المندوب البريطاني بمفاوضات ماشاكوس بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية: الاتفاق بأن تكون الحدود الجغرافية للجنوب هي حدود 1956

TT

ضاقت الصالة 11بمجلس العموم البريطاني امس بالحضور والى اخر مقعد فيها، تلبية لدعوة محدودة من السفير البريطاني السابق الان غولتي ومبعوث الحكومة البريطانية لمفاوضات ماشاكوس بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، لتحرير السودان، فيما كشف غولتي الذي كان سفيرا لبلاده بالخرطوم عن الكثير مما دار في كواليس الاجتماعات عبر التنوير الذي قدمه للحضور.

الى ذلك اوضح غولتي ان جديد الجولة الاخيرة من المفاوضات بين الطرفين جاء في تحملها لاول مرة مسؤولية المضي بالمناقشات وجها لوجه ومباشرة، دون تدخل من الوسطاء في قضيتي الثروة والسلطة، مثلما جاء الجديد الاخر في انضمام نخبة من كبار ضباط الجيش السوداني للمفاوضات وتأمين المؤسسة العسكرية السودانية على دعمها الكلي للسلام.

الى ذلك كشف غولتي ان الطرفين قد اتفقا على ان تكون الحدود الجغرافية للجنوب هي حدود عام 1956 عام استقلال السودان، وان ظلت عقبة مناطق ابياي وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق قائمة بين الطرفين ولكنهما قررا مناقشتها في ابريل (نيسان) القادم على ضوء تحديد القضايا التي سيتم نقاشها بشأن تلك المناطق ورأي ساكنيها وبعض الخيارات والحلول الممكنة.

من ناحية اخرى كشف غولتي ايضا ان الحكومة تريد للجنوب بعد الاتفاقية ان يبقى على تقسيمه الحالي الذي استحدثه نظام الانقاذ، اي عشر ولايات، فيما يصر وفد الحركة الشعبية على اعادته الى تقسيمه القديم المكون من ثلاثة اقاليم هي اعالي النيل وبحر الغزال والاستوائية.

وعلى الصعيد النظري الداعم لاهمية هذه المفاوضات قال المندوب البريطاني اليها انه يجب التنبه الى اننا وجب ألا نتوقع ان السلام سيحل كل مشاكل السودان في مقابل التيقن من ان ايا منها لن يجد حلا بغير سلام، وكل ذلك في مقابل ان ايا من الطرفين لا يملك بديلا افضل من السلام مما جعله ضرورة وليس اختيارا، واشار هنا الى خطوة تجديدهما لوقف اطلاق النار لفترة جديدة.

وفي تعليق لاحق لمقدمة التنوير اوضح المندوب البريطاني لمفاوضات ماشاكوس انه يؤكد وبعد عودته الاخيرة قبل يومين من المفاوضات على تفاؤله المفرط وانه يتوقع ان يسأل من الحضور.. لماذا؟ ليقول: ان استمرار المحادثات والدعم العالمي والاقليمي لها بين الاسباب، واضاف: ولكننا يجب ان نتيقن ايضا من ملابسات اخرى بينها ان الاتفاق القادم في السودان ليس من نوع الاتفاقيات التي ينتهي الامر فيها بتوقيعها، ومن هنا ومن معرفة الشركاء في «الايقاد» بهذه الحيثية انخرط الاتحاد الاوروبي في دعم توجهات قائمة لاعداد ورقة استراتيجية السودان بعد توقيع الاتفاق، فيما قررت حكومة بلاده ان ترفع الدعم للسودان بعد توقيع الاتفاق الى الضعف اي لحوالي 10 ملايين جنيه استرليني، ليتماشى كل ذلك مع دعمها الحالي لجبال النوبة وسكرتارية «ايقاد»، وتزويد المفاوضات بخبراء بريطانيين وتمويل ورشات عمل في الخرطوم ورمبيك لجهة اثراء تبعات واستحقاقات المفاوضات حاضرا ومستقبلا. وكشف غولتي ان اجتماعا للدول المانحة ربما يلتئم في ابريل القادم لمواجهة استحقاقات تطبيق الاتفاق اضافة الى جهود مماثلة من الامم المتحدة.

وعلى صعيد التطبيق ايضا، اعلن غولتي ان قضية تعديل الدستور واجراء الانتخابات مع الفترة الانتقالية، وقد اوشك الطرفان على الاتفاق حولهما، تحتاجان الى مشاركة كل السودانيين ، واضاف، انه مثل هذه الحاجة كان اجتماعه بوفد من التجمع الوطني الديمقراطي المعارض في نيروبي، مثلما اجتمع به رصيفُه الاميركي.

يشار الى ان غولتي كان قد اتاح للحضور القاء بعض الاسئلة والتعليقات التي تصدى لها ناشطون من جنوب السودان في غالبها واشاروا الى قضايا مثل تغييب المرأة عن المفاوضات فيما اشارت متحدثة في هذا الاتجاه الى ان تمثيل ناشطي حقوق الانسان فيها سيكون اكثر فائدة من تمثيل المرأة نفسها حين لا تتوفر لها الاحاطة بتبعات قضية معقدة مثل السلام، واشارت نفس المتحدثة في غضون ذلك الى قضية الرق وضرورة مخاطبتها، وقد اوضح لها المندوب البريطاني ان القضية مثارة اصلا ولكن قضايا الاختطاف تحتاج الى اثباتات.

الى ذلك سأل ناشط بريطاني عن انتهاكات الحكومة السودانية للاتفاق المبدئي بتوغلها في مناطق الحركة الشعبية، عبر شق طرق برية في مناطق الحركة، فاجابه المندوب البريطاني ان الاميركيين قد تدخلوا في هذا الشأن وان الحكومة قد سحبت الياتها.

في المقابل اشارت احدى المتحدثات من جنوب السودان الى ان الجنوب ليس متجانسا بما يوحي الى وقوعه في مشاكل بعد الاتفاق فيما اعترض جوزيف لاقو الحاكم السابق للاقليم الجنوبي ونائب رئيس الجمهورية، ابان حكم الرئيس السابق نميري على سعي الحكومة لاعتبار الجنوب 10 ولايات وقال مخاطبا غولتي: قل لهم ان يتركونا لوحدنا وان يبقى الجنوب 3 اقاليم.

من جهته اكد غولتي في ختام مداخلته ان مفاتيح الختام منه الى الحضور هي ان السلام هو الخيار الافضل والاؤحد وان التقدم تجاهه يتواصل الان لتبقى مهمة ضمانه هي واجب المرحلة القادمة.