«تل الملح» البدوية في صحراء النقب تتحدى السلطات الإسرائيلية وتعيد بناء مسجد القرية الذي هدمته بحجة عدم الترخيص

بلدة عربية في جنوب إسرائيل يعيش سكانها حياة مزرية نتيجة القوانين الإسرائيلية!

TT

تل الملح (النقب) ـ أ.ف.ب: يعمل شباب قرية تل الملح البدوية في منطقة النقب جنوب اسرائيل على قدم وساق لاعادة بناء مسجد القرية الذي هدمته السلطات الاسرائيلية بحجة عدم الترخيص، بينما يتوعد المسؤولون الاسرائيليون بهدمه في حال بنائه من جديد.

وينتشر سكان قرية تل الملح في تجمعات سكنية متفرقة في بيوتهم المتناثرة من الصفيح وعددهم نحو الف وخمسمائة نسمة وهي من القرى العربية غير المعترف بها في اسرائيل.

واعد الشبان بحركة دؤوبة الاسمنت وقضبان الحديد لاعادة بناء المسجد الذي كان موجودا على مساحة 200 متر مربع فوق تلة ويشرف على مطار تل الملح العسكري وعلى قرية كسيفة البدوية المقابلة.

وكان السكان قد انتهوا من بناء المسجد الذي بلغت تكاليفه مائة الف شيكل (20 الف دولار) وسقفوه بالصفيح واعدوه للافتتاح في عيد الاضحى، الا ان الجرافات الاسرائيلية قامت بهدمه الاربعاء الماضي بحجة عدم الترخيص.

وقال عضو الكنيست المنتخب جمال زحالقة من حزب التجمع الوطني ان هدم المسجد يندرج في اطار خطة سياسية خطيرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون تهدف الى وضع العرب في اسرائيل في تجمعات سكنية صغيرة ونزع ما تبقى لهم من ارض، وبينهم سكان تل الملح الذين سينقلون الى قرية اخرى يطلق عليها اسم «مرعيت». واعتبر زحالقة «الدفاع عن بناء المسجد دفاعا عن كل الجماهير العربية في اسرائيل وليس دفاعا عن اهالي تل الملح فقط».

اما مسؤول منطقة النقب في وزارة الداخلية ديفيد كوهين الذي امر جرافاته يوم الاربعاء الماضي بهدم المسجد فقال للصحافيين «ان المسجد لم يكن مكتملا عند هدمه، وكان سكان تل الملح يعرفون انه سيهدم». وحذر كوهين من ان مكتبه «يتابع عن كثب اعادة بناء المسجد، ولن يتردد في ارسال جرافاته مرة اخرى هناك»، موضحا «انهم يختبروننا ونحن سنرد».

وكانت تل الملح كما يروي اهلها مركزا مهما في صحراء النقب في العهد العثماني والبريطاني وكان فيها مدرسة ابتدائية ومركز للشرطة وكان عدد سكانها حتى الثمانينات نحو 7 آلاف نسمة، لكن الحكومة الاسرائيلية صادرت معظم هذه الاراضي وشتت سكانها ونقلتهم الى تجمعين سكنيين، وبقي بعضهم على ما تبقى من ارضهم.

وقال الشيخ مقبول الصرايع، 58 عاما، ان «الحكومة الاسرائيلية قامت بنقل قواعدها العسكرية من سيناء الى النقب بعد توقيع معاهدة سلام كامب ديفيد مع مصر عام 1978 وصادرت من اراضينا نحو 85 الف دونم لمطاراتها وقواعدها العسكرية». واضاف «بقي جزء منا في تل الملح ونقلوا الباقي الى قرى تجميع انشأوها خصيصا مثل كسيفة وعرعرة، وبقيت مقبرتنا ومدرستنا والمطحنة وآبار الماء ومركز الشرطة ضمن اراضي المطار العسكري».

وسمحت قوات الجيش الاسرائيلي للبدو من تل الملح بزيارة مقابر ذويهم التي باتت داخل المنطقة العسكرية لمدة ساعتين صباح اليوم بمناسبة عيد الاضحى.

وقال ابراهيم ابو دية، 25 عاما، الذي وقف بجانب منزله المبني من الصفيح «انتقلنا من بيتنا وارضنا التي صادرها الجيش وحضرنا للعيش على ما تبقى من ملكية ارضنا، الا ان الداخلية لا تسمح لنا ببناء بيوت او حتى حواجز لصد المياه التي تفيض في الشتاء». واضاف «يوجد سلطة للهدم ولكن لا يوجد سلطة للبناء، ولا يسمحون لنا بحفر آبار للمياه وكلما حفرنا حضروا وردموا البئر».

وتابع القول «ان اليهود لا يقبلون لكلابهم ان تعيش في مثل مساكننا المزرية وكلما بنينا بيتا قاموا بهدمه»، مضيفا «ان مسؤول الداخلية يحضر في سيارة جيب وعندما يرى بيتا جديدا من الصفيح يربطه الى سيارته ويجره حتى يقتلعه من مكانه».

وقال ابراهيم ابو دية وهو عاطل عن العمل «ان الاكثرية هنا لا تجد العمل فنحن نسير مسافة 19 كم حتى نصل الى الشارع الرئيسي ومن ثم ننتقل الى مدينة بئر السبع التي تبعد 50 كم للبحث عن عمل».

ولا يوجد ماء ولا كهرباء ولا عيادة صحية في تل الملح ويستعين السكان بمولدات كهربائية يشترونها لسد حاجاتهم من الطاقة.

وأوضح رئيس المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها ابراهيم ابو مساعد «هناك 45 قرية يسكنها 74 الف نسمة غير معترف بها في النقب ترفض الحكومة الاسرائيلية منحها خدمات مثل المياه والكهرباء بحجة ان هذه القرى مبنية بدون تراخيص». واضاف ابو مساعد «ان العدد الكلي للبدو في النقب يبلغ 140 الف نسمة وكل ما نملكه من اراضينا 240 الف دونم فقط منها 180 الف دونم شيدت عليها القرى وقد صادرت اسرائيل اكثر من ربع مليون دونم من اراضينا».