باول يرفض ضمنا خطة فرنسية ـ ألمانية لنزع أسلحة العراق المحظورة ودعا باريس وبرلين لقراءة القرار 1441 ثانية للتأكد من عدم تعاون صدام

طالب الأمم المتحدة بتفهم جدية المرحلة الحالية ودعا بغداد إلى أن تعي العواقب الوخيمة المقبلة

TT

قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول انه اطلع على جزء من خطة تعمل ألمانيا وفرنسا لتقديمها الى مجلس الامن الدولي لنزع اسلحة العراق وتجنب الحرب، واضاف في مقابلة مع محطة «فوكس» امس انه اطلع على هذا الجزء الاربعاء الماضي بعدما قدم لمجلس الأمن الادلة على عدم تعاون العراق.

وفي رفض غير مباشر للخطة الالمانية ـ الفرنسية التي اعلنت روسيا انها ستدعمها قال الوزير باول «ان الموضوع ليس زيادة عدد المفتشين ومضاعفة اعدادهم وانما الموضوع هو امتثال صدام حسين للقرار 1441 وغيره من قرارات الامم المتحدة، وهذا ما يرفض صدام القيام به منذ 90 يوما مضت على صدور القرار»، واضاف: «ان ما نريده هو المزيد من التعاون، وامتثال صدام حسين للقرارات، لا المزيد من المفتشين، وان العراقيين لا ينفذون المطلوب منهم».

وشدد باول على ان الحاجة المطلوبة وبسرعة ليس المزيد من المفتشين، وانما المزيد من التعاون من صدام حسين. وان يذعن لما تنص عليه قرارات الامم المتحدة وآخرها القرار 1441. ورفض التعليق على ما اذا كان سيدعم قرارا من مجلس الامن تسعى اليه المانيا وفرنسا بدعم روسيا لدعم الخطة لنزع اسلحة العراق من دون اللجوء الى الحرب وقال «انني لا اعلق على قرار لا يزال غير موجود، وان ما يجب استمرار التركيز عليه هو ان العراق لا يمتثل للقرارات وليست الحاجة الى المزيد من المفتشين».

وقال باول ان فرنسا والمانيا بهذه الخطة «لا تتبعان ما يدعو اليه القرار 1441، الذي تم اقراره بـ15 صوتا مقابل صفر والذي صوت عليه الفرنسيون بالموافقة والذي نص انه لدى العراق اسلحة دمار شامل، وانهم ارتكبوا انتهاكا ماديا لـ16 قرارا. وقد وافق الفرنسيون على ذلك. وقلنا اننا نعطي صدام حسين فرصة اخيرة ووحيدة، ولديه هذه الفرصة منذ ثلاثة اشهر، ولم يمتثل حتى الآن ولم ينفذ ما يجب عليه تنفيذه».

وقال باول: «ان ما على فرنسا والمانيا ان تفعلاه وجميع اعضاء مجلس الامن الدولي، هو قراءة القرار 1441 مرة ثانية. ان عدم التعاون من العراق، والاعلان الكاذب منه، وكل الاعمال التي قام بها العراق التي لم يقم بها كما هو مطلوب.. كل هذا يضع الارضية للامم المتحدة لتحديد ما اذا كانت العواقب الوخيمة ملائمة الآن»، اي تقرير ما اذا كان العمل العسكري واجبا لنزع سلاح العراق.

وأضاف باول: «ان الخطوة التالية من مجلس الامن لن تكون ارسال المزيد من المفتشين وزيادة عددهم.. لا اعتقد ان هذه ستكون الخطوة المقبلة من مجلس الامن. وانما ان يجتمع المجلس ليصدر حكمه في ضوء عدم تعاون العراق».

واستبعد باول ان يتعاون العراق حتى لو اعطي المزيد من الوقت. وقال: «لقد حان الوقت الآن لتفهم الامم المتحدة بوضوح جدية المرحلة الحالية، وليفهم العراق، ان عواقب وخيمة مقبلة». ورفض التكهن بما سيقرره مجلس الامن وقال: ان الواضح ان العراق لا يمتثل للمطلوب منه، «وان العراق يرتكب انتهاكا ماديا للقرار ونأمل ان تقوم الامم المتحدة بواجبها وتتحمل مسؤولياتها». وقال: انه لن تكون حرب اذا امتثل ونفذ المطلوب، ولكنه لا يمكن الاستمرار على هذا الحال».

وعن الوثائق المهمة التي ذكرت التقارير ان العراق سلمها لهانس بليكس ومحمد البرادعي قال الوزير باول «لقد سمعت بذلك. لكننا لا ندري ما هذه الوثائق، واذا كانت فعلا وثائق مهمة فانه كان يجب عليه ان يسلمها منذ اشهر مضت».

ومن جهة ثانية قال احد زعماء الكونغرس البارزين السناتور كارل ليفين تعليقا على الخطة الالمانية ـ الفرنسية المدعومة روسيا: انه يرحب بالجهود الرامية لتلافي وقوع الحرب. وشدد على معارضته لاصرار بلاده على شن الحرب على العراق قائلا: «ان افضل طريق هي العمل مع المجتمع الدولي، وبذل كل عمل وجهد ممكن لتجنب الحرب، ويجب اعطاء المفتشين الدوليين كل المعلومات الاستخبارية المتوفرة «لدينا» لمساعدة المفتشين على انجاز مهمتهم».

وقال: «ان هناك امكانية لنجاح المفتشين في مهمتهم اذا اعطيناهم كل فرصة لازمة، واذا دعمناهم في اداء المهمة، وانهاء عمليات التفتيش».

واضاف السناتور ليفين مؤكدا انه لا بد من صدور قرار ثان من مجلس الامن، ويجب ألا تذهب اميركا الى الحرب منفردة. بل يجب تجنب الحرب. وقال انه يجب على اميركا ان تذهب الى مجلس الامن «لتحديد ما تعنيه عبارة عواقب وخيمة» التي وردت في القرار 1441. وقال ان الاغلبية في الكونغرس تدعو الى دعم المفتشين الدوليين والعمل مع المجتمع الدولي. واضاف انه لا يعتقد ان صدام حسين والعراق يشكلان تهديدا وشيكا للولايات المتحدة. وقال «صدام لديه اسلحة دمار شامل ويخفيها. ويجب اعطاء المفتشين الدعم والمعلومات اللازمة للوصول الى المواقع الموجودة فيها تلك الاسلحة. واستبعد وجود علاقة بين العراق وشبكة «القاعدة»، وقال ان وجود عنصر من «القاعدة» في بغداد وتمكنه من الاقامة هناك لبعض الوقت لا يعني وجود تحالف بين العراق والقاعدة».

وبتكرار الاسئلة عما اذا كان يدعم الادارة في شن حرب على العراق قال: علينا نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية دون حرب. وقال: «لماذا لا نهاجم كوريا الشمالية التي لديها اسلحة دمار شامل واعلنت ذلك وطردت المراقبين الدوليين؟».

وأضاف باول في مقابلة اخرى مع شبكة «إيه. بي. سي» أمس «انه لا يمكن السماح ابدا لهذه اللعبة بأن تستمر اسبوعا تلو اسبوع، حيث نجد اسبابا جديدة ومختلفة لتجنب الحالة الواضحة أمامنا». وقال «انه لا يعرف ما يمكن ان تحققه تلك الخطة الفرنسية ـ الالمانية».

من جهتها قللت كوندوليزا رايس، مستشارة الرئيس الاميركي للأمن القومي، من اهمية ما يتردد عن الخطة او المبادرة الفرنسية ـ الالمانية لنزع اسلحة العراق من دون استخدام القوة العسكرية.

وقالت في مقابلة امس مع شبكة «سي. بي. إس» ان المشكلة ليست في زيادة عدد المفتشين وانما هي صدام حسين ونظامه الذي لم يمتثل حتى الآن ولم ينفذ قرارات مجلس الامن الدولي رغم السنوات الـ12 الماضية، حيث اعطي الوقت الكافي ولم يمتثل ولم يتخذ قرارا بنزع اسلحته طوعا. واضافت انها قرأت عن الخطة عبر التقارير، ولكنها لم تطلع عليها، وان المشكلة ان الرئيس العراقي لم ينزع سلاحه. وان اي ابتعاد عن القرار 1441 سيخفف الضغط المتعاظم على صدام حسين، وان اي خطة مثل الخطة الالمانية ـ الفرنسية هي انحراف عن تنفيذ القرار 1441.

كما قللت رايس من اهمية ما قدمه العراق الى بليكس والبرادعي امس ومن ذلك السماح بتحليق طائرات التجسس «يو 2» والسماح بمقابلة العلماء العراقيين، وتقديم وثائق مهمة، وقالت ان القرار 1441 يفرض على العراق ويتحداه بأن يمتثل بالكامل لما ورد فيه بشأن نزع اسلحته، واعطى العراق فرصة اخيرة ووحيدة لتنفيذ ذلك. ومن هنا «فان تقديم شيء قليل من هنا ومن هناك غير كاف».

وعما يمكن ان يقوم به صدام حسين لتجنب وقوع الحرب قالت رايس: لقد اعطي صدام حسين فرصا كثيرة لينفذ المطلوب منه، والمسألة ليست مسألة آخر ثلاثة اشهر وإنما مسألة آخر 12 سنة، وقد خرق مرارا قرارات مجلس الامن الدولي. وان على صدام حسين ان يغير سلوكه هذا ويمكنه ان «يكشف ويطلعنا على ما لديه من اسلحة بيولوجية واين هي المختبرات ومصانع الاسلحة البيولوجية المتنقلة التي اشار اليها الوزير باول امام مجلس الامن الدولي الاربعاء الماضي».

من جهة اخرى اكدت رايس ان الرئيس بوش ملتزم وبقوة العمل وبذل الجهد من اجل السلام في الشرق الاوسط، رغم الانشغال بالازمة العراقية، وحتى لو ذهبت اميركا الى الحرب على العراق. واشارت بشكل غير مباشر الى ان الحرب على العراق قد توفر فرصة لدفع عملية السلام الى الامام.

وقالت ان الرئيس في خطابه يوم الرابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي اعلن رؤيته بوضوح وهي «وجود دولتين تعيشان جنبا الى جنب، فلسطين ديمقراطية، واسرائيل ديمقراطية تستطيعان العيش جنبا الى جنب»، وان الموضوعات المتعلقة بالاراضي «تشكل مركز رؤية الرئيس».

وقالت رايس ان الادارة تنظر نحو انفراجات لتحريك العملية قدما. واضافت: «انه لأمر حيوي ان نستغل كل فرصة، الآن، وبعد العراق (الحرب) اذا كان لا بد من الذهاب الى الحرب، فانه مهم جدا ان نستغل كل فرصة لدفع العملية الى الامام. فهناك الكثير بعد حرب الخليج الاولى (تحرير الكويت)، وفر فرصة لتحريك عملية السلام.