تقارير إسرائيلية: اتفاق بين شارون وبوش حول إبعاد عرفات في حال رفضه تسليم سلطاته إلى رئيس للوزراء

عزام الأحمد لـ «الشرق الأوسط»: ما هو الجديد في الأمر.. فحتى «خريطة الطريق» تحاول تجاوز الرئيس الفلسطيني

TT

لم يستبعد مسؤول فلسطيني صحة ما سربته مصادر مقربة من ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي، حول اتفاق بينه وبين الرئيس الاميركي جورج بوش حول نفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والمقربين منه في حال رفض تعيين رئيس للوزراء بصلاحيات تنفيذية كاملة.

وقال عزام الاحمد وزير الاسكان والاشغال الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «اعتقد ان المعلومات المسربة صحيحة وكنا في السلطة الفلسطينية قد حذرنا منها». واضاف «لن نذهب بعيدا في اعتقادنا». وتساءل «اليست خطة «خريطة الطريق» تتحدث عن تجاوز عرفات واستحداث منصب رئيس للوزراء بصلاحيات كاملة»؟

لكن الاحمد اكد ان ليس هناك مسؤول فلسطيني واحد يستطيع ان يتجاوز الرئيس الفلسطيني المنتخب، واعطى على ذلك مثل لقاء احمد قريع (ابو علاء) ورئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون في القدس المحتلة ليل الجمعة الماضي. وقال الاحمد «ان ابو علاء ابلغ الرئيس عرفات بامر اللقاء وتلقى منه التعليمات قبل وقوعه واخذ منه الموافقة. واطلعه على نتائجه فور الانتهاء منه».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد نشرت في عددها الالكتروني باللغة العربية امس تقريرا، قالت فيه انه في حال رفض الرئيس عرفات اتخاذ مثل هذه الخطوة فان الحكومة الاسرائيلية ستقوم بابعاده مع عدد من مرافقيه.

وحسب الصحيفة فان شارون، والرئيس بوش، اتفقا اخيرا على أن «دور» الرئيس عرفات، سيأتي مباشرة بعد إبعاد الرئيس العراقي، صدام حسين، عن سدة الحكم في العراق. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قالت انه رفيع المستوى، قوله «ليس هناك أي اختلاف بين عرفات وصدام حسين في نظر الإدارة الأميركية. لقد سئمت واشنطن الاثنين بنفس الدرجة». واستطرد المسؤول الذي لم تسمه الصحيفة «سنطرده من هنا بمصادقة أميركية».

وتتوقع اوساط اسرائيلية ان تسفر الحرب الاميركية المحتملة ضد العراق عن واقع ضاغط على عرفات خاصة ان الاوروبيين حسب الزعم الاسرائيلي، يئسوا من عرفات وكذلك المصريون والاردنيون.

وقدرت صحيفة «معاريف» في عددها الصادر امس ان يكون مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس قد بحث مسألة التخلص مع عرفات مع المسؤولين الاردنيين في زيارته لعمان امس. وتتوقع ان تبحث القضية في اللقاء الاول من نوعه بين شارون مع الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ في وقت لاحق من فبراير (شباط) الجاري.

وفي هذا السياق حث مارتن انديك السفير الاميركي الاسبق لدى اسرائيل، شارون على الاستعانة بالرئيس مبارك في عزل عرفات، مشددا على ان ذلك يتطلب من رئيس الوزراء الاسرائيلي عرض مبادرة سياسية تبين انه معني بالتخلي عن مستوطنة كفار دروم (احدى المستوطنات المعزولة) في قطاع غزة كما تخلى مناحيم بيغن عن مستوطنة ياميت في صحراء سيناء بعد توقيع معاهدة سلام كامب ديفيد بين مصر واسرائيل عام 1979، تمهيدا لتسليم سيناء للمصريين. وجرى تسريب هذه المعلومات غداة الكشف عن لقاءات سرية بين احمد قريع (ابو علاء) رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس الوزراء الاسرائيلي ومدير مكتبه دوف فايسغلاس. وتم اللقاء الذي حضره ايضا نجلا ابو علاء وعومري ابن شارون حسب مصادر فلسطينية، مساء يوم الجمعة الماضي، في منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي الشخصي في القدس المحتلة. وقالت المصادر إن شارون وأبو علاء «بحثا الإجراءات الفلسطينية المطلوبة ضد الإرهاب وان اللقاء بينهما لن يكون الأول وليس الأخير».

وقالت «يديعوت احرونوت» ان لقاء ابو علاء ـ شارون استغرق ساعتين قام ابو علاء خلاله بتهنئة شارون بـ«حرارة» بفوزه في الانتخابات، في حين أبدى شارون اهتماما طويلا بالحالة الصحية لابو علاء الذي اجتاز في الاشهر الاخيرة نوبة قلبية وعملية جراحية وعلاجات في مستشفيات الاردن. ونقل عن أحد المشاركين في اللقاء قوله ان «الحديث كان مريحا وصادقا يكاد يكون لقاء بين صديقين».

وحسب المصادر الاسرائيلية فان لقاءات اخرى جرت بين مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين في الاونة الاخيرة. واشارت هذه المصادر الى لقاء زعمت بانه جرى حسب ما نقلته «يديعوت احرونوت» سرا قبل الانتخابات الأخيرة بين فايسغلاس ومحمود عباس (ابو مازن) أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكن ابو مازن لم يكن متوفرا لتأكيد الخبر او نفيه لوجوده في الاراضي المقدسة لتأدية فريضة الحج غير انه طالما اكد انه اذا ما التقى مع اي مسؤول اسرائيلي فلن يكون الاجتماع سرا لانه ليس هناك ما يخبئه.

وتعتقد مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن لقاء شارون مع أبو علاء والمحادثات المخطط إجراؤها هذا الاسبوع هي بمثابة مسار يـُمكن أن يؤدي إلى إحداث تقدم سياسي وإلى تهدئة الوضع ميدانيا.

وفي الوقت الذي اعتبرت فيه مصادر اسرائيلية ان الهدف من هذه اللقاءات وهي الاولى منذ فترة طويلة، هو العمل من اجل الوقف التدريجي لما اسمته باعمال الارهاب في إطار نقل المسؤولية والصلاحيات الأمنية إلى السلطة الفلسطينية، ومنح تسهيلات اقتصادية، تمهيدا لانسحابات جزئية من مناطق السلطة الفلسطينية ورفع الحصار عن المدن في الضفة والقطاع، والعودة الى المفاوضات، شككت مصادر فلسطينية في نية شارون.

وقال الاحمد ان هناك مخاوف فلسطينية من ان يكون هدف شارون من هذه الاتصالات، هو ممارسة الضغط على حزب العمل من اجل مشاركته في حكومة الوحدة الوطنية التي كلفه الرئيس الاسرائيلي موشيه قصاب بتشكيلها بعد فوزه في الانتخابات. واضاف الاحمد ان حزب العمل ورئيسه عمرام متسناع يرفضان بشدة الانضمام الى حكومة الوحدة الوطنية الا اذا تبنى شارون موقفهما السياسي خاصة موضوع السلام الذي يدعو الى استئناف الاتصالات مع الفلسطينيين حتى دون توقف للعنف. ويأتي لقاء شارون ـ ابو علاء حسب الاحمد كطعم لمتسناع، ان رفضه فإن شعبه والعالم سيصفه بالمتعنت واما اذا قبل به فهذا يعني زوال حزب العمل كحزب رئيسي في اسرائيل.

وتابع الاحمد القول «لو كان شارون صادقا في نيته في موضوع اللقاءات مع المسؤولين الفلسطينيين لانعكست نتائج هذه اللقاء على الارض». وقال «الحقيقة ان العكس هو ما يجري على ارض الواقع، اذ الحصارات تشتد مع حلول عيد الاضحى وتواصل قوات الاحتلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال وتدمير المنازل».

واكدت هذه المخاوف الفلسطينية ما نسبته قناة تلفزيونية اسرائيلية عن مقربين لشارون قولهم ان احد اهم الاهداف من اللقاءات مع مسؤولي السلطة هو ممارسة الضغوط على قيادة حزب العمل من اجل الموافقة على الانضمام لحكومة بزعامة شارون. وحسب هذه المصادر فان شارون يريد ان يثبت لمتسناع انه بالامكان استئناف العملية السياسية مع مسؤلي السلطة بدونه. وتباهى المقربون من شارون حسب «يديعوت احرونوت» بالقول انه بعد الفوز الكبير الذي حققه شارون في الانتخابات فان الفلسطينيين وكذلك العديد من الدول العربية باتت تدرك ان عليها «تدبير شؤونها معه فقط».

وحتى وزير الخارجية السابق شيمعون بيريس شكك في امكانية ان تحقق مثل هذه المحادثات، اي تقدم يذكر. وقال بيريس للاذاعة الاسرائيلية امس «ان هذه المحادثات لن تحقق اي تقدم يذكر الا اذا غير رئيس الوزراء موقفه». واضاف بيريس «اذا ما تمسك شارون بخططه الحالية فانه لن يصل بعيدا في تحركاته. لا بد من اتخاذ قرار بشأن الطريق الذي نسير فيه.. ان المماطلة والتأخير لن يساعدنا».

واستقبل اليمين الاسرائيلي هذه اللقاءات بالهجوم. واتهم اسحق ليفي من حزب المفدال (حزب المستوطنين) شارون «بالتخلي عن اليمين وانه يغير الاتجاه الذي التزم به نحو ناخبيه وهو عدم إجراء الاتصالات مع الفلسطينيين دون وقف الارهاب». واضاف «بالنسبة لي ليس هناك أي فرق بين أبو مازن وعرفات. قد يفعل شارون ذلك من أجل حزب العمل، أو ربما لأنه يريد خلق صورة تقربه أكثر نحو المركز من أجل حزب شينوي».