«جلاد» معتقل الخيام الإسرائيلي شرطي سير في بيروت وأهالي ضحاياه يتحركون بعد إطلاقه لـ«مرور الزمن»

TT

لم يصدق احد الاسرى اللبنانيين المحررين من السجون الاسرائىلية عينيه، حين شاهد ، لاول مرة، سجانه السابق في معتقل الخيام ـ الذي كانت تديره ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» المتعاونة مع الاحتلال الاسرائىلي في جنوب لبنان ـ ينظم حركة السير في احدى ضواحي العاصمة بيروت وهو يرتدي بزة شرطي لبناني. لكن المفاجأة الاكبر كانت باطلاق محكمة التمييز سراحه منذ اسبوعين بعد اعتقاله وصدور حكم بسجنه 10 سنوات لثبوت مسؤوليته المباشرة عن مقتل اثنين على الاقل من سجناء المعتقل. وهو ما دفع بعائلات ضحاياه الى التحرك «انقاذاً للعدالة في لبنان» واستنكاراً لما اعتبرته «دعماً خفياً» يحظى به من جهات نافذة.

وفي الواقع، قضى انطوان حايك، المعروف في اوساط سجناء المعتقل بـ «الجلاد»، نحو تسع سنوات في صفوف الشرطة اللبنانية من دون ان يدري احد بـ «مآثره» التي كان ابرزها قتله سجينين في المعتقل خلال انتفاضة قام بها نزلاؤه في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، هما بلال السلمان وابراهيم ابو عزة.

ففي العام 1991،وفي اطار عملية حل الميليشيات المسلحة بعد انتهاء الحرب الاهلية اللبنانية وقرار الحكومة استيعاب عناصرها في اطار مؤسساتها الامنية، استطاع الحايك التسلل الى صفوف الشرطة بعدما انتسب لاحدى دورات اعادة التأهيل بصفتة عنصرا سابقافي ميليشيا» محلية.» وقد كلف بمهام في سلك شرطة السير لتنظيم حركة المرور على احد تقاطعات منطقة سن الفيل في ضاحية بيروت الشرقية.

ورغم المراجعات التي تقدم بها عدد من الاسرى اللبنانيين المحررين الذين فوجئوا به ينظم حركة المرور بعدما كان ينظم اعتقالهم في سجن الخيام. الا انه تبين ان الحايك لم يعتقل الا بعد تحريرالجنوب في مايو (ايار) 2000، اذ اعترف عدد من عناصر الميليشيا العميلة لاسرائيل بانه (الحايك) كان في صفوفها. وقد طلب له المدعي العام العسكري القاضي رياض طليع الاعدام، لكن المحكمة العسكرية اصدرت حكماً بسجنه عشر سنوات بعدما استمعت الى شهادات عدد من السجناء المحررين. ومع هذا لم تتعدَ اقامة الحايك في السجن اكثر من سنة ونصف سنة، اذ ان محكمة التمييز قبلت المراجعة التي تقدم بها واسقطت عنه التهم بسبب مرور 10 سنوات على جريمته وقضت باخلاء سبيله فوراً. وهو ما حصل الاسبوع الماضي.

واستغرب هلال السلمان، شقيق احد ضحايا «الجلاد» اطلاق سراح الحايك وقال لـ «الشرق الاوسط» ان عائلته ستقدم شكوى الى النيابة العامة في النبطية (جنوب لبنان) تطالب بسجنه مجدداً بعدما فشلت الاعتصامات والتحركات التي نظمتها العائلة وبعض الاسرى المحررين في جعل الحايك «يلقى عقابه العادل». واشار الى ان هذا الادعاء «سيشمل ايضاً قائد الميليشيا انطوان لحد والمسؤول عن المعتقل جان حمصي وعدداً آخر من حراس المعتقل». واستغرب السلمان اطلاق سراح الحايك، معتبراً ان هذا يدل على وجود «جهات خفية نافذة تقف وراء ما يحصل».

وكان بيان صادر عن عائلة السلمان استنكر قرار محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طربيه رحمة. وجاء في البيان: «اسقطت المحكمة العسكرية حكم الاعدام عن الحايك بذريعة مرور الزمن العشري على الجريمة. وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات لتعذيبه المعتقلين. واليوم جاء قرار محكمة التمييز ليسقط عنه حكم السجن ويخلي سبيله. اننا نقف مدهوشين امام هذه الاحكام البعيدة عن العدالة. ونتساءل: هل نعيش في ظل دولة وفية لتضحيات ودماء المجاهدين التي بفضلها تحرر الوطن من رجس الاحتلال وعملائه؟.

اننا نضع هذه الاحكام القضائية برسم الرؤساء الثلاثة والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان والمقاومة وتضحيات الاسرى، لا سيما الشهداء منهم وبرسم الرأي العام اللبناني».