وزير الخارجية البلغاري لـ«الشرق الأوسط»: إذا وقعت الحرب المحتملة على العراق فلن تكون منفردة

سيف الإسلام القذافي وعدني بمتابعة جهوده الخيرية لإنهاء محنة المعتقلين البلغار في ليبيا

TT

قال وزير الخارجية البلغاري سولومون باسي في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» إن بلاده لن ترسل قوات للمشاركة في حرب محتملة بالعراق بيد انها مستعدة لتأييد عمل عسكري شرط ان يكون الخيار الاخير لحل الازمة. وإذ تردد في الافصاح عن طبيعة «الانتهاك المادي» الذي يكفي لتبرير الحرب، لم يستبعد الوزير إعطاء المفتشين مهلة إضافية شرط ان يتعاون نظام بغداد معهم كاملاً وبفعالية. واعتبر الوزير أنه إذا وقعت الحرب المحتملة فهي لن تكون منفردة. ونفى ان تكون بلغاريا متورطة بتصدير السلاح الى العراق عبر سورية، كما أكد ان سيف الاسلام القذافي وعده أخيراً بمواصلة جهوده الخيرية لإنصاف المعتقلين البلغار في ليبيا. وفي ما يلي نص المقابلة:

* ثمة من يقول ان هناك شكوكاً في واشنطن ولندن بأنكم وبعض أعضاء حلف شمال الاطلسي (الناتو) الجدد مترددون بالمشاركة في الحرب المزمعة ضد العراق، فهل هذا صحيح؟

ـ لنا موقف واضح للغاية في هذا المجال. بلغاريا ستبذل، كعضو في مجلس الامن الدولي، قصارى جهدها لتجنب الحل العسكري للأزمة في العراق، وفي رأينا يجب ان تكون الحرب الحل الاخير وليس الاول او الثاني، بالطبع لا يتوقف كل شيء على المجموعة الدولية أو بلغاريا، فقدراتنا محدودة والكثير الكثير يعتمد على النية الحسنة للنظام في بغداد. إذا تعاون النظام بصورة فعالة مع المفتشين وتقيد بقرار مجلس الامن 1441 فسيكون بوسعنا عندها أن نتجنب الحل العسكري.

* وإذا بدا أن بغداد لا تتعاون بصورة متحمسة مع المفتشين، فهل ستشاركون في الحرب ضدها؟

- أعتقد اننا سنعرف قريباً ما إذا كان ذلك (الحرب)ضرورياً. وإذا باءت بالفشل كل جهودنا لتشجيع السلام في المنطقة، وأُجبرنا على القيام بعمل عسكري فإن بلغاريا ستكون مستعدة للانضمام الى قوى التحالف. فبلغاريا عضو كامل في حلف الناتو وهي حليفة للولايات المتحدة ولبقية اعضاء الناتو. بيد اننا لا نخطط لإرسال قوات (بلغارية) الى الاراضي العراقية للمشاركة بالحرب.

* قلت إن بلغاريا مستعدة للمساهمة في حرب ترمي الى تطبيق القانون الدولي. لكن هل شن هذه الحرب ممكن في رأيكم من دون إصدار مجلس الامن قراراً ثانياً يجيزها، أم أن القرار 1441 كاف في حد ذاته؟

ـ هذا قرار علينا ان نتخذه في الوقت المناسب بالتشاور مع حلفائنا من اعضاء الهيئات المختلفة التي نشارك فيها. وينبغي ان نستشير حلفاءنا من اعضاء «الناتو» ومن أعضاء الاتحاد الاوروبي، كما ان علينا التحدث بشأن ذلك الى الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن والى الاعضاء التسعة الآخرين.

* ما هو نوع الانتهاك المادي كي يكون في رأيكم مبرراً كافياً للقيام بعمل عسكري، وهل تعتبرون الفشل في إعطاء معلومات دقيقة بحد ذاته خرقاً خطيراً يبرر الحرب؟

ـ لا يمكننا التعميم بخصوص الانتهاك. مجلس الامن الدولي أصدر عشرات القرارت خلال الاثنتي عشرة سنة الأخيرة حول العراق، ويمكنني القول إن نظام بغداد لم يطبق غالبية هذه القرارت. والقرار 1441 هو عبارة عن خلاصة هذه القرارت كلها، وانتهاكه يجب ان يعتبر أمراً خطيراً للغاية. * لكن هناك سيناريوهات مطروحة لا يمكن تجاهلها وأسوأها ان تقوم واشنطن بعمل عسكري منفرد من دون قرار ثان من مجلس الامن او مساندة المجموعة الدولية. هل يمكن لبلغاريا ان تؤيد حرباً من هذا النوع مهما كانت الظروف؟

ـ لقد حضرت أخيراً اجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في مجلس الامن (عقد الاسبوع الماضي وتناول الازمة العراقية). وانطباعي هو انه إذا كانت هناك حرب فإنها لن تكون منفردة.

* هل تعني انك واثق من ان جميع الاعضاء، بما فيهم سورية، سيصوتون لصالح قرار الحرب؟

ـ (مبتسماً بصمت).

* ما رأيك في الدعوة الى إعطاء المفتشين مزيداً من الوقت كي يقوموا بمهتمهم بشكل كافٍ؟

ـ هذا يعتمد على درجة التعاون التي يبديها حيالهم العراقيون. فإذا تعاون العراقيون بشكل كامل فربما يبرر هذا تمديد فترة التفتيش.

* الالمان والفرنسيون والروس والصينيون يتهمون الاميركيين والبريطانيين بالتسرع في معالجة الأزمة العراقية، فهل توافقهم أم تؤيد موقف واشنطن؟

ـ لقد كانت لنا تجربة إيجابية خلال مناقشة القرار 1441، فقد بدأنا المناقشات انطلاقاً من مواقع مختلفة، لا بل متناقضة تماماً. غير اننا توصلنا الى موقف تمت الموافقة عليه بالإجماع في نهاية المطاف. والانطباع الذي عدت به من مجلس الامن هو انه سيكون بوسعنا اتباع النهج ذاته هذه المرة ايضاً وسنتوصل الى قرار بالاجماع.

* هل ناقشت مع المسؤولين السوريين خلال زيارتك الرسمية الاولى للبلاد العام الماضي، الاتهامات الغربية المتعلقة ببيعكم أسلحة للعراق عبر وساطة سورية؟

ـ لا هذه المزاعم ترددت بعد عودتي من الزيارة، التي كانت الاولى بالنسبة لي كوزير خارجية وكشخص، إذ لم أتوجه الى سورية من قبل. ولقد لقيت حفاوة بالغة من نظيري فاروق الشرع والحكومة السورية إجمالاً، خصوصاً اننا نحتفظ بعلاقات ودية متينة. وأنا راغب في إعادة ابتكار وتجديد أفضل ما في علاقات التعاون الثنائية القديمة.

* وهل ما زلتم تتعاونون مع سورية في الميدان العسكري وتبيعونها الاسلحة، أم انكم كففتم عن ذلك في أعقاب المزاعم التي ترددت حول تمرير دمشق الى العراق أسلحة اشترتها منكم؟

ـ لا نتعامل مع السوريين في المجال العسكري، نحن نتعاون معهم في مجالات شتى مثل المشاريع الهندسية وشق الطرق والحقل الطبي، فهناك أطباء بلغار يعملون هناك. إن تعاوننا معهم منحصر تماماً في المجالات المدنية. أما بالنسبة لتلك المزاعم، فهناك في الواقع حالة واحدة (تم فيها بيع أسلحة بلغارية للعراق) وهي تمثل خرقاً واضحاً للقانون البلغاري، وقد نجحنا في ضبط المخالفين وإغلاق قناة التواصل هذه. وآمل أن الاجراءات التي اتخذناها ستؤدي الى النتائج المرجوة لجهة وضع حد نهائي لهذه التجارة غير المشروعة.

* دعنا ننتقل الى علاقاتكم بدولة عربية أخرى. ما هي التطورات الاخيرة بشأن البلغار المسجونين في ليبيا بتهمة نشر مرض الايدز في البلاد؟

ـ أقول اولاً إنه قد تحققت بعض النتائج الايجابية في هذا الخصوص خلال العام الماضي بعدما تدخلت «مؤسسة القذافي الخيرية». فهذا التدخل أدى الى تحسين ظروف احتجاز هؤلاء البلغار ( طبيب وخمسة ممرضات)، كما تم أيضاً إسقاط أكثر المزاعم إثارة للقلق حول وجود مؤامرة (تورط فيها البلغار) ضد ليبيا والليبيين. ويعيش البلغار حالياً قيد الاقامة الجبرية في طرابلس، وهذا في حد ذاته دليل على احترام (ليبيا) لحقوقهم. هذا هو الجانب الايجابي. لكن بعد أيام ستحل الذكرى السنوية الرابعة لزجهم في السجن، ونعتقد ان أربع سنوات في المعتقل هي مدة طويلة فعلاً. والادهى ان الأدلة تبين ان هؤلاء الاشخاص أبرياء، ولذلك نعتقد ان المحاكم الليبية ستأخذ في الاعتبار كل المعلومات والادلة بما فيها القرائن الجديدة وستجري محاكمة عادلة. ولا ننسى ان ليبيا تسلمت أخيراً رئاسة اللجنة الدولية لحقوق الانسان (التابعة للأمم المتحدة) وهذه مسؤولية جديدة تترتب عليها واجبات وأعمال جديدة.

* وهل تلقيت اي تعهدات من السلطات الليبية أو من سيف الاسلام القذافي لجهة إنهاء محنة مواطنيك المعتقلين؟

ـ لقد عقدت قبل ايام في لندن اجتماعاً طويلاً مع سيف الاسلام القذافي وتحدثنا لساعة ونصف الساعة، أكد لي خلالها أن التزامات مؤسسته لا تزال قائمة، وآمل أنها (المؤسسة) ستواظب على موقفها حتى نهاية المحاكمة. الرأي العام في بلغاريا حساس للغاية، فنحن تعرضنا الى كارثة (اعتقال ستة مواطنين بلغار لأربع سنوات) وتعرض الليبيون بدورهم الى كارثة أخرى (إصابة حوالي 400 طفل بمرض الايدز، توفي 38 منهم). وكل منا لديه رأي عام يجب ان يؤخذ في الاعتبار، وعلينا أن نتعامل على اساس الاحترام المتبادل لرأي شعبينا وإلا فلن نستطيع تحقيق اي تقدم.