واشنطن ولندن تباشران حملة إقناع في مجلس الأمن تؤكد انتهاك العراق «المادي» للقرار 1441

السفير الفرنسي في واشنطن: صدام موجود في علبة يقفلها مفتشون يقومون بعملهم داخلها

TT

لا يبدو ان طريق الولايات المتحدة وبريطانيا لاتخاذ قرار جديد بشأن العراق في مجلس الأمن الدولي سيكون مفروشا بالزهور، اذ سيتعين عليهما ان تقنعا أعضاء لكل منهم أسبابه الخاصة لاظهار التردد حيال الحرب المحتملة.

وبينما بدأت روسيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى القيام بحملة دبلوماسية ضد مشروع قرار يفوض واشنطن ولندن باستخدام القوة العسكرية ضد بغداد اذا قدم رئيس لجنة «انموفيك» تقريرا سلبيا عن العراق يوم 14 فبراير (شباط) الجاري، يبدي أعضاء آخرون شكوكا حول مبررات الاسراع بالحرب.

وأفادت مصادر دبلوماسية بأن الولايات المتحدة وبريطانيا شرعتا في مناقشة صيغة نص مشروع القرار الجديد على أمل أن يقدم المشروع بعد أن يقدم هانس بليكس رئيس لجنة «انموفيك» ومحمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرهما إلى مجلس الأمن يوم الجمعة القادم عن نتائج محادثاتهما مع المسؤولين العراقيين في بغداد. وتنوي بريطانيا التي ستقدم صيغة نص المشروع عرضه على مجلس الأمن في نهاية الأسبوع المقبل بالرغم من معارضة فرنسا وروسيا وألمانيا والصين وسورية. وأوضحت مصادر المجلس أن المشروع الجديد لن يتضمن بالضرورة منح مهلة زمنية محددة أو إنذارا موجها إلى القيادة العراقية للتعاون بشكل جوهري وفعال مع مفتشي الأمم المتحدة، ولكنه يشير الى ان العراق في حالة انتهاك مادي للقرار 1441، الأمر الذي يوفر أساسا قانونيا لشن الحرب.

وأوضح مصدر دبلوماسي رفيع المستوى، أن موسكو غير راغبة على الإطلاق البحث في مشروع القرار الجديد إلا إذا قدمت واشنطن أدلة قاطعة بأن بغداد ما زالت تملك أسلحة دمار شامل.

وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه «إن بيان كولن باول (وزير الخارجية الاميركي) أمام المجلس لم يقدم مثل هذه المعايير». وشكك المصدر في كل الأدلة التي قدمها باول، وقال «إنها تثير الشكوك مرة ثانية، غير أنها لم تقدم أدلة حاسمة». وزاد المصدر «ان روسيا لا تثق بالعراق بنسبة 100%. ولكننا نقول ببساطة إننا لا نعرف ولدينا شكوك».

واعتبر سفير فرنسا لدى الولايات المتحدة جان ـ دافيد لوفيت امس، ان واشنطن وباريس تختلفان حول سرعة تدخل عسكري محتمل وليس على الهدف المتمثل في نزع اسلحة العراق. وتساءل خلال كلمة القاها في معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو مؤسسة بحوث مستقلة في واشنطن، «هل يتعين علينا خوض حرب خلال بضعة اسابيع ام علينا افساح المجال في الوقت الراهن لاستمرار عمليات التفتيش؟». ولكنه كرر تصريحا لوزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان جاء فيه ان «فرنسا لا تستبعد ايضا اللجوء الى القوة».

واوضح السفير الفرنسي ان حرب الخليج عام 1991 اضعفت نظام صدام حسين، وان عمليات التفتيش حتى 1998 دمرت اسلحة دمار شامل في العراق اكثر مما دمرته عمليات القصف. وقال ان «صدام موجود في علبة يقفلها الآن مفتشون يقومون بعملهم داخلها».

وسخر السفير الفرنسي من الحملة التي شنتها الصحافة الاميركية على فرنسا اخيرا بسبب موقف باريس من الملف العراقي، وقال: «عندما اقرأ الصحف واشاهد التلفزيون اتساءل هل الحرب بين الولايات المتحدة وفرنسا ام مع العراق». لكنه اضاف «ان صداقتنا راسخة ومن الضروري الحفاظ عليها».

ولم يلق البيت الأبيض سوى تأييد فاتر من حلفائه في اميركا اللاتينية. فبدلا من تأييد دعوة ادارة الرئيس بوش لاتخاذ اجراء ضد العراق تريد تشيلي والمكسيك التي تشغل كل منهما في الوقت الحالي مقعدا في مجلس الامن الدولي منح مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة مزيدا من الوقت.

وقال لويس ارنست ديربيز وزير الخارجية المكسيكي «نحن نؤيد تكثيف وتعزيز عمليات التفتيش».

كما اصدرت البرازيل والارجنتين بيانات تدعوان فيها الى عدم الانفراد بأي عمل ضد العراق ولأن يكون اي تحرك في هذا الشأن جماعيا.

وقال مايكل شيفتر من مؤسسة الحوار بين الاميركتين، وهي مركز ابحاث مقره واشنطن، ان موقف تلك الدول «كان متوقعا بسبب تاريخ الولايات المتحدة في التدخل العسكري في اميركا اللاتينية. ويرجع ايضا الى شعور اميركا اللاتينية بعدم التزام الولايات المتحدة بتعهداتها».

لكن ارتورو فالنزويلا مدير قسم دراسات اميركا اللاتينية بجامعة جورج تاون، فقال ان هناك افتقارا لاستجابة اميركية قوية لمشاكل اميركا اللاتينية، اذ يجب ان تعمل بنشاط في مواجهة الازمات. وفي نهاية الامر ربما تريد دول اميركا اللاتينية مقابلا دبلوماسيا قبل مساندة موقف بوش تجاه العراق.

وقال شيفتر «اذا كانت الولايات المتحدة لم تبد تعاطفا مع مشاكل اميركا اللاتينية فمن الصعب على دولها إبداء التأييد التام للطريق الذي تسلكه الولايات المتحدة».