريطانية.

* صرحتم، قبل أيام لصحيفة جزائرية، أن بريطانيا ستشرع قريبا في بيع أسلحة إلى الجزائر، وأن هناك وفداً بريطانياً سيأتي قريبا الى الجزائر لبحث المسألة، ما هو الجديد في هذا الموضوع؟

ـ أود أن أشير قبل كل شيء إلى أن ما كُتب حول هذا الموضوع لم يكن كله صحيحا. نحن مستعدون لدراسة أي طلب لتصدير السلاح نحو الجزائر، أما ما نشر، فهو، مع الأسف بعيد عن الواقع. وأضيف هنا أن الحكومة الجزائرية بإمكانها دائما أن تتقدم بطلبات لشراء الأسلحة، والحكومة تقوم بعد ذلك بدراسة طلبات التصدير التي تقدمها الشركات البريطانية المعنية.

* هل يمكن القول إن هناك تغيرا في موقف بريطانيا بخصوص مسألة بيع الأسلحة إلى الجزائر؟

ـ هناك تطور في الموقف.

* كان الجزائريون مجبرين على التنقل إلى تونس للحصول على تأشيرة الدخول إلى بريطانيا، طيلة سنوات الأزمة، لكن منذ يونيو (حزيران) الماضي فتحت السفارة مكتبا لها هنا في الجزائر. هل رافق ذلك تطور في عدد الحاصلين على التأشيرات؟

ـ لا أملك إحصائيات دقيقة، لكن يمكن القول إننا نتلقى ألف طلب تأشيرة في العام. تلقينا عند تحويل ملفات التأشيرات إلى الجزائر بعض الصعوبات لأسباب متعلقة بالتجهيزات والوسائل التقنية، لكن الآن دعمنا فرع التأشيرات، ونحن نطلب من المعنيين أن يتقدموا في مواعيد متقدمة حتى نسرع الوتيرة. ولست مرتاحا لأننا ما نزال نحاول تسوية بعض المشاكل التقنية، لكن هناك تقدما واضحا، ونحن نأمل أن نصل إلى تقديم رد لطالب التأشيرة بالقبول أو بالرفض في غضون عشرة أيام من تقديم ملفه، وفي بعض الحالات اليسيرة يتلقى الطالب ردا في حينه، لكن لم نصل بعد إلى هذا الهدف.

=