سفير المغرب لدى إسبانيا يعود اليوم إلى مكتبه في مدريد بعد 15 شهرا من «دبلوماسية الصبر»

TT

يعود عبد السلام بركة سفير المغرب لدى اسبانيا اليوم الى مكتبه في شارع سيرانو في مدريد، حيث مقر سفارة بلاده، وذلك بعد غيبة طويلة دامت 15 شهرا، استدعي خلالها للرباط للتشاور بسبب عدة تراكمات ادت الى توتر العلاقات بين البلدين.

ولم يكن بركة، 48 سنة، الذي عينه العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 17 فبراير (شباط) 2000، يتوقع أن تطول غيبته عن مقر عمله كل هذه المدة، ويظل معلقا بين الرباط ومد يد في انتظار الذي يأتي والذي لن يأتي، وهدوء هبوب عواصف وانواء،كادت أن تؤدي الى اندلاع اول نزاع مسلح بين الرباط ومدريد بسبب تداعيات جزيرة تورة (ليلى).

وعلى امتداد الشهور الخمسة عشر الماضية كان السفير بركة «أيوب الدبلوماسية المغربية» بامتياز، رفيقه الصبر ثم الصبر. باعتبار ان وضعيته لم يعرف مثيلا لها سفير مغربي من قبله.كما انه وجد نفسه بين مطرقة الصحافة الاسبانية وسندان بعض منابر نظيرتها المغربية، حيث عمدت صحف مدريد بين الفينة والاخرى في عز التوتر بين الرباط ومدريد، الى طرح اسماء لسفراء مغاربة جدد محتملين في مدريد، مثل محمد العربي المساري، وزير الاتصال (الاعلام) الاسبق، وعمرعزيمان وزير العدل السابق، والطيب الشودري،مدير ديوان وزير الخارجية، وكلهم ينتمون الى منطقة الشمال المغربي، وثقافتهم اسبانوفونية، بيد ان هذه الصحف نسيت او تناست شيئا اساسيا هو ان السفير بركة استدعته وزارة خارجية بلده للتشاور وليس عقابا له على ارتكابه أخطاء دبلوماسية.

ويمكن القول ان سحب السفير المغربي من مدريد، كان اكبر امتحان يواجهه هذا السياسي والدبلوماسي الوفير الحظ حتى تاريخ استدعائه للتشاور. فهو يتحدر من عائلة معروفة في شمال المغرب،وتصاهر مع عائلة لها وضعها في دهاليز السياسة المغربية.

دخل الوزارة في 9 مارس (آذار) 1987، حيث عينه الملك الراحل الحسن الثاني وزير العلاقات مع البرلمان، وفي اغسطس (آب) 1992، اضيفت اليه حقيبة شؤون اتحاد المغرب العربي، وفي 27 فبراير 1997 عين من جديد وزير العلاقات مع البرلمان.

وفي 28 فبراير 1998 عين سفيرا لبلاده في الارجنتين، ثم اضيفت اليه سفارة الارغواي في 30 ابريل ( نيسان) .1998 وحسب مصادر في وزارة الخارجية، فإن نجاح بركة في مهامه في الارجنتين والارغواي رشحه لتولي سفارة مدريد. خاصة انه جرت العادة ان يكون السفير المغربي لدى اسبانيا وزيرا سابقا، إذ سبق ان مر على سفارة مدريد، أحمد العراقي الوزير الاول الاسبق، وعبد اللطيف الفيلالي، الوزير الاول الاسبق، والمعطي جوريو، وزير الفلاحة الاسبق، وعبد الحفيظ القادري، وزير الشبيبة والرياضة الاسبق، وعز الدين جسوس وزير التجارة والصناعة الاسبق، والسفير الوحيد الذي لم يكن وزيرا سابقا هو علي بن بوشتة، الذي يشغل حاليا مدير البروتوكول في وزارة الخارجية.

بيد أن المفارقة تكمن في ان أول سفير للمغرب المستقل في مدريد كان هو عبد الخالق الطريس، الذي ينتمي الى مدينة تطوان، مسقط رأس السفير بركة.

ويبدو من خلال مسار السفير بركة أن شهر فبراير كان في الغالب شهر المفاجآت والاخبار السارة بالنسبة له، إذ ان عددا من التعيينات التي تخصه تمت خلاله. كما ان عودته الى مدريد تمت في بداية هذا الشهر.