الوثائق السرية البريطانية عن مؤامرة الجنرال أوفقير لإسقاط الطائرة الحسن الثاني ـ 1952 ـ 1972 ( 4 من 4) * الدبلوماسي البريطاني بارسونز: لماذا نطلب الرحمة لأمقران من الحسن الثاني ونحن على علم بالمصير الذي ينتظره يوم سلمناه

زوجة أمقران: قيل لزوجي إنه سينقل من سجن لآخر ولكنه سُفر إلى المغرب * هيوم للزوجة: لم أقرر إطلاقا مخاطبة الملك بشأن عدم تنفيذ حكم الإعدام

TT

حسن ساتي -------------

«الشرق الأوسط» تنشر اليوم الحلقة الاخيرة من الوثائق السرية البريطانية المتعلقة بمحاولة الجنرال محمد أوفقير، اسقاط طائرة العاهل المغربي الملك الحسن الثاني.

ونفرد ضمن هذه الحلقة مذكرة المخضرم بارسونز التي كان فيها واضحا، وربما اكثر مما يجب، في التوصية بعدم ارسال طلب للملك الحسن الثاني لجهة عدم تنفيذ عقوبة الاعدام في العقيد محمد امقران.

كان الوقت ضاغطا، فالمذكرة كتبت يوم 19 ديسمبر (كانون الاول) قبل 24 ساعة من صدور حكم طلب الاستئناف، ودار الجدل في الخارجية البريطانية مستصحبا دخول زوجة امقران طرفا في الموضوع واثارتها لمسائل قانونية، فانبرى بارسونز مجادلا ليقف ضد فكرة ارسال وزير الخارجية طلب رحمة لأمقران، قائلا في جرأة، كيف نرسل طلبا ونحن نعرف سلفا المصير الذي ينتظره يوم ارسلناه؟ وتساءل: كيف نترحم لانسان واحد او شخصين ونترك البقية التي تواجه نفس المصير؟

وإلى ذلك، اثارت زوجة امقران لدى القنصلية البريطانية في بون مسائل اخرى قانونية تصب في بحر الجدل القائم حول قانونية تسليم سلطات جبل طارق الانقلابيين للمغرب.

* سيناريو مخاطبة الملك حول أمقران

* وثيقة رقم: 263

* التاريخ: 19 ديسمبر 1972

* الى: مستر دونت.. سري. الخارجية

* الموضوع: اعادة أمقران للمغرب

* 1ـ من وجهة النظر السياسية الشرق اوسطية، لا ارى سببا للتوصية بارسال وزير الخارجية طلبا للعفو، فحينما تم اتخاذ القرار بإعادة الانقلابيين للمغرب، جاء اتخاذ القرار على قاعدة من المعرفة باننا ارسلناهم او اعدناهم الى موت شبه مؤكد.

التداعيات الشرق اوسطية لقرارنا، وردود الفعل من الدول المجاورة، كانت قد وضعت في الحسبان، ان ليبيا هي الدولة الوحيدة التي ستتفاعل سلبا مع اعدام الضباط، ومن غير المتوقع ان ينبهر القذافي مع حقيقة ان وزير الخارجية قد ارسل طلبا في آخر دقيقة لجهة العفو فيما سينظر للطلب، وفي مثل هذه الظروف، وفق تخميني، في تلك المنطقة بانه نوع من النفاق لاننا، وبتسليمنا القائد الفاعل في المؤامرة (بعد الجنرال اوفقير) للمغرب، نكون قد وضعنا انفسنا في موقف، يكون فيه القليل من التعقل، ان نطلب عفوا عنه في وقت لا نطلبه لاناس اقل تآمرا ويواجهون ايضا عقوبة الاعدام، اضف الى ذلك ان من غير المحتمل ان يعفو الملك الحسن عن امقران والمضوي ليعدم بقية الثمانية عشر الآخرين. كما انه من غير المحتمل ان يعفو عن كل المدانين بعقوبة الاعدام لان طلبات قد قدمت في حق ضابطين.

الى ذلك، واذا ما كان للملك ان يقرر تعديل العقوبة لجهة تخفيفها، فسيكون ذلك لاسباب تخصه، وليس من اجل ارضائنا. ولذلك استنتج من هنا بانه لا فائدة بالنسبة لنا يمكن ان نحصل عليها برسالة من وزير الخارجية للملك الحسن. فيما سيكون اثرها الوحيد، احتمالا، ان تسبب للملك قدرا قليلا من الحساسية.

2ـ ناقشت مع مستر سكوت، وهو يرى، من وجهة نظر الجنسية والمعاهدة، انه لا يوجد سبب يدفع وزير الخارجية لارسال مثل تلك الرسالة، رغم انه، اي سكوت، اشار الى ان ادارة الجنسية والمعاهدة كانت على حق تام في جعل الوزراء على وعي بالنقطة الواردة في الفقرة 8 من مذكرة مستر كاي.

3ـ من الوجهة الاخرى، لا ارى اي ضرر في ارسال وزير الخارجية لرسالة الى الملك الحسن اذا كانت هناك اسباب موضوعية اخرى للاقدام على ذلك. الارجح ان يكون البرلمان مسرح العاصفة، ولا ارى ما يعارض الفكرة اعتمادا على ارضية السياسة الخارجية، ولكن، وكما اسلفت سابقا، فاني لا ارى مكاسب منها اعتمادا على ارضية السياسة الخارجية ايضا، واقول بذلك، بافتراض ان عقوبة الاعدام ستنفذ وان الوزراء يعتقدون ان ارسال الرسالة للملك وطلب العفو سيسهل عليهم الامر في مواجهة النقد داخل البرلمان.

* ايه. دي. بارسونز

* «حاشية»: على الوثيقة تعليق من بارسونز ايضا، وبعد توقيعه يقرأ:

* 1ـ في ضوء عامل الوقت الضاغط، تحدثت مع وزير الخارجية شفاهة حول الموضوع اليوم وقبل الغداء، فتفاعل بحزم ضد فكرة ارسال رسالة للملك الحسن، وفيما لم يرغب في رؤية الاوراق، ولا يعتقد ان من الضروري لأي وزير آخر ان يراها قبل ان يتم اتخاذ قرار نهائي.

2ـ من هنا، واذا لم تكن ترغب في اعادة فتح القضية، لن تكون هناك حاجة لمسودة برقية للرباط، على الادارة ان تعد مسودة نوع آخر من الاجابة للسيدة امقران.

* توقيع ايه. دي. بارسونز

* مرافقة زوجة امقران الالمانية

* وثيقة رقم: 256

* التاريخ: 13 ديسمبر 1972

* الى: الخارجية، عاجل جدا

* الموضوع: انقلاب اغسطس بالمغرب

* 1ـ قابلت فراو (السيدة) أمقران، مواطنة المانية وزوجة نائب قائد سلاح الجو المغربي السابق، رئيس القنصلية اليوم بناء على طلبها وبنصح من وزارة الخارجية الالمانية. زوجها احد الضباط الذين طلبوا اللجوء في جبل طارق عقب محاولة الانقلاب في اغسطس، وقد اعيد للمغرب (خطاباتها لرئيس الوزراء ولكم، والتي تسلمناها هنا، ارسلناها سلفا الى الادارة المعنية بموجب خطاب الانسة بكمانز بتاريخ 7 ديسمبر الى كاي). جاء الى القنصلية في رفقتها الهر (السيد) سيلغ (وهو محام ولكنه يعمل في هذه القضية بصورة خاصة جدا باعتباره خالها) احضرت خطابا موجها لي ومذكرة توضيحية الخصها فيما يلي:

2ـ ينتظر زوجها الحكم على استئناف باعدامه، لا تعرف تاريخ صدور الحكم، ولكنها تعتقد انه سيصدر خلال ساعات في ضوء السوابق. زعمت المذكرة التوضيحية ما يلي:

أ ـ اعيد امقران بناء على طلب السلطات المغربية غير القانوني للاسباب التالية:

1ـ طبيعة الجريمة سياسية.

2ـ لا توجد اتفاقية تبادل للمجرمين بين المغرب وبريطانيا.

3ـ لم يتم الاستماع لقضيته قبل ترحيله من جبل طارق، وفي ذلك خرق لقانون الابعاد لعام 1870.

ب ـ ينتهك ابعاده للمغرب كذلك اتفاقية حقوق الانسان الاوروبية التي وقعت عليها الحكومة البريطانية. لم يخطر امقران الى لحظة وصوله الى الطائرة بانه سيعاد للمغرب وانما اخطر فقط بانه سينقل من سجن الى آخر.

3ـ طُلب من حكومة جلالة الملكة الآتي:

1ـ اجراء تحقيق فيما حدث حقيقة.

2ـ ان تمارس كل الضغوط لاعادة امقران مرة ثانية لجبل طارق.

3ـ ان تتأكد من ان عقوبة الاعدام لن تنفذ.

4ـ ان تمنح فراو أمقران تفاصيل اكثر عن ترحيل زوجها من جبل طارق وعن الذي قيل له في ذلك الوقت.

4ـ اضافت السيدة امقران ان زوجها كان يخضع لعلاج طبي وقت الانقلاب، فهو مريض ولا يستطيع المشي إلا بصعوبة.

5ـ قالت انها على اتصال بطريقة غير رسمية مع السفير الاميركي بالرباط كصديق شخصي عبر السفارة الاميركية في بون فيما قابلت اخيرا فيدلر (رئيس ادارة شمال وغرب افريقيا بالانابة في الخارجية الالمانية) وهو الذي نصحها بالحضور الينا. قال لها ان الحادثة بريطانية ـ مغربية صرفة، وبما ان امقران نفسه ليس مواطنا المانياً فليس هناك ما تستطيع السلطات الالمانية تقديمه، وربما يكون بوسعهم مساعدتها على الاتصال بمحاميها في الرباط، ولكنه لا يمكن ان يقطع بوعد الى ان يحصل على معلومات اضافية، ولن يُقدم الالمان على تحرك الى ان يسمعوا منها مرة ثانية.

6ـ في ضوء ايضاحاتكم (برقية رقم 207 بتاريخ 18 اغسطس، احاطها رئيس القنصلية ببساطة ان طلبها سيقدم للسلطات المعنية في لندن واننا سنحيطها بأي اجابة.

* توقيع هندرسون بون

* رد هيوم على زوجة أمقران

* وثيقة رقم: 277

* التاريخ: ديسمبر 1972

* الى: فراو مليكة أمقران.. (اضافة لعنوانها بألمانيا.. الشرق الأوسط)

* اكتب لأشكرك على خطابك بتاريخ 4 ديسمبر عبر سفارتنا في بون حول زوجك العقيد محمد امقران. لم تكن المسألة كما تفضلت بالاشارة الى ان حكومة جلالة الملكة سلمت الضابطين بشرط ألا يعدما او تساء معاملتهما لأن سفير جلالة الملكة بالرباط، طالب نيابة عني، وزير الخارجية المغربي بضمانة لجهة حسن معاملتهما. في الاجابة اكد لي بن هيمة (أحمد الطيبي) بان الضابطين المعنيين قد اخضعا للكشف وفق الاجراء القانوني المؤسس وسيحاكمان امام محكمة عسكرية وفق القوانين الصارمة للعدالة العسكرية والدستور المغربي. وقد اصبح هذا التأكيد معلنا فيما بعد، وهو التأكيد الوحيد، وبقدر ما استطيع الرؤية فالتمسك به قائم.

لم اقرر اطلاقا ارسال رسالة للملك الحسن اطالبه فيها بعدم تنفيذ اي عقوبة اعدام على الضابطين.

هلا اعتبرت هذا الخطاب كإجابة، وكذلك للخطاب الذي ارسلته لرئيس الوزراء؟

* توقيع اليك دوغلاس هيوم وزير الخارجية