الحكومة الأميركية تطلب وقف الدعاوى في قضية موساوي وتستأنف قرار السماح له بالاتصال بابن الشيبة

TT

طلبت وزارة العدل الاميركية من المحكمة، اول من امس، ايقاف كل الدعاوى في قضية المتهم بالمشاركة في احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، زكريا موساوي، بينما يستأنف المدعون العامون قرار حكم سريا بمنحه امكانية الاتصال بمن يوصف بمنسق الهجمات الارهابية التي جرت عام 2001.

ويقيم اقتراح الحكومة بالتأجيل، وبيان الاستئناف الذي قدمته الى محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة في جلستها الرابعة، الاساس لقرارات حكم اساسية ربما تحدد ما اذا كانت الدعوى المرفوعة ضد الشخص الوحيد المتهم في الولايات المتحدة بالهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون (وزارة الدفاع) ستبقى في محكمة جنائية.

واذا ما دعمت محكمة الاستئناف الطلب الذي يضمن لموساوي الذي يترافع عن نفسه، الاتصال برمزي بن الشيبة الذي ربما تكون لديه معلومات حيوية بالنسبة لدفاع موساوي، فمن المحتمل ان تنقل الحكومة القضية الى محكمة عسكرية وفقا لما قاله خبراء. ويمكن لمثل هذا القرار ان تكون له دلائل ضمنية على الجهود الاخرى الساعية الى محاكمة الارهابيين المتهمين في محاكم مدنية.

وقال براين جينكينز، الخبير في شؤون الارهاب، وكبير مستشاري مؤسسة راند كورب ان «القرار يتسم بأهمية حاسمة. اننا نبدأ شيئا جديدا هنا لاننا نتعامل مع خصوم نحن في حرب معهم، ولكننا نتعامل مهم في اطار النظام القضائي الجنائي التقليدي في الوقت نفسه. والفوارق بين الطريقتين هائلة».

وقد لمحت الحكومة لأهمية القرار عبر تقديمها اقتراح التأجيل. وقد كتب مساعد المدعي العام الاميركي روبرت سبنسر، قائلا انه «في ظل الظروف الحالية لهذه القضية، سيكون من غير العملي الاستمرار في هذه الدعوى القضائية، الى ان يجري حل القضايا المقدمة الى محكمة الاستئناف».

ووجهت التهمة الى موساوي، المواطن الفرنسي المغربي الاصل، 34 عاما، وذلك في ديسمبر (كانون الاول) 2001، ومن المقرر ان يواجه محاكمة في الكسندريا في يونيو (حزيران) على تهم بالتآمر مع افراد آخرين من «القاعدة» لاختطاف الطائرات التي اصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون. وتسعى الحكومة الى الحكم عليه بعقوبة الاعدام. وكان موساوي قد اعتقل قبل ثلاثة اسابيع من هجمات الحادي عشر من سبتمبر عندما أثار سلوكه الشكوك في مدرسة للطيران بمينيسوتا.

وتزعم الحكومة ان بن الشيبة، الذي اعترف بالتخطيط للهجمات، حوّل الى موساوي ما لا يقل عن 14 ألف دولار، مما يجعل الرجلين جزءا من الخطة. وكان بن الشيبة قد اعتقل الخريف الماضي في باكستان وسلّم الى المخابرات المركزية الاميركية. ويجري التحقيق معه في موقع سري، وهي عملية يمكن ان تستغرق شهورا او سنوات. وتعارض وزارة الدفاع ووكالات استخباراتية ايقاف العملية او السماح لمحامي موساوي بالاتصال به.

وبينما يجادل فريق الدفاع عن موساوي بان بن الشيبة قد تكون لديه معلومات يحتمل ان تؤدي الى اثبات براءة موكلهم، فان الحكومة تشعر بان السماح بالتحقيق مع بن الشيبة او اعضاء آخرين في «القاعدة» يمكن ان يحول دون تحقيقات اساسية ويؤدي الى الكشف عن معلومات مبوبة حيوية بالنسبة للأمن القومي.

ولكن بعد جلسة مغلقة الاسبوع الماضي اصدرت القاضية الاميركية ليوني برينكيما، امرا الى الحكومة بمنح محامي موساوي امكانية الاتصال بابن الشيبة وفقا لما ذكرته مصادر معينة. وتجري مناقشة ما يستتبعه ذلك الاتصال ـ ما اذا كان سيسمح للمحامين بتوجيه اسئلة الى بن الشيبة شخصيا او احالة اسئلة تحريرية الى الحكومة لتقدمها اليه، مثلا، في جلسات استماع سرية لاحقة في محكمة الكسندريا الفيدرالية، وفقا لما اورده مصدر مطلع على القضية.

وقدم الاستئناف على ذلك القرار في إطار قانون اجراءات المعلومات المبوبة الفيدرالي، الذي يسمح للحكومة باستئناف قضايا معينة قبل المحاكمة، عندما يشعر مسؤولون بأن الامن القومي في خطر. ومن المألوف ان طلبات الاستئناف لا يمكن تقديمها الى ان تنتهي المحاكمة.

ورفض مسؤولون في مكتب المدعي العام الاميركي في الكسندريا التعليق. وقال فرانك دونهام، الذي يترأس فريق الدفاع عن موساوي، ان تأجيل القضية، الذي يجب ان يقر من جانب برينكيما، يعتبر «طلبا معقولا. ولا يعني شيئا بالنسبة للكثير من الناس ان يتحركوا سريعا بينما يتوقف هذا الشيء، ويعنى به في محكمة الاستئناف».

وقال روبرت ليت، الذي كان مساعدا رئيسيا لنائب المدعي العام في ادارة كلينتون، ان الاستئناف يظهر ان الحكومة قررت، حتى الآن، متابعة المقاضاة المدنية لموساوي بدلا من ارسال القضية الى محكمة عسكرية.

واضاف ان «هذا نمط من فرصة أمامهم للخروج من النظام القضائي المدني، وبطرحهم الاستئناف هنا يبدو انهم يشيرون الى التزامهم بالمضي قدما بهذا الامر في العملية القضائية».

وكان الكشف عن نشاط يوم امس القانوني نظرة علنية نادرة في قضية كانت ذات مرة الوجه المعلن لهجوم الحكومة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، على الارهاب، ولكنها اصبحت، مؤخرا، مغرقة بالسرية.

وبسبب ارتباطها بمعلومات مبوبة، فان القضايا المحيطة بالاتصال بالشاهد تجري مناقشتها في سلسلة اجتماعات سرية خلال الاسبوعين الماضيين.

وقالت روث ويجوود، استاذة القانون في معهد الدراسات الدولية العليا بجامعة جونز هوبنكنز، ان كل السرية مبررة، مضيفة «ما الذي تريدون من الحكومة القيام به، الكشف عن مصدرها الخاص الدقيق؟ هل تريدون منها ان تقوم بذلك في محاكمة علنية وتكشف، على وجه التحديد، عما أبلغهم به صديقهم السيد بن شيبة؟ ان السرية تنبع من طبيعة القضية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»