«الناتو» يفشل في تجاوز خلافاته حول المطالب الأميركية بشأن حرب العراق ومخاوف من أن تنعكس تداعيات الأزمة على القمة الأوروبية

TT

قبل 48 ساعة من اجتماع حاسم لمجلس الامن الدولي غدا، فشل سفراء الدول الـ19 الاعضاء في حلف شمال الاطلسي «الناتو» خلال اجتماعهم امس في بروكسل في الاتفاق على حل وسط عرضه الامين العام جورج روبرتسون بشأن العراق. وقالت مصادر دبلوماسية ان مشروع روبرتسون يركز على اجراءات لدعم تركيا وهو ما طلبته الولايات المتحدة واعترضت عليه فرنسا وبلجيكا والمانيا الاثنين الماضي.

وكان روبرتسون قدم مقترحات للخروج من الازمة واعاد تقديمها امس بعد تعديلها. وتتعلق المقترحات بترتيبات الحلف الدفاعية في حالة نشوب حرب في العراق.

وكانت المقترحات الاصلية تشمل ايضا الدفاع عن القواعد الاميركية في اوروبا وضمان توفير قوات حفظ سلام قد تنشر في العراق. واشارت بلجيكا للمرة الاولى ان اعتراضها منصب على عناصر لا تمس تركيا في مقترحات الحلف ببدء التخطيط للحرب المحتملة.

وقال وزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل موضحا النقاط التي يعترض عليها ان حماية القوات الاميركية في اوروبا وسد ثغرات في مهام في البلقان قد تنشأ عن سحب القوات من هناك للقتال في العراق قد تعتبر مشاركة غير مباشرة في الحرب.

وكان اجتماع امس الرابع الذي عقده الحلف منذ الاثنين الماضي وانتهى الى فشل. وقد اعلن المتحدث باسم الحلف ايف برودور ان هناك «امكانية» لدعوة الحلف الى اجتماع جديد حول العراق بعد ظهر اليوم بعد انتهاء مشاورات على مستوى عواصم الدول الـ19 الاعضاء. وبدأت الازمة الاثنين عندما عارضت المانيا وفرنسا وبلجيكا مجموعة من المطالب الاميركية الهادفة الى تقديم الدعم لتركيا لانها اعتبرت ان ذلك يدخل الحلف الاطلسي في «منطق الحرب» قبل الآوان. وشجبت واشنطن ولندن هذا الموقف وحملت العواصم الثلاث مسؤولية زرع الانقسام في صفوف حلف شمال الاطلسي. ودعا وزير الخارجية الاميركي كولن باول الحلف الى «القيام بما ينبغي ازاء تركيا في الساعات الاربع والعشرين المقبلة» وإلا ستمضي واشنطن «قدما مع الدول الراغبة في ذلك».

وقال دبلوماسي مطلع على سير المفاوضات انه «يصعب تصور حصول اي تحرك قبل 14 فبراير (شباط)»، موعد تقديم تقرير هانس بليكس كبير المفتشين الدوليين لازالة اسلحة العراق. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال، ان «تقرير هانس بليكس سيكون عنصرا جديدا يجب ان يؤخذ بالاعتبار في هذا الاتجاه او ذاك». لكن وزير الخارجية الاميركي كولن باول الحريص على ما يبدو على حلحلة الوضع قبل اجتماع مجلس الامن غدا، دعا اول من امس الحلف الاطلسي الى «القيام بما ينبغي ازاء تركيا في الساعات الاربع والعشرين المقبلة» والا ستمضي واشنطن «قدما مع الدول الراغبة في ذلك». من جهته، اعلن نظيره البريطاني جاك سترو دعمه معبرا عن «قلقه الشديد» من ان تؤدي الازمة الى «نسف العلاقات الاطلسية في مجال الدفاع».

الى ذلك، قلل الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا امس، من اهمية الخلافات داخل «الناتو» ووصفها بانها غير جوهرية. وقال سولانا الذي يزور سيول «ما من خلاف بين اعضاء حلف شمال الاطلسي يتعلق بالجوهر، والجوهر هو انه في حال احتاج اي من بلدان الحلف لمساعدة فلا بد من اجابة طلبه». واوضح ان «المسألة هي معرفة الجدول الزمني الذي سيتم وفقه تقديم المساعدة». ودون ان يذكر فرنسا وبلجيكا والمانيا، اكد سولانا ان معارضة المقترح الاميركي ناجمة عن مشكلات في التوقيت، حيث ان تركيا «لا تواجه خطرا»، ان تصبح في خط المواجهة في حرب على العراق. وقال سولانا، الامين العام السابق لحلف شمال الاطلسي، «استطيع ان اؤكد انه ان احتاجت تركيا لمساعدة فانها ستحصل عليها من كافة اعضاء الحلف».

وطلبت الولايات المتحدة من حلف الاطلسي نشر بطاريات صواريخ معترضة من طراز باتريوت وطائرات مراقبة من طراز اواكس ووحدات حماية من الاسلحة البيولوجية والكيماوية. وبموازاة خلافات «الناتو» يهدد الملف العراقي باحداث شرخ خطير مماثل في الاتحاد الاوروبي الذي من المقرر ان يبحث الاثنين المقبل الازمة العراقية في قمة بروكسل. وفي هذا السياق، قالت اليونان التي تتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي امس، انه اذا فشل الاتحاد في صياغة موقف مشترك بشأن العراق خلال القمة المرتقبة فانه سيواجه «ازمة عميقة». وافاد بانوس بيجليتس المتحدث باسم وزارة الخارجية اليونانية «انه هدفنا وارادتنا السياسية للمضي الى اجتماع يوم الاثنين من اجل موقف مشترك». وتابع «اذا لم يكن من الممكن تحقيق ذلك فان الرئاسة اليونانية ستكون قد استنفدت جميع الامكانيات المؤسسية والسياسية التي تملكها كرئيسة. وسيدخل الاتحاد الاوروبي في ازمة عميقة».

علمت «الشرق الأوسط» أن سفراء دول الحلف الـ19 ناقشوا مقترحا للأمين العام للحلف اللورد جورج روبرتسون ينص على تراجع كل من بلجيكا وفرنسا عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مقابل التغاضي عن اثنين من المطالب الأميركية التي تقدمت بها واشنطن منتصف يناير الماضي.