أنقرة تشدد على الطابع «الودي» للمساومة مع الأميركيين وواشنطن تلمح إلى احتمال تعديل عرضها من دون زيادة قيمته

TT

حرص أمس رئيس الوزراء التركي عبد الله غول على وصف أجواء المحادثات المتواصلة بين انقرة وواشنطن حول نشر جنود اميركيين في الاراضي التركية بأنها «ودية» في وقت لمحت فيه واشنطن الى استعدادها لتعديل نسب مكونات مساعدتها الموعودة، والمقدرة بـ26 مليار دولار، من دون زيادة حجمها.

وفي تصريح اعطاه لدى وصوله الى مطار اسطنبول قادما من انقرة قال غول «ان اللقاءات بين الولايات المتحدة وتركيا تتواصل في اجواء ودية». واضاف ان المحادثات تجري ايضا في جو «من الثقة المتبادلة والتفهم لدواعي قلق الطرف الآخر». وقال ان الاميركيين «يتفهمون» اسباب قلق تركيا وان تركيا ايضا تتفهم اسباب قلق الاميركيين.

وحرص رئيس الوزراء التركي على تبديد الانطباع عن وجود ازمة مع واشنطن، مذكرا بأن «العلاقات التركية مع الولايات المتحدة مهمة جدا وعميقة جدا ولذلك ثمة تفاهم متبادل». واضاف «عندما ستنتهي المحادثات، سأطلع الجميع على نتائجها».

ومن جانبه اعرب ياشار ياكش، وزير الخارجية التركي، عن اعتقاده بأن الخلافات بين انقرة وواشنطن يمكن حلها في الوقت الذي يناقش فيه الجانبان امكانية نشر قوات اميركية في الاراضي التركية تحسبا لنشوب حرب في العراق.

وقال ياكش لشبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية الاميركية «اعتقد اننا سنتمكن من تخطي الخلافات ونتوصل الى موقف مشترك نتفق عليه». لكنه صرح بأن هناك قضايا معلقة في المجالات الثلاثة المطروحة للنقاش وهي المجالات العسكرية والاقتصادية والتعاون السياسي.

وتجري مفاوضات بين الولايات المتحدة وحليفتها تركيا، عضو حلف شمال الاطلسي، حول استخدام القواعد التركية والمنشآت العسكرية الاخرى في حرب محتملة ضد العراق. وتعثرت المحادثات بعد ان طالبت انقرة باتفاق مكتوب وضمانات رسمية للحصول على مساعدات مالية سريعة وتحديد دور الجيش التركي في الحرب.

وفي واشنطن لمحت الولايات المتحدة أول من أمس الى استعدادها لتعديل مسألة صفقة معونات اقتصادية لتركيا للخروج من مأزق مع حليفتها في حلف شمال الاطلسي بشأن استخدام القوات الاميركية للقواعد العسكرية التركية في حرب محتملة على العراق.

والعرض الذي قد يشتمل على تعديل نسب مكونات الصفقة البالغة قيمتها 26 مليار دولار من دون زيادة حجمها قد يساعد في انقاذ خطط الولايات المتحدة لارسال ما يصل الى 40 الف جندي الى تركيا لاستخدامهم في غزو محتمل للعراق من الشمال.

وقال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية «هناك سبل مختلفة لاستخدام المال لإحداث نتائج اقتصادية مختلفة». واضاف : «ما نحاول القيام به هو العمل مع الحكومة التركية لنوضح اننا نستطيع مساعدتهم من خلال سبل مختلفة غير مرتبطة فحسب بكميات معينة».

وقال كولن باول وزير الخارجية الاميركي للصحافيين ان عرض المعونة الذي يشمل منحا قيمتها 6 مليارات دولار وضمانات قروض تصل الى 20 مليار دولار هو «اقصى ما تستطيع اميركا تقديمه».

وقال باول متحدثا للصحافيين وبجواره جورج روبرتسون الامين العام لحلف شمال الاطلسي في مقر وزارة الخارجية «موقفنا ثابت في ما يتعلق بنوع المساعدة التي نستطيع تقديمها بالنظر الى المستوى. قد تكون هناك بعض الاشياء الخلاقة الاخرى التي نستطيع عملها لكن هذا المستوى هو حدنا الاقصى».

وترفض تركيا العرض حتى الآن وتطالب بالحصول على ما يصل الى 32 مليار دولار معونة، منها 10 مليارات منحا، والاحتفاظ بحرية تقرير كيفية انفاق هذه الاموال. وقال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الاميركية ان واشنطن اخبرت انقرة انها تريد ان تعرف بحلول نهاية الاسبوع ما اذا كانت تركيا ستقبل صفقة المعونة الاميركية وتسمح بدخول ما يصل الى 40 الف جندي اميركي الى الاراضي التركية.

وبالاضافة الى مميزات الإعداد لهجوم على العراق من الاراضي التركية، فان دعم تركيا الايجابي للحملة على الرئيس العراقي صدام حسين قد يعطي الولايات المتحدة دعما من حليف اسلامي في حرب يصفها كثيرون في الاقليم بأنها حرب صليبية على الاسلام.

وتنتظر تركيا اصدار اعلان حول التاريخ الذي سيبت فيه البرلمان في مشروع قرار يسمح بنشر جنود من المشاة الاميركيين في تركيا.