الانقسامات بين الأوروبيين حول العراق تعكس المخاوف الفرنسية ـ الألمانية من توسيع الاتحاد الأوروبي

TT

باريس ـ ا.ف.ب: اظهرت الازمة العراقية هوة بين الاوروبيين فضلا عن معطيات جديدة تلوح في الافق مع بداية مرحلة توسيع الاتحاد الاوروبي الى 25 دولة، قد تجد فرنسا نفسها فيه مهمشة.

ففي اقل من 15 يوما، نشرت 18 دولة اوروبية تصريحات تدعم الولايات المتحدة في الازمة العراقية. وغالبية هذه الدول ستنضم الى الاتحاد الاوروبي بحلول العام 2004 او في مواعيد تالية. وفي مواجهة هذه الدول تتولى فرنسا والمانيا قيادة معسكر السلام الذي يواجه صعوبة متزايدة في استقطاب الدعم مما يعرض هاتين الدولتين لتهكم الولايات المتحدة. فقد قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد «انا لا ارى ان المانيا وفرنسا تمثلان اوروبا. انهما اوروبا العجوز. اذا ما القينا نظرة شاملة الى اوروبا فان ثقلها الان يمر بالشرق» حيث غالبية الدول مؤيدة لواشنطن.

وخلال قمة حلف شمال الاطلسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رحب الرئيس الاميركي جورج بوش علنا بانضمام سبع دول من اوروبا الشيوعية سابقا الى الحلف وهي ليتوانيا واستونيا ولاتفيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وبلغاريا ورومانيا. وكانت هذه الدول وقعت رسالة نشرت اخيرا وعبرت فيها عن دعمها لحملة واشنطن على النظام العراقي. وبالتالي فان الولايات المتحدة قد تحصل مع توسيع الاتحاد الاوروبي الى 25 عضوا، على دعم غالبية الاعضاء اي 13 في مقابل .12 واعلنت خمس دول اعضاء حاليا في الاتحاد الاوروبي دعمها لواشنطن، وهي ايطاليا واسبانيا والدنمارك وبريطانيا والبرتغال. وانضمت اليها ثلاث دول اوروبية شرقية ستنضم الى الاتحاد الاوروبي العام المقبل وهي بولندا وتشيكيا والمجر. وقامت هذه الدول بنشر رسالة مشتركة في 30 يناير (كانون الثاني) دعما للولايات المتحدة في مواجهتها مع النظام العراقي. وقد حذت حذوها الاربعاء الماضي عشر دول من اوروبا الشيوعية سابقا مرشحة هي ايضا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي بعد فترات متفاوتة. وهذه الاوضاع الجديدة من شأنها اثارة قلق فرنسا التي ترددت لا بل عارضت مطولا فكرة توسيع الاتحاد الاوروبي. فلطالما واجهت باريس التي تقدم نفسها على انها مدافعة عن «اوروبا قوية»، صعوبات في اسماع صوتها حتى عندما كانت اوروبا لا تضم سوى ستة او تسعة اعضاء. وعندما سينتقل عدد اعضاء الاتحاد الاوروبي الى 25 ستصبح المعركة اصعب بكثير خصوصا ان غالبية الدول التي ستنضم تعتبر اوروبا مجالا اقتصاديا اكثر منه سياسيا. ويفيد مصدر دبلوماسي في باريس «كنا نعرف ان التوسيع يشتمل على هذه المخاطر لكن اليوم علينا التكييف مع ذلك في سبيل اعادة توحيد اوروبا». ويرى المصدر نفسه «من الواضح ان على فرنسا ان تجد طريقة افضل لاقناع الدول الاخرى». ولتجنب الجمود، تشدد مصادر في باريس على ضرورة اللجوء اكثر الى عمليات التعاون المعززة المنصوص عليها في المعاهدات الاوروبية والتي تسمح لعدة دول وليس الى جميع الدول الاعضاء، بالمشاركة للمضي قدما على الصعيد الاوروبي. وتوضح هذه المصادر ان اعتماد اليورو من قبل 11 دولة من اصل 15 اعضاء الاتحاد حاليا هو خير مثال على نجاح مبدأ التعاون المعزز.

كما تشدد مصادر في الاوساط الاوروبية ان فرنسا والمانيا اللتين عاد الصفاء الى علاقاتهما بعد خلافات استمرت اشهرا، يجب ان تعرفا كيف توسعان هذه العلاقة المميزة لتشمل الدول الاوروبية الاخرى. لكن وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين اعتبر اخيرا ان الدول الاوروبية الاخرى «لم تعد مستعدة لتقديم دعم تلقائي لاي موقف لمجرد انه صادر عن المانيا وفرنسا».