السودان: فريق مراقبة وقف النار يتجنب توجيه اتهام مباشر إلى الحكومة عن العمليات العسكرية في منطقة اللير بالجنوب

TT

تجنب فريق مراقبة اتفاقية حماية المدنيين في السودان عبر تقرير قدمته للجنرال لازواراس سيمبويو، مبعوث السلام الكيني، توجيه اتهام مباشر للحكومة عن العمليات التي جرت في منطقة اللير بالجنوب نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. وكانت الحركة الشعبية قد علقت مشاركتها في المفاوضات مع الحكومة بمدينة كرن الكينية، متهمة الخرطوم بالاستيلاء على اللير. وطلب سيمبويو من الفريق بشكل خاص القيام بالتحقيق في الاتهامات. وكلف مجموعته المقيمة في رومبيك (الطرف الذي يلي الحركة) القيام بعملية التحقيق الميداني. ووصف الفريق العمليات التي جرت هناك بأنها كانت مناوشات بين الطرفين ولم تكن هجوما رئيسيا.

وقال الفريق في مؤتمر صحافي بالسفارة الأميركية امس انه قام بالتحقق من ادعاءات عن قتال عنيف في اللير بناء على طلب من سيمبويو على الرغم من ان هذا العمل يعد تكليفاً اضافياً، مشيرا الى ان التحقيقيات اوضحت ان القرية خلت من السكان نسبة لتحركات للقوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها حول القرية، وأكد ان القوات الحكومية كانت تقوم بتأمين طريق جديد يتم انشاؤه في المنطقة اصبح قريبا من اللير، كما ان القرى المحيطة بالطريق كانت خاليه من السكان. وثبت من التحقيقات ان ادعاءات وقوع هجمات على قرى دابلولا وتونيور الى الشرق والجنوب من اللير كانت كاذبة. وقد وجدت اللجنة ثلاثة مدافع مورتر من عيار 28 ملم خارج معسكر الحكومة في المنطقة التي ربما تكون قد وجهت قصفا لمعسكر تابع للحركة في ذات القرية حيث يفصل الطرفين دغل من الاشجار.

واضاف التقرير الذي سمح سيمبويو للفريق بعرضه على الرأي العام ان «هناك هجوما جرى من المعسكر على القرية برشاشات من عيار 12.7 ملم، ووجدت آثار لمركبه تحمل رشاشا وان شهود عيان ابلغوا اللجنة ان قوات الحركة اجبرت على اخلاء اللير التي تعرضت متاجرها لعمليات نهب وسلب». وقال التقرير «لقد كان واضحا ان هجوما جرى على القرية من معسكر القوات المسلحة، وعثرت اللجنة على أدلة مادية عبارة عن ذخائر 12.7ملم. وبصرف النظر عن المسؤول عن المبادرة بالهجوم فان الملاحظات اوضحت ان المدنيين وممتلكاتهم تعرضوا لهجوم، ومعظم السكان في اللير خرجوا منها بسبب العمليات العسكرية، وان القرى الواقعة الى شمال اللير خالية تماما من السكان لوجود عمليات عسكرية». واوصت اللجنة لسيمبويو بأن تلتزم الحكومة السودانية وقف العمليات التي تقوم بها قواتها والقوات الموالية لها في المنطقة المحيطة باللير وان تتوقف الحركة عن الاستفزاز او القيام بعمليات على طول الطريق بين بانتيو وأدوك. وعرض الفريق خلال المؤتمر الصحافي تقريراً ثانياً عن تحقيقات قام بها في ثلاث قرى بغرب أعالي النيل بالجنوب حول شكاوى عن وجود اعتداءات طالت المدنيين. وحمل الفريق خلال هذا التقرير الحكومة مسؤولية الاعتداءات التي وقعت على المدنيين. ويغطي التقرير المدعوم بالصورة الفوتوغرافية والرسومات والخرائط الايضاحية الفترة من الأول من يناير الماضي وحتى 3 منه. وقال الفريق ان «الحكومة نفت تقارير عن قيام قواتها بالهجوم في المنطقة ولكننا وجدنا ان عمليات تمشيط لحقت بالمدنيين قامت بها مليشيات مدعومة من القوات الحكومية. كما جرت عمليات اختطاف للرجال والاطفال لأغراض التجنيد الاجباري». وسمى الفريق قرى لارا وليجارا وليل كمناطق تعرضت لهجوم من المليشيات وأجبر خلالها سكانها على اخلائها لأن الهجوم استهدف المدنيين تحديداً، وان عدداً من الاسرى الذين وقعوا في قبضة الحركة الشعبية اعترفوا للفريق بأن التعليمات الصادرة اليهم هي احراق القرى التي يهاجمونها. واضاف الفريق ان الحكومة اوضحت ان اعمال الانشاء لطريق بانتيو/أدوك يجعل من حقها اللجوء لقوات مسلحة لحمايتها وان الحركة دأبت على شن هجوم عليه مما ادى الى مقتل 4 من المدنين.

وخلص الفريق الى ان الآلاف من السكان اجبروا على ترك قراهم بسبب هجوم مباشر في منطقة لارا ـ تام ـ ليل والقرى الواقعة جنوب مانكن وميوم، وان الاوضاع شبيهة على طول الطريق ما بين بانتيو الجديدة ـ وادوك، واوصت اللجنة بأن تؤكد الحكومة فوراً ان قواتها والمليشيات التابعة لها لن تقوم في مانكين بهجمات جديدة وان تتوقف الحركة عن القيام بأعمال عدائية على طول الطريق بين بانتيو وادوك بما في ذلك استفزازاتها المتكررة للميشيات المتحالفة مع الحكومة. ولاحظ جيف ملينغتون القائم بالاعمال الأميركي في الخرطوم ان هناك هجوماً مقصوداً ضد المدنيين، وان الحكومة تتحمل المسؤولية الاكبر في هذا، خاصة ان المليشيات المتحالفة معها تقوم بهجوم مباشر على المدنين وان القوات النظامية تدعم وتساند هذه المليشيات. الا انه اكد في المؤتمر الصحافي، وهو يعلق على التقرير الثاني الذي يغطي شهراً، ان «هناك تطوراً ايجابيا يمكن ملاحظتة خلال الفترة الوجيزة الماضية في غرب أعالي النيل».

وكشف النقاب عن ان الحكومة وافقت على وقف الانشاءات في طريق بانتيو ادوك وان زيارة للجنة أول من امس للمنطقة اوضحت انها نفذت تعهدها. واكد ان «الحكومة تتحمل المسؤولية الاكبر عما حدث في غرب النوير، ولكنها قامت مؤخراً بعدد من الخطوات الايجابية»، وقال ان الهدف من التقرير ليس ادانه أي طرف او توجيه الانظار نحو العلميات في حد ذاتها، ولكن الهدف هو وقف ما يتعرض له المدنيون من هجمات بينما هم ليسوا طرفاً في العمليات، وان الاسف الاكبر هو لفقدان ارواح بشرية.

من جهته قال غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني للسلام ان تقوية وتوسيع وسائل الرقابة على اتفاق وقف العدائيات بين الحكومة والحركة هو أهم ما خرجت به مفاوضات كرن بكينيا الاسبوع الماضي. واعتبر ان الاتفاق الذي تحقق هو تطوير ايجابي لمذكرة وقف العدائيات من شأنه تعزيز مناخ السلام ومنعه من الانتكاس. وقال صلاح الدين لصحيفة «الرأي العام» السودانية ان «النص على انسحاب الجانبين (الحكومة والحركة) الى مواقع ما قبل منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مبدأ سليم. لكنه أكد ان «الحكومة لم تحتل أية منطقة بعد ذلك التاريخ». وحول غياب العنصر العربي بين اعضاء آلية الرقابة، قال ان الحكومة تتحمس للوجود المتوازن، لكن تحقيق هذا المطلب لن يتم الا بقبول كل الاطراف. وفي ما يتعلق بقضية اقتسام الثروة اكد وجود «تقدم مقدر». واعلن صلاح الدين ان الجنرال سيمبويو سيزور الخرطوم عقب عيد الأضحى لمزيد من التشاور حول قضية المناطق الثلاث المتنازع عليها، وهي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وأبيي.

وقال ان الحل الوحيد للمشكلة السودانية هو «ايقاف الحرب واحلال السلام»، وأشاد بالدور الذي يقوم به الفرنسيون في دفع عملية السلام بالبلاد، ودعا المنظمات المدنية الفرنسية الاخرى لزيارة السودان. يذكر ان الوفد الفرنسي الذي زار مناطق في جنوب البلاد وأبدى بعض الملاحظات يعتبر جزءاً من منظمات المجتمع المدني الفرنسي الذي يعمل بالتضامن مع الكنيسة الكاثوليكية السودانية في احلال السلام بالبلاد.

الى ذلك طمأنت الحكومة السودانية وفد مطارنة الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية في ان استثمارات البترول لم تؤثر على أمن واستقرار المواطنين بجنوب السودان. وطمأن النجيب الخير وزير الدولة بالخارجية الوفد على ان الاعتداءات بين الحكومة والحركة اصبحت جزءا من التاريخ بعد اتفاق وقف العدائيات الذي تم بين الجانبين واقرار آلية المحافظة عليها روحاً ونصاً.