قمة مصرية ـ سورية ـ ليبية في شرم الشيخ لبحث الملف العراقي والقمة العربية

مبارك: ليس لدي علم بطلبات أميركية لتأجيل القمة ولا أحد يمكنه الحديث عن تأجيل الحرب ومن يقول ذلك يضحك على الناس

TT

شهد منتجع شرم الشيخ المصري أمس نشاطا عربيا مكثفا، حيث عقدت قمة ثلاثية بين رؤساء مصر حسني مبارك، وليبيا معمر القذافي، وسورية بشار الأسد لمناقشة الحالة العراقية والمشاورات العربية لعقد القمة الدورية القادمة في القاهرة بدلا من البحرين. ونفى مبارك في تصريحات أمس علمه بوجود ضغوط اميركية لتأجيل القمة العربية المرتقبة.

واضاف: «لست رئيس القمة العربية القادمة، ولذا لا استطيع أن اقول ان هناك ضغوطا لتغيير موعد ومكان القمة».

وقال: «ان الحديث ما زال يدور حول تحديد مكان القمة، لان البحرين قد تكون لديها ظروف لا تسمح بعقد القمة لديها، وعموما فأي اجتماع للقمة العربية لا يعقد في بلد عربي يتم عقده في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، وهو أمر طبيعي، أما بالنسبة لضغوط اميركية فلم اسمع عنها كما لم يتصل بي أي شخص».

وحول وجود أفكار ليبية تدعو لعقد قمة عربية استثنائية عاجلة، قال مبارك: «لا أحد يعرف موعد عقد القمة بعد، والمفروض انها في الاسبوع الأخير من مارس (آذار) المقبل، ولكن لم يحدد أحد موعد عقدها حتى الآن حتى نقول انها تأخرت أو سوف يتم تقديم موعدها». وأضاف: «عندما يتفقون على موعد القمة يمكن الحديث عن التأخير أو التقديم».

وحول الملف العراقي أعرب الرئيس المصري عن أمله في ألا تحدث حرب بالمنطقة، وان يتم تجنيب العراق أي ضربة عسكرية حماية لأرواح المدنيين العراقيين، وأضاف انه اتصل بالرئيس العراقي صدام حسين من قبل حين أرسل إليه رسالة من أجل موضوع أسلحة الدمار الشامل وأكد الرئيس العراقي انه لا يوجد لديه أي شيء من هذه الأسلحة وقال مبارك انه أجرى اتصالا هاتفيا مع عدد من المسؤولين وكان الرد مماثلا لرد الرئيس العراقي.

وقال الرئيس مبارك انه يتمنى عدم وجود هذه الاسلحة لدى العراق، ويتمنى أيضا ان تكون هناك مرونة من الجانب العراقي مع المفتشين من أجل أن نتفادى بقدر ما نستطيع موضوع الحرب.

وأضاف مبارك انه لا أحد يستطيع تأجيل الحرب ومن يقول ذلك يضحك على الناس، مشيرا الى ان الكونغرس الاميركي ومجلس الأمن والبرلمان الانجليزي والادارة الاميركية الى جانب أطراف كثيرة يملكون تأجيل أو تقديم موعد الحرب، وأقول ان الأمر ليس بيدنا، نحن نناقش في كافة اجتماعاتنا ما يجب عمله اذا ما حدثت الحرب، ونتمنى ألا تحدث، لان المهم هو كيف ننقذ أرواح الأبرياء من الشعب العراقي الذين سيلقون حتفهم في حرب لا حول لهم ولا قوة فيها.

واعرب مبارك في تصريحاته عن اعتقاده بأن هناك «بادرة أمل في المفاوضات الموجودة، وقال ان هناك مبعوثا اميركيا هو وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الاميركية سيصل الى القاهرة يوم 16 من الشهر الحالي ليتحدث معنا، واضاف مبارك حتى لو ضربوا العراق ماذا سيحدث بعد ذلك، فهناك علامة استفهام كبيرة، ولذا نحن لا نتمنى ضرب العراق أو قتل الأبرياء، ونبذل جهودا كبيرة جدا في هذا الاتجاه وذلك بالتعاون مع الدول العربية».

وعما اذا كانت زيارة وليم بيرنز للمنطقة تتيح فرصة للجهود الدبلوماسية بالنسبة للعراق قال مبارك: «لا، هناك فرص كثيرة وهناك الحديث حولها وتركيا تبحث عن فرصة ودول أخرى أيضا تقوم بجهود، وأكد مبارك ان ذلك كله يتوقف الى حد كبير على الممارسة العراقية التي تساعد علي وقف القتال أو عدم وقفه وهي مهمة جدا ولذلك بعثت رسالة شفهية للرئيس العراقي قبل يومين ونتمنى ايجاد حل سلمي لان الحرب ستضر بنا جميعا ولا أحد يعتقد اننا نرغب في الحرب».

وحول مدى رضاء مبارك عن الوضع العربي حاليا قال: «قبل عام 1990 كان العالم العربي متماسكا وكانت أول قمة عربية دورية ستعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) 90 في القاهرة لنتناقش ونتعاون في حل أخطائنا، ولكن بعد الضربة العراقية انقسم الوضع العربي، دول مع، ودول ضد، وحتى الآن ما يزال الموقف العربي غير متماسك».

وحول الورقة الالمانية الفرنسية المطروحة لتفادي توجيه ضربة للعراق قال: «لقد سمعت عن هذه الورقة ولا أعرف تفاصيلها ولذا لا استطيع التحدث عنها».

وحول زيارته القادمة لكل من فرنسا والمانيا قال مبارك انها كانت مقررة من قبل حيث يشارك في مؤتمر قمة فرنسا ـ افريقيا، و«لهذا رأيت أن أزور المانيا أيضا لانني لم ألتق المستشار الالماني (جيرهارد شرويدر) منذ اعادة انتخابه مؤخرا بهدف تبادل الرأي حول عدد من القضايا المختلفة».

وحول أهمية عدم تجاوز الملف الفلسطيني لحساب الملف العراقي وما يتردد عن زيارة شارون لمصر قال مبارك: «ان القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية وكنت أتحدث مع الرئيس الاميركي بوش يوم الاربعاء الماضي وقلت له لا بد ان تتحرك في القضية الفلسطينية، ولا مفر من ذلك، وإلا لن يكون هناك ارتياح بالنسبة للرأي العام أبدا».

واضاف: «ان اللقاء مع شارون ما زال أمامه وقت طويل ونحن ننتظر ان يشكل حكومته، مضيفا انه لم يتلق به منذ تولى الوزارة متسائلا ماذا كانت النتيجة؟».

وكان الرئيس مبارك قد استبق القمة الثلاثية بجلستي مباحثات عقد الأولى مع نظيره السوري بشار الاسد، ثم مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

كما عقدت جلسة مباحثات ختامية موسعة ضمت الزعماء الثلاثة لاستكمال بحث الموضوعات التي طرحت أمام الجلسة الأولى أمس، وضمت الجلسة الموسعة عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية واحمد ماهر وزير الخارجية المصري ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وفاروق الشرع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السوري وعلي عبد السلام التريكي امين اللجنة الشعبية الليبية العامة للوحدة الافريقية.

وتركزت المناقشات، حسب مصادر عليمة، حول بحث تطورات الوضع المتوتر في المنطقة على ضوء التداعيات المتسارعة للأزمة العراقية والتطورات على صعيد القضية الفلسطينية للتوصل الى رؤية عربية مشتركة حيالها.

كما عقد مبارك اجتماعا وزاريا مصغرا لأركان حكومته حضره رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والاعلام والخارجية خصص لبحث الأوضاع العربية الراهنة.

من جهته قال وزير الخارجية المصري احمد ماهر ان القمة الثلاثية التي حضرها موسى والفيصل «كانت فرصة لاستعراض شامل ومتعمق للأوضاع العربية مع التركيز على موضوع العراق وايضا القضية الفلسطينية وتفعيل العمل العربي المشترك».

واضاف: «هناك اتفاق على عقد القمة العربية الدورية العادية، وترك الزعماء العرب موعد انعقادها لوزراء الخارجية العرب الذين سيقدمون تقريرا في اجتماعهم اليوم، خاصة ان هذا التقييم من الوزراء سيتم على ضوء اللقاءات التي يعقدها كبار المفتشين الآن في بغداد وموقف الحكومة العراقية من تلك المباحثات ثم تقرير المفتشين لمجلس الامن».

وقال: اننا نطالب جميع الاطراف بأن تتحرك في اطار الشرعية الدولية وقرار مجلس الامن كما ان هناك التزامات على جميع الاطراف، مشيرا لاستجابة العراق للكثير من طلبات المفتشين.

واعترف بأن «احتمالات الحرب قائمة، والعمل العربي يستهدف ان نبعد تلك الاحتمالات، ونقلل منها، ولكن ما يهمنا هو شعب العراق وسلامته واستقلاله وسلامة اراضي العراق، وألا تفرض عليه امور لا يختارها بنفسه، وهذا هو الموقف المصري وهذا هو الموقف العربي ايضا، وفي ضوء هذه المبادئ الاساسية يمكن تفسير كل التحركات العربية».

واضاف «اننا على اتصال بالاتحاد الاوروبي». مشيرا الى ان «زيارة وزير خارجية اليونان الاخيرة للقاهرة بصفته رئيسا للاتحاد الاوروبي تم خلالها بحث الموقف الاوروبي وما يمكن ان تسهم به اوروبا معنا في تسوية هذه المشكلة سلميا»، وقال ايضا: «بالنسبة لتركيا فقد شاركنا في اجتماعات اسطنبول التي كانت بمثابة رسالة موجهة الى جميع الاطراف للتصرف وفق الشرعية الدولية». وتابع: «لقد قيمنا تعاون العراق مع المفتشين على انه ايجابي، وما زال هذا التقييم قائما، واليوم اتخذ العراق خطوات، مما يجعل هذا التقييم اكثر ايجابية مما كان».