السفير البريطاني في الرباط يقترب من ترشيح 3 عقداء مغاربة لنقل البلاد إلى سيناريو اليونان من دون قهر

قائمة الترشيحات ضمت الجنرال بن عامر والعقداء الدمناتي وأبرودي واليوسي

TT

وفي الختام هذه مداخلة لا تخلو من ثراء وإثارة، فالخارجية البريطانية سألت سفارتها في الرباط حول امكانية قيام الجيش بانقلاب آخر يضع المغرب في خندق جنرالات اليونان ولكن من دون قهر، ولم يكن امام السفير البريطاني في الرباط من خيار غير ان يركب الصعب، اي ان يمضي بالتأويل ويرشح بالاسماء من جنرالات المغرب من يمكن ان يقدم على ذلك السيناريو.

ولكن السفير وفي تلخيص قاطع قال انه على يقين من حقيقة واحدة، وهي ان اي نظام في المغرب، يمينيا او وطنيا، متشددا او يساريا، صديقا للغرب، او معاديا له، لن يكون اقل من الملكية، بحكم عوامل قال بها صراحة.

* مرشحو قيادة المغرب لسيناريو جنرالات اليونان

* وثيقة رقم: 55

* التاريخ: 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1972

* الى: ايه. جيه. كريغ، ادارة الشرق الادنى وشمال افريقيا

* الموضوع: تداعيات انقلاب المغرب

* عزيزي جيمس:

* 1ـ خطابك NAM 2/1 بتاريخ 18 اكتوبر (تشرين الاول) اقترح ترشيح المغرب لجهة نظام «جنرالات اليونان» ولكن من دون قهر. هذه فكرة جديدة جدا بالنسبة لي، والاكثر جاذبية، ولكن من اين لنا ان نجد امثالهم في المغرب؟ فالذين كانوا حاضرين في الصخيرات شهدوا الوحشية التي امتدت من الجنرالات الى الجنود، فيما خطط الجنرال محمد أوفقير ورفاقه بهدوء لتدمير طائرة الملك وعلى متنها 50 راكبا.

2ـ يعتمد الملك الآن بقوة على العقيد احمد الدليمي، وقد التقيته الى الآن في عدة مناسبات منذ كتابة تقريرنا عن «الشخصيات» في المغرب، وتناولت معه الغداء في منزله. صورة الدليمي تخفي تحت المظهر الرقيق والعابث نفس القسوة والوحشية التي تحلى بها مدبوح («محمد» شارك في المحاولة الانقلابية في الصخيرات) وأوفقير، ولم يكن توليه منصب المدير العام للأمن العام من فراغ، فهو لا يزال، في الحقيقة والواقع، اعلى سلطة امنية بالمغرب. ولن يدهش الامر لا ملحقي العسكري، ولا انا، اذا ما حاول ان يأخذ الامور في يديه في واحد من هذه الايام.

3ـ كان الجنرال عبد السلام بن عامر الى وقت قريب نائب القائد العام للقوات المسلحة، ولكنه فصل من الخدمة بقرار من الملك لأنه كان شفوقا جدا لدى محاكمة 1591 من الضباط والجنود بعد انقلاب الصخيرات، وهو رجل مبهم، ولكنه القصير القاسي، وأكرر انه قاس، فقد حارب في الحرب الاهلية الاسبانية من داخل جيوش الجنرال (فرانسيسكو فرانكو)، وهو صديق عظيم للمارشال العجوز أمزيان الذي كان في وقت ما خلال الحرب الاهلية الاسبانية حاكما عسكريا لولاية بونتفيدرا في شمال اسبانيا.

4ـ لدينا بعد انقلاب 16 اغسطس (آب) عدد من العقداء الذين احيلوا جبرا للتقاعد، بمن فيهم الدمناتي (كان مؤخرا رئيسا لهيئة الاركان لأوفقير في وزارة الدفاع)، فيما اعفي أبرودي الذي كان قائدا للبحرية واليوسي الذي كان على رأس قيادة القوات الجوية، بعد انقلاب 16 اغسطس.

إلى ذلك، كانت معاملتنا معهما ودودة جدا، واذا كان لهم ان يكونوا اذكياء جدا، ويعتقدوا انهم يمتلكون مساندة ودعما فبوسعهم، افتراضا، ان يصبحوا قادة يمينيين. ومن الواضح ان توجهاتهم ستكون موقوفة الى حد بعيد على ما اذا كان لهم ان يستولوا على السلطة في حالة اغتيال الملك من قبل طرف ثالث، او اذا كان لهما ان يدبرا انقلابا بأنفسهما، وفي كل الاحوال سيكونان اكثر حزما، وأكثر قسوة.

5ـ هذه هي الشخصيات التي تحملت مسؤوليات على مستوى القمة، ولكن، وكما نعرف جميعا، فالقائد يخرج في الغالب من عمق تحتي، ولكن هنا، ومع المغرب، يكون ما هو اكثر من طبيعي ان يصعد للقمة الوطني القومي او المهرج من اليسار. ولا يزال هناك قليل من الشك ان مؤسسة ضباط الجيش تدير الآراء السياسية من اليمين الى اليسار. «وضع كريغ وهو متلقي هذه الوثيقة خطا بالقلم تحت هذه الجملة الاخيرة».. «الشرق الأوسط».

الى ذلك اظهر الدليل من محاكمة 220 (محاكمة قضية الصخيرات) ان الليبيين، على سبيل المثال، نشطون في هذا البلد. ومن المؤكد انهم اخترقوا القوات المسلحة، وتبقى فكرة ترشيح القذافي، او عبد الكريم قاسم، او عيدي امين، وآخرين لهذه البلاد فكرة مرعبة، ولكن قيام نموذج احدهم احتمال حقيقي، وأنا على يقين بان علينا ألا نفقد النظر تجاهه.

6ـ من الممكن ان يكون كل ما ورد اعلاه تأمليا، لان اتصالاتنا بالضباط المغاربة محدودة جدا، وحتى ايام الجيش الاحتفائية لا يحضرها الا الرائد العمراني وضابط الاتصالات، ومن حين لآخر ضابط مغربي آخر. وعلى اية حال، من الطبيعي ان السرية المطلقة هي جوهر اي انقلاب ناجح، ولذلك فهناك أمل قليل تجاه الحصول على اي فكرة واضحة حول اي جهة من الجيش هي النشطة في هذا المجال. ولذلك فمن الصعب ان نتوقع الحصول على نظام، كان من اليمين او اليسار، لا يمارس القهر ضد قطاع من الشعب اذا كان له ان يبقي نفسه في الحكم في بلد مثل هذا يمتلك جيوبا قوية من السخط والاحباط.

7ـ خطايا الملكية هنا تكمن في الفساد وسوء توزيع الثروة، وهي تحاول تحسين موقعها تجاه القضية الاولى بالمحاكمات، فيما تحاول تجاه الثانية ادخال نظم ضريبة الدخل على الدخول غير المعلنة وتوزيع الأراضي على المزارعين، ومع ذلك، لا يعيش اي انسان تحت اي اوهام بان النافذين والاغنياء سيبقون على معرفة بالطرق التي يمكن لهم بها ان يحموا بل ويبنوا اعشاشهم.

ولن تسعف الامر هنا آلة ادارية معتدلة مصحوبة بمركزية متزايدة في يد الملك، ومع ذلك، لا يمكن القول ان النظام ليس ليبراليا وهو يتقبل قدرا ملموسا من المعارضة السياسية بمقاييس معظم الدول الافريقية والنامية. ومع ذلك ايضا، تقودنا محاولتا الانقلاب الى ان نفترض ان محاولة الآخرين، والتي يمكن ان تنجح ستتواصل.

شيء واحد اني على يقين تام منه، وهو ان اي نظام يأتي، اذا كان من اليمين وبقي صديقا للغرب، او من الوطنيين المتشددين، او من اليسار ليكون اقل صداقة او حتى عدائيا للغرب، فبوسعنا ان نتوقع منه قهرا اعظم وأكثر مما يمكن ان يكون تحت الملكية.

8ـ نقدم كل هذا هنا بتفصيل اكثر مما حملته ورقة تقييم المغرب التي ارسلها مارشال اليوم، وأحسب اننا هنا ذهبنا بعيدا وإلى المدى الذي نستطيعه.

* توقيع آر. دبليو. بيلي السفير. الرباط